الشمس تدخل من النوافذ بخجل، والبيت لا يزال صامتًا. الساعة تشير إلى السابعة تمامًا. يُفتح باب غرفة أشهم بدقة، يخرج بخطوات منتظمة، ينزل الدرج بثبات، وكأن الأرض تحفظ وقع قدميه. يرتدي ملابس داكنة كما العادة، مظهره مرتب، صارم.
(بعد دقائق، يُفتح باب غرفة ربى بهدوء، تخرج بشعرٍ مبعثر ووجه نصف نائم، ترتدي بيجامة بسيطة، وتحاول أن تتصرف بتلقائية رغم أنها تشعر بالترقب.)
ربى (بصوت ناعس، تحاول التخفيف من حدة الصباح):
صباح الخير...أشهم (دون أن يلتفت، وهو يفتح خزانة المطبخ):
فطورك خلال 10 دقايق.
بعدها تروحين تنظفين المكتبة.
ولا تنسي ترتبين كراسي الصالة، ما أحبها تتحرك عن مكانها.ربى (ترمش باستغراب، تقترب بخطوات بطيئة):
أوه... صباح مليء بالتوجيهات، كأننا بمعسكر.أشهم (يلتفت لها للحظة، نظرة سريعة ثم يعود للثلاجة):
ما فيه شي اسمه "صباح لطيف" في بيتي... فيه نظام.ربى (بهمس ساخر، بالكاد يُسمع):
نظام ولا سجن؟أشهم (بنبرة حادة دون أن ينظر لها):
سجلي تعليقاتك في دفترك، مو هنا.(تتجمد للحظة، لكنها لا ترد. تقترب من الطاولة، تجلس، تبدأ بتقطيع قطعة خبز أمامها، بصمت.)
أشهم (يجلس مقابلها، يضع فنجانه أمامه، ثم يرفع عينه نحوها):
وإذا عندك خطة تهربين من المكتبة اليوم، انسَي.
اليوم تنظيف كامل... وبدقة.ربى (بابتسامة باهتة تحاول أن تُخفي بها ضيقها):
تمام، سيدي القائد. عندي مكنسة وشجاعة.أشهم (يرشف قهوته ببطء، لا يبتسم، لكن صوته أقل حدة):
التهكم مو أسلوب ناجح في هذا المكان، ربى.ربى (بهمس واضح، تنظر في عينيه):
والقساوة... مو وسيلة تخليني أفهمك أكثر.(يصمت. لم يتوقع الرد، لكنه لا يُظهر انزعاجه. فقط يكمل فطوره بهدوء عسكري.)
أشهم (بعد لحظة، بنبرة باردة):
بعد ما تخلصين، بتلاقيني في الحديقة. عندي شغل.
وإذا احتجت شي... لا تزعجيني بصوت.ربى (تنظر له بتعجب حقيقي هذه المرة):
طيب... فهمت. أوامرك سيّدي.(يقف بهدوء، يحمل فنجانه، ويتجه نحو الباب الخلفي المؤدي للحديقة. يخرج دون أن يودّع. ربى تتابعه بنظراتها، تحاول أن تفهم: هل هذا عقاب؟ أم حماية؟ أم شيء لا تعرفه بعد؟)
ربى (تهمس لنفسها):
يا رب أفهمك يوم... قبل ما أضيع فيك.ربى تكنس الغبار عن الرفوف الخشبية العتيقة. عيناها تلمعان كلما مرت أصابعها فوق كتاب قديم، وكأنها تلمس كنزًا. تتنفس بعمق رائحة الورق، وتبتسم لنفسها رغم التعب.
ربى (بهمس، وكأنها تخاطب أشهم دون حضوره):
تظن إنك تعاقبني؟
كم أنت غبي يا أشهم...
الكتب عشقي، وأنا هنا أتنفّس...
لكنك ما تعرف، لأنك طول الوقت تراقب ولا تسأل.
