109

194 6 0
                                    

حسناء مهووسة بالنظافة اليوم لم تلمس شيء في البيت ! طول في دوامه وتوقع استقبال حافل مثل العادة لكن استغرب من هذا السكون !
فجأة صارت خلفه وصوتها وصل مسمعه : جابر
لف لها ليراها بثياب مبتلة : كنت اعاون ام عتيق غسلنا الحوش لعزيمة بكرة
جابر : طيب طيب
رمى ثياب العمل وجلس على المركى وهي جلست قريب منه شغّلت الشاشة وهو امتدت عينه لها داهمها بسؤال لم يكن بالحسبان لكن جوابها له جاهز من سنوات : ذا الحين العرب مدهره يشيلون ويحطون للعيد ، ثياب من البيوت خارجة وثياب للبيوت داخله وانتي وينش من ذا العرب؟
ابتسمت بسخرية : مالقيت الثوب اللي ازهاه ويزهاني ماهو بس للعيد لحياتي كلها !
جابر بصدمة رد بسؤال: يعني ماتستاهلين بإختصار
هزت رأسها وهو انتفض مين اللي يوصل لمرحلة يكره فيها نفسه ويصغرها لهذه الدرجة ليرد : من اللي تهون نفسه عليه ليه وصل للدرب المهين ذا !
قامت ونيتها للمطبخ لكن مو هروب ردت بسرعة :أنا ، وبسرعة أكبر قالت : احط لك الشاهي هنا مثل العادة والا بالدكة ؟
تجاهل سؤالها وقلبه ينتفض والفضول تعاظم بداخله أي حياة عاشت لتصل لمنعطف مليء بالكراهية لذاتها ولشخصها فز وراها للمطبخ لكن قطعت طريقه : لاتسأل كثير قريت الفضول من عينك لكن فضولك ماله جواب أنا مثلك ضيعت الجواب
مرت دقايق وانتصف براد الشاي وجابر عينه على حسناء المندمجة بمشهد انقلب بسببه وجهها وصارت تفرك أصابعها بنفس الطريقة المؤذية سال الدم ولازالت تضغط ارتفع صوت انفاسها المشهد مريب !
ويبدو ان مواقف طفولتها والتي بالأصل ليست للنسيان يبدو انها تقف بمنتصف حياتها مثل حجر تتعثر فيه كل مرة ، لأن المشهد كان لفتاة بنفس عمر معاناتها تنجبر تلبس فستان وتنجبر تخرج لجنْي المال وتتمايل بجسدها الخالي من مواطن الإغواء
ومع ذلك تتمايل إنقاذاً لجسدها نفسه !
ام ماجد ام ماجد
بهذيان قالت : مايجي مقاسي والله واسع وطويل ماعرف أميّل جسمي ولا اعرف ارقص تكفين تكفين روفي فيني
ام ماجد ام ماجد
رفعت يدينها وصوته مع أصوات الماضي كان حاد وصارخ بالنسبة لها ، غطت أذنيها وهي تتنفس أغمضت وهو شد يديها مسكها والدم اللي من جروح كفوفها صار ملاصق لأصابع يدينه
همس لها بصوت حنون وبنبرة دافئة : ام ماجد مشهد خيالي يزعزع أمانش ويقلب الدنيا على قلبش؟ ،انتهى المشهد افتحي عيونش
حسناء ويديها بين يديه رفعت عيونها المذعورة وهو انتفض قلبه أكثر : لا ماهو خيال واقعنا ماهو خيال فجأة ارتخت يدينها وقالت : الجواب لقيته لنفسي قبل أجاوبك عليه لقيته الحين ، أرواحنا عارية ماتسترها خرقة يسمونها ثوب عيد ، حتى لو كان غالي نستكثره علينا حتى لو الفرحة جادت لو أقبلت وهي تركض لقلوبنا نستكثرها ، مانعرف العطية يوم تجينا على صورة هدايا نستنكرها
الجواب أصعب من السؤال ياجابر ..
حاول يلمها بحضنه لكن هالحضن بتستنكره مثل العطايا والهدايا وصور الفرح اللي تتهادى ناحيتها وقف عاجز وعجزها كان أكبر واليوم بطلاقة أفصحت عن نصف سر من خبايا قلبها رجعت تقفله وصمتت عن بقية أسرارها لأنها تركت الغرفة وهو بقى يجمع حروف الجواب لأنه صعب إستيعابه صعب وحيل ، لأول مرة يتلاشى حقده ، لأول مرة يختنق من أجلها ، ولأول مرة يتمنى يعيش داخل خباياها ويعرف ماضيها ، وأرواحنا عارية لم تمر على قلبه مرور الكرام ...
.
.
ابعدت خطواتهم عن القرية وكل الأماكن اللي كان يألفها سهم كانت خالية منه
جلست بيأس على صخرة وغالب واقف بالقرب منها ، خايف من إنهيارها هو أبداً ماكان مستعد للحظة تبكي فيها على ذراعه وبكت قبل ساعات فقد بسبب هذه اللحظة السيطرة على نبضاته انهيارها القادم وقعه مجهول ويبدو انه ساحق لأنه تبعثر من الآن بسبب ثورة عينيها أمامه، السبب الأكبر انها تحاول تسرق ثغرة ضوء أخضر تنطلق من خلالها لحضنه من جديد : سهم مايحب القرية ويختنق فيها انقطعت فضفصتها لأن اسم سهم لمع بشاشتها قفزت وطالت المكالمة بينهم لتنتهي بدموع من البتول اقتربت من غالب بأثر الدموع بعد مامسحتها بقوة رجعت بوجه جامد لتنطق بصوت بارد : ماتحمل رجع من نفس الطريق يقول راجع مكة خوفي كان على الفاضي وتعبنا كمان عالفاضي ، تحركت بسرعة وهو مستغرب من خوفها اللي انقلب لغضب وبسرعة أكبر منه شد يدها لفت له لينطق بصوت ساخر غلّفه بقسوة يريد اختبارها فقط لأنه يطمع لجواب مدفون بصدرها : لايكون الدموع هذي أسبابها روحته بدون لاتدلينه الطريق أول وبدون لاتطبطب يدينش على كفوفه ؟

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن