الفصل السادس

159 60 33
                                    

الأيام الربيعية تمضي بتمهل كأنما تتعلق فيها الأرض منتشية بجمال اجوائه الدافئة وحيويته المنعشة
صباح يوم اجازة تناغم فيه حفيف الشجر الخفيف مع هدوء ضوضاء المدينة بينما تسللت اشعة الشمس الى غرفة تلك النائمة مصاحبة مع صوت صفير المنبه لتستيقظ بكسل
اطفأت منبه هاتفها ونظرت الى الساعة بعينيها الناعستين قبل ان تصيح بأعلى صوتها وتفزع من مكانها الى دولاب ملابسها
اخرجت ثوبها الذي اعدته في الأمس واسرعت الى المرحاض لتستحم على عجل ؛ وحال ان انتهت من ارتداء ملابسها وتأنقت جيداً سرحت شعرها وتركته حراً على اكتافها ثم نزلت الى الأسفل بخطوات متسارعة تعلق حقيبتها السوداء على كتفها

قابلتها السيدة عند مطلع الدرج لتسألها بتعجب : الى اين تذهبين في هذا الصباح الباكر فاليوم اجازة !!

تمهلت بخطواتها لتتكلم من بين انفاسها : لدي معرض مهم وقد تأخرت ؛ يجب ان اغادر الان

انحنت لها باحترام واسرعت نحو سيارتها ؛ لتتأكد من صندوق حاجياتها التي تلزمها من اجل المعرض ثم اخذت مكانها لتدير المحرك
مرة ؛ مرتين دون جدوى ؛ مهما حاولت فلم يعمل محرك السيارة مما جعلها تزفر انفاسها بغيظ وهي تترجل منها

جرت بسرعة نحو الشارع بيأس تنتظر سيارة أجرة لتقلها دون فائدة ؛ الوقت باكر وهو يوم الاجازة مما يجعل الشارع شبه خالٍ من السيارات
ولما تمكن منها اليأس ونظرت الى ساعتها أدركت انها لا تملك خياراً اخر سوى اللجوء اليه !

عادت تجري بسرعة لتسأل السيدة عنه فأخبرتها انه لازال نائماً ؛ لم تجب على تساؤلات السيدة عما يحدث لها وتابعت طريقها مسرعة اليه
طرقت الباب عدة مرات ولما لم تجد منه اجابة فتحته لتدخل اليه ؛ وجدته ينام في سريره بهدوء ولا يبدو ان ما احدثته من جلبة بطرقها للباب قد ازعجه !

تقدمت منه وهي تنادي باسمه دون جدوى فلم يحرك ساكناً مما جعلها تقطب حاجبيها بتعجب قبل ان تفر من بين شفتيها ضحكة خافتة على نومه الثقيل !
وجدت نفسها مجبرة على الاقتراب منه اكثر حتى اصبحت فوق رأسه ؛ أرسلت نظراتها اليه تتأمل تقاسيم وجهه الوسيم بشكل مفرط ؛ عينيه النائمتين كأنهما حمامتا سلام في فضاء كوني يجمع ملامحه
شعره الأدهم وأنفه المستقيم وشفتيه المنفرجتين قليلاً لتعبر من خلالها انفاسه ؛ ومع كل نفس عابر تتأرجح تفاحة ادم في عنقه كأنها تحاول اغواءها لتترك عليها قبلة تتشرب فيها دفئ عروقه ..

ابتلعت جنون افكارها تلك وحاولت التقاط ذرات الهواء وهي تشتت نظراته عن ملامحه فوقع بصرها على صورة زوجته التي أوقعتها من قبل وهي موضوعة فوق كتاب على المنضدة بجانبه لتتنهد بسكون
ما الذي كانت تفكر فيه لتوها ؛ هو رجل لامرأة اخرى حتى وفاتها لم تكن كافية ليقصيها من قلبه فما الذي تهذي به ؟!

" وَهَج " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن