117

193 5 0
                                    

ركض وهو يتخبط خرج من البيت بشعره المكشوف بدون مفاتيحه خرج وهو يهرب من صوت جده اللي واجهه بالحقيقة الغايبة عن ذهنه وصار يلقيها على قلب حسناء بقسوة مهينة جداً ..


بعد يومين ..

انتهت رحلة ساري بعد ماتطمن قلبه أن رهاف بخير وبأمان ، قدر يرجع لأرضه وقريته خلع عصبته ونزل عزبته جهز قهوته والنار صار يراقب ألسنتها بسرحان لكن قطع سرحانه لأنه انشد لشيء آخر سيارة الفتاة اللي تصادف معها أكثر من مرة مركونة في الجهة الثانية من الجبل، عقد حواجبه وهو مستغرب كيف تقوى تقطع كل هذه المسافات بمفردها ليه يصادفها دائماً وحيدة !
مشى بنفس خطواته اللي بكل مرة يلتقي فيها معها وكأنه يستمتع بهذا الجنون مغامراته معها يبدو انها طويلة ولن تنتهي !
قرر يسترق السمع مثل كل مرة لكن الشيء اللي استغربه أن حسناء نصف الشهر قدّمت خطواتها اليوم ثالث أيام الشهر ! يبدو أن همها هذه المرة سبق نصف الشهر واكتمال القمر يبدو أنها ذابت ولم تحتمل لأنها هذه المرة تبكي بلا حروف
فقط تبكي لكن ليه سمع كلمات ؟ ليه سمع رثاء بكى من أجله قلبه ! مفردات الفقد تهاطلت على جوفه مثل حمم نار ، بدون وعي منه ضم قلبه النازف بيده وهذه الباكية دكت حصون منيعة قاومتها بدموع دموع فقط !
صوت شهقاتها وصدرها اللي يرتفع من شدة منازعتها لهذا الإنهيار ،يدها اللي إمتدت وهي تشتت هذا الغرق بعشوائية ذاب لها قلبه، ليه اختارت المكان اللي ينعي فيه أحبابه ! ليه اختارت المكان اللي يهرب فيه من دموع الفقد ليه هي بكت وهو كان يجلس لسنوات مانزف نصف دمعه ليه هي صارت أكرم منه وعلاقتها بالمكان ماكانت وطيدة مثله ، يبدو أنها فرّغت مخزون الدمع استخرجت منديل وهو بدوره ابتسم بسخرية كيف يقدر مثلها يمسح نزف قلبه ، بدت له مهمتها أسهل لأنها تبسمت على الفور أرهف السمع لأن صوتها بعد البكاء صار مبحوح وهي بالأصل صوتها مبحوح يضيع وهو يسمعها دائماً :سنين مرت ماكنت أجمع السنين اللي غابت يوم كنتي قدامي، كانت تمر ولا نحس من خفتها ، بعد الغياب صرت أجمع كل يوم من عمري صرت أحصيها يوم يوم ، ثقيلة علي يوم غفت عينش بس ماكنت اظنها بهذا الثقل اللي ماعاد ينطاق يوم بسمة العيد غزت الوجوه وماعدت علي ، كل عام وانتي بخير يمة كل عام وانتي اطهر بسمة واطهر قلب

صد بقوة ليه مرت كلماتها بكل هذه القسوة هرب من العيد متعمد ، هرب من حزنه وهي بكلماتها واجهته بقسوة الحروف اللي عجز ينطقها قالتها بسلاسة ، الرثاء اللي أبكى قلبه نطقت به بعد ثورة الدموع ، أسكتتها لتطلق العنان لأحرف ثقيلة جداً قالتها وهي تبتسم لكن ليه هو ما ابتسم ليه جف ليعود للسيلان لكن أين!
نزف قلبه فاض ، طفرت دمعة دمعة صغيرة بالكاد تحسسها لكن كانت رحمة لأنه وأخيراً حن هذا الجفاف وعجاف الحزن توسطته دمعة دمعه لاتذكر لكن تفي بالغرض ..
أميرة العيد لم تغادر المكان غفت عينها !
تقدم بخطوات ثقيلة همس لها : يابنت
لكن قطعت مسافة طويلة لأجل هذا الإنهيار لم تستيقظ !
امتدت يده لكتفها وبسرعة جذبها لن يتمادى قرر يرجع لخيمته لكن ماذا عنها ؟
بجنون رجع ناحيتها يده اليمين شد بها عنقها والأخرى بقية جسدها وصارت بعيدة عن الأرض تتوسط يدينه غافية لم تشعر بعد
مد يده بصعوبة وفتح الباب وضعها بالمقعد واقفل الباب بعد ما تأكد انها بأمان رجع لناره وعزبته حمل الدلة ومد فرشة قدام السيارة وانقضى الليل وهو يتقهوى ويحرس حرير !
.
.
بيت ضيف الله
تمارا : اليوم عيد ليه عمي الحنون مكشر وجهه؟
رد جابر بتهكم :خلص العيد !
ردت تمارا : لا ثالث العيد ما انتهى عيدنا ماتعودت عليك وانت ضحوك من زمان ، لكن كنت تبسطنا
جابر لم يجد رد فعلاً ملاحظ نفسه احتفظ بإجابته اللي حضرت وأخيراً لم ينطق بها لكن تمارا جاوبت بالنيابة : من يوم مادخلتها بيتك ومكان ذكرياتك وقلبك مو مرتاح ، تحسب اني ماعرفك مو ملزوم ترى تبقيها على ذمتك بإمكانك ترجعها لقريتها وعيالها يبقون هنا بسيطة
استدار بجسمه ناحيتها وناظرها بحدة : تبغين ناخذ الصغار من أمهم ونفرقهم ؟
ضحكت بسخرية : و وين أمهم ؟ جود كبرت وهي ماهي حولها ولا تدري عنها ويوم رجعت نشبت بحلق جدتي صفية والا ماجد متنكد وجهه وحزين والسبب هي وحركاتها الدرامية
جابر لم يروق له حديثها ولا قسوته هي تمارا ما تثمن أحاديثها ولا تهتم لأحد أكملت وهي تشاهد ضيقه : منت ملزوم كل يوم تفرغ وتفش زعلك في وجهها ، اختفت ملامحها من كثر ماتدبغ فيها واحنا شايفين وسامعين !
صد بعينه وهو منحرج

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن