الفصل السادس

6.2K 155 3
                                    

خادمة في قصر الفهد - الحلقة الثامنة

سألته ملك وهي تنظر إليه ومكشرة:

"أوعى تكون عملت فيّا حاجة، أقسم بالله العظيم ما هيكفيك عمرك."

ابتسم فهد:

"اعمل إيه يا مصيبة؟"

وَمسك يدها وغمز بعينه:

"أنتِ الّلي جيتِ من بلدك بالحالة دي، والدكتور قال إنّك شربتِ حاجة وخليتكِ تسخني وتتعبّي."

كانت ملك هتنطق وتفضحه، وقالت:

"بلد إيه؟ آه تقصد بلدي، بس أنتَ الّلي خلّيتني..."

وقبل ما تُكمل حديثها، جاءت أسماء واقتربت منها وحضنتها وقالت:

"حبيبتي ملك، أنتِ كويسة؟ آسفة إنّي أتأخرت عليكِ."

نظرت لها ملك وهي بتسألها:

"هو أنتِ مين أنتِ كمان؟ وعرفتِ اسمي إزاي؟ أنا ما كنتش أعرف حد اسمي..."

وجاءت تكمل قصتها، لكن فهد ضغط على يدها جامد عشان تسكت، فصرخت وقالت:

"متحاسب! هو أنتَ ماسك إيد بهيمة؟"

ضحك فهد وفكر لازم يهديها لكن بطريقة غير مباشرة قبل ما تحكي أمام فارس، وكان بيلقح كلام على أسماء بطريقة غير مباشرة وقال:

"واضح بنت خالتك يا أسماء، لسانها طويل ذيك وبروية ومش بيدمر فيها المعروف، ومش هتعرف تعمل حاجة غير الرغي بس، وأنا شايف ترجعيها مطرح ما كانت يكون أحسن."

شهقت ملك وخافت وقالت:

"لا، مش عاوزة أرجع، وأنا شاطرة على فكرة، وأعرف أعملك أكل عمرك ما تدوقته."

وقف فهد يتحدها ونظر لها:

"أنتِ بوق بس، ومن يوم ما جيتِ مشوفتش منك حاجة، لو عاوزة أصدقك، روحِ حضري الفطار مع أسماء، ولو الدكتور فارس عجبه الفطار وقتها، إقراري تقعدي أو تمشي."

قامت ملك من على السرير وقالت:

"هتشوف، يلا يلا، اسمك أسماء، تعالي وريني المطبخ فين بدل ما أخينا يقلب على أمّي."

وقبل ما تخرج، وقفها فارس وهو بيكلم فهد وقال:

"إيه يا عم؟ خلي عندك رحمة، البت لسه مفقتش، عشان تخليها تروح على المطبخ على طول، كده من أول ما تفتح عينها."

ونظر لها وقال:

"ارتاحي أنتِ."

اقتربت ملك من فارس، وهو كان يظن أنّها سوف تشكره، لكن صُدمه عندما سألته:

"هو أنتَ بتتكلم عنّي أنا، ولا حد تاني؟"

ابتسم فارس بفخر، كان فاكر إنّه فعل معها معروف وسوف تشكره وقال:

"أنتِ طبعا، مش أنتِ الّلي كنتِ تعبانة."

سألته مرة ثانية وقالت:

"يعني أنتَ قلتِ ليّا "بت" صح، ولا أنا بتخيل؟"

استغرب فارس من سؤاله ورد:

"آه، كان قلبي عليكي، مش عايزة تقومّي وأنتِ تعبانة."

(بقلم صفاء حسني)

شهقت ملك وقالت:

"بت؟ لما تبتك، أنتَ متأكد إنّك دكتور؟ في دكتور يقول لمريضة عنده "بت"؟ وسّع كده من طريقي يا أخ، أنتَ..."

كان فارس مزهول ومصدوم وقال:

"أخ يا مجنونة، والله العظيم، فهد عنده حق."

طلّعت لسانها ليه وقالت:

"جن لم يجنّنك ويطلع عليك وأنتَ نايم."

وَمسكت إيد أسماء وقالت:

"يلا يا اللي اسمك إيه أنتِ، نعمل الفطار ونثبت للباشا الوسيم إنّنا شاطرة."

كان فهد يموت من الضحك، رغم إنّه حافظ أسلوبها، لكن ضحكه على شكل فارس وهو فاتح بوقه، وبعد كده سأله:

"هي مين البت دي؟"

سمعت صوته فردت من بعيد وهي بتقوله:

"سماعك يا أخ أنتَ، إيه تقول "بت" تاني؟ مفهوم، والّا عقابك مش هتفطر."

اتجنّن فارس وخرج وراها وهو بيجري وراها.

وكان فهد يموت من الضحك.

وقفها فارس وقال:

"مين ده اللي مش هتفطري؟ أنتِ فاكرة نفسك إيه؟ أنتِ مجرد خادمة، ومش عشان فهد قلبه أبيض تروح تقلي أدبك كده."

اقتربت منه ملك وقالت:

"أنتَ بتتكلم بجد، والكلام ده كله ليا صح، والّا أنا سمعي تقيل؟"

نظر لها فارس، مكنش عارف يقول إيه، وضحك ورد:

"لا، سمعك ١٠٠ على ١٠٠، وواضح إنّك بوق ومش بتعرفي تعملي حاجة غير الكلام، رجعيها يا أسماء مكان ما جاءت."

نزلت دموع ملك وهي مرعوبة وخايفة وقالت:

"أرجوك لا، عشان خاطري، أنا بهزار والله يا باشا، قول "بت" عفريت أزرق على عين اللي جابوني وهخليك تاكل، متزعلش."

...

واقتربت من فهد اللي خرج يتفرج عليهم، ولما شاف دموعها مكنش عارف يعمل إيه، لمجرد فارس بيهزار أترعبت، يا ترى حكايتك إيه يا ملك؟

اقتربت منه وقالت:

"أنتَ بتحب تفطر إيه؟ أنا شاطرة وبخدم نفسي من زمان، ومش مشكلة أكون خادمة، لكن أوعى..."

قطع فهد حديثها لانه عارف إنّها عملت المستحيل عشان تحافظ على شرفها وخايفة ترجع يضيع بجد منها، وربط على كتفها وقال:

"الّلي تعمليه يا ملك، لكن بسرعة كفاية رغي، احنا هنموت من الجوع."

مسحت دموعها ملك وقالت:

"عيوني فوريرة، بس بلاش تقول كلمة الموت ده أرجوك..."

...

*بالتأكيد!  إليك النص المُعدّل:

دخلت ملك مع أسماء وسألتها: "عندك إيه؟"  وجرت بحماس على الثلاجة.

وقفت أسماء وقالت: "قبل ما تبدأ في أي حاجة لازم أبلغك تعليمات الباشا فهد."

استمعت لها ملك وقالت: "مين الباشا فهد؟"

نظرت أسماء لها بغيظ لكن فرحت أنها متعرفش اسمه، يعني مش بترسم على زي بقى البنات، وأكيد أنقذها من مصيبة وقالت: "إنتِ مش عارفة اسم الشخص اللي هتخدميه؟  إنتِ مشكلة."

ركزت شويه ملك وقالت: "تقصد الباشا الوسيم؟  تمام، أحكي أنا سامعاكِ."

بدأت توضح أسماء: "أولًا، متكلميش قدام حد إنتِ جاية من فين أو إيه اللي حصل وخصوصًا قدام الدكتور فارس.  ثانيًا، متعترضيش على أي كلمة يقولها. ولو اتعصب أو غضب قولي حاضر، مفهوم؟"

كانت أسماء تتحدث وكانت ملك بتعمل الأكل وبتقطع السلاطة وبتعمل بيض بالبسطرمة وبيض مقلي ومسلوق وحمرت بطاطس وسألتها: "عندك سجوق عشان بيكون تحفة."

فتحت الثلاجة وشافت لفة فرحت وبدأت تجهيزها.

انصدمت أسماء من سرعتها وقالت: "إيه اللي بتعمليه ده؟  الباشا أكله صحي ومش كل ده."

لم تستمع لها ملك وجهزت الطعام كله وبدأت تحضره على السفرة وقالت: "الأكل جاهز يا باشا."

جاء فارس وهو جعان ويبتسم وقال: "أخرين أنا جعان أوي.  إيه التأخير ده كله؟"

نظرت له ملك بغيظ وقالت: "تأخير والله العظيم!  أحلف إنّك متكُلوش."

اتنهد فارس وقال: "خلاص بقى.  ميكنش قلبك أسود.  أنا بالفعل جعان." ومدّ إيده على الأكل.

ضربت ملك على إيده وقالت: "استنى لما الباشا الوسيم يجي."

اتنهد فارس وقال: "أنا كمان وسيم على فكرة.  والا إنتِ مش شايفة إلا هو؟"

نظرت له وقالت: "وريني كده." وبدأت تركز في ملامح وجهه.

على قدوم فهد وكان يشعر بالضيق ولكن لم يتحدث.

انتهت ملك وقالت: "تصدق اه فيكم شبه من بعض، لكن هو بردو الباشا الوسيم."

ابتسم فهد وقال: "يلا ناكل.  ولازم تقيم الأكل يا فارس.  أنا شرط إنّ لازم يعجبك."

بدأ فارس ياكل ويمدّ يده في طبق خلف الآخر.

"الله!  إيه الأكل الجميل ده؟  أنا مكنتش متصور إنّك شاطرة كده زي ما بتقولي."

ابتسمت ملك بخجل وقالت: "عشان بس حضرت الباشا الوسيم يعرف إنّي شاطرة.  أرجوك أقبل بقي إنّي اشتغل عندك."

نظر لها فهد دون أن ينطق وأكمل طعامه.

بدأ يتكلم فارس ويمدح في أكلها ويضحك معها ويسألها ازاي اتعلمت تعمل الأكل.  لكن ملك تركته، اقتربت من فهد وهي بتسأله: "إيه يا باشا؟  هو الأكل مش عجبك؟"

ردّ فارس قبل ما فهد ينطق: "صدقني أكلك حلوة جدًا."

نظر له فهد وكان يشعر ببعض من الضيق وهزار فارس المتكرار وإصراره يعرف كل حاجة عن ملك وتحدث بلهجة قريبة من العصبية: "مش عشان حنت عليك تفطري معنا، تبقي تفضل تطببلها.  كل وانت ساكت وده مجرد فطار وتجربة.  أم في الغداء التقيم وبعد كده أحكم.  وفي قائمة من الأكل هتقوم بعملها، تمام؟"

اتنهدت ملك بحزن وزهقت من أسلوب التهديد وقالت: "ولو مش عجبك هترجعني صح؟  بلاها الموضوع خلاص.  شوف يا باشا أنا ممكن أرجع
اقتربت أسماء وطلبت منها أن تَجِي معها، وهي اتفهمها كانت هتجنن من لهفة فهد عليها، وشعرت أن فهد شاف في ملك نفس حركتها اللي كانت بتعملها زمان، وخايفة لِ يقع في حبها، وقالت: "يا ملك، الباشا قال في قائمة بكل الأكل والمواعيد."

كانت ملك لسه بتتكلم: "هو ليه الباشا بياكل زفت؟"

في وسط الضحك سألها فارس: "هو إنتِ أنقذتها من إيه علشان كده بتتحكم فيها؟"

قام فهد من على السفرة وقال: "لو هترجع تقعد بلاش أسئلة كتيرة، مفهوم؟  واه بلاش الهزار الكتير مع ملك، هي مجرد خادمة، فبلاش تعطيها ريق، مفهوم؟"

نظر له فارس بتعجب وقال: "سبحان الله، دلوقتي عرفنا الفرق ما بين الخدمة والمقام، والا الدرس كان قاسي أوي، بس فاضل تتغير.  ولسانك الطبش ده بطل رمى رصاص."  ثم ضحك وقال: "لكن تصدق بيه أنا فرحان إن وقعت فيها، هتجيب حق.  واه متنساش تروح تقولها هتاكل إيه لِ تسافر بلدها تجيب ليك زفت وترجع."

كتم فهد ضحكته وتركه واتجه نحو المطبخ.

كانت ملك لحظت أسلوب أسماء وشروطها وتعليماتها، وحست أنها مخنوقة وبدأت تعيط.

استغربت أسماء وسألتها: "يا بنتي بتعيطي ليه؟  بس ما أنا شرحت ليك إنّه لم بيغضب لازم متجدليش كتير، هتبقي تسأل عن الزفت."

ردّت ملك: "أغلط فيّ؟  أنا عمري ما بقصد أغلط في حد، وعارفة لساني هو السبب اللي وصلت ليه وفهمي قال بنفسه كده."

سألتها أسماء: "مين فهمي ده؟  حبيبك؟"

عيطت ملك وقالت: "لا طبعا، أنا عمري ما كنت أبص ليه.  ابن الجزمة بيكون عشيق مرات عمي واشتغلني ابن..."

قطع حديثهم فهد بصوت مرتفع وقال: "إنتِم هتفضلو ترغو؟  ومين يشيل الطفح اللي على السفرة؟"

اعتذرت أسماء وقالت: "أسفة يا باشا، أنا رايحة اهو، تعالي يا ملك."

رفض فهد ومسك إيد ملك وقال: "لا، ملك هتيجي معايا."

كانت ملك مرعوبة وخايفة وبتعيط: "أرجوك اوعى ترجعني."

تابع...

خادمة في قصر الفهد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن