ربى مستلقية على أريكة قطنية قرب النافذة، وجهها شاحب قليلاً ولكن عيناها فيهما نور الضحكة. البطانية تغطي نصف جسدها، إلى جوارها الجدة، وبنات العم، ثم يدخل صقر لاحقًا.]
ربى (بصوت خافت لكنه مرح):
أين أنتم جميعًا؟!
هل كنتم تظنون أن المرض سيكسرني؟
بل أنا من يكسر الملل حتى في سرير المرض!الجدة (ترفع حاجبيها بتصنع الغضب):
وها قد بدأتِ في الثرثرة كعادتكِ،
أما آن لكِ أن ترتاحي؟!ربى (تبتسم وتتوسّد ذراعها):
وكيف أرتاح وقد اشتقتُ لصوتكِ وأنتِ توبخينني؟
اشتقتُ حتى لغمزتكِ التي تسبق العراك!الجدة (تتنهد):
يا بنتي، والله لو لم أكن أحبكِ لما صبرتُ على لسانكِ الطويل!ربى (تضحك بخفة):
أعلم يا جدتي، وإن كنتِ ترفضين الاعتراف،
فأنا مصدر البهجة في هذا البيت، أليس كذلك؟!ريام (من بنات العم):
بل مصدر الإزعاج أيضًا،
لم يمر يوم منذ مرضكِ إلا وقلقنا عليكِ،
والآن ها أنتِ تمازحيننا وكأنكِ خرجتِ من سباق، لا من مستشفى!ربى (بفخر مصطنع):
الحياة لا تنتظر،
وإذا لم أضحك، فمن يضحك؟ أنتم؟ أنتم تبكون حتى في حفلات الزفاف![ضحكة جماعية تعمّ المكان، وفجأة يدخل صقر وهو يحمل كوب قهوة ويجلس على طرف الأريكة المقابلة.]
صقر (يرفع حاجبه):
يا سبحان الله، لم تسلم منكِ حتى الأسرة البيضاء!
ظننا المرض سيجعلكِ هادئة، فإذا بكِ تقلبين البيت رأسًا على عقب!ربى (تبتسم له بخبث):
صقر…
ما جدوى المرض إذا لم يُستخدم لطلب الدلال؟
ثم من قال إنك ستسلم مني؟
أنت بالذات، لديّ معك حساب طويل من السخرية المؤجلة.صقر (يضحك):
إذن سأطلب من الطبيب أن يعيدكِ إلى غرفة العناية!
ربما يخمد طاقتكِ قليلاً!الجدة (تهز رأسها):
أقول لكما، هذه البنت شيطانة،
لو خُيّرنا بين مرضها وصمتها، لاخترنا ضجيجها حتى وهي تتألم.ربى (تهمس للجدة):
يا جدتي…
ما دام صوتكِ حولي، فحتى الألم يتراجع.ريام (تتأثر وتبتسم):
ربى…
أنتِ وإن أتعبتنا بخوفكِ علينا،
إلا أنكِ نورتِ قلوبنا برجعتكِ.ربى (بنبرة عاطفية):
أنا لا شيء من دونكم…
وكل ضحكة فيكم… دواء.صقر (يرفع كوب القهوة ويقول ممازحًا):
إذن، نخب الشفاء يا سادة،
ولنحمد الله على أن ربى عادت…
بلسانها الطويل، وقلبها الكبير!الجميع (يضحك بفرح):
هههههههههههه!ربى (وهي تغلق عينيها بهدوء):
ابقوا قربي دائمًا…
فالضحكة التي لا تشاركوني بها، لا أريدها.
