126

194 6 0
                                    

دخلت غزل وهي تضحك بجنون من أختها اللي المواقف الصعبة تخرج ظرافتها والكوميديا السوداء اللي تملكها تمارا بأصعب المواقف تخفف عليها حدتها لكن اللي تجهله غزل شيء كبير ولايمكن تمارا تفضحه والسبب عنادها الغريب بحق نفسها وكبريائها
حملت الدلو الثقيل وهي تتنفس بصعوبة وهذي ثالث مرة تحمله ..
حضر غالب ومد فرشته قريب من العشة ومقابل لشبك الغنم وهو يراقب بمتعة تمارا اللي خضعت لعواقب فعلتها بطواعية بدون أدنى رحمة وكأنه يشاهد فيلم للتسلية
قطعت تسليته غزل وقال : صباح الناس اللي ماهي رايقة
غزل بتهكم : صباح الحبّيبة
رسم على الأرض خطوط عشوائية وهو هايم بقبلة الصباح وبوداعها الرقيق رفع نظارته ورمق غزل بنظرات تفقديه وبعدها قال : الجلسة هنا ماتنفع لش
لتقاطعه : تنفع تنفع دام مصيري مثل مصير تمارا عادي اتحمل مو بس لحالها تتعب
غالب : بس انتي ما اخطيتي ؟
غزل : بس هي اختي وانتهينا !
لبس نظارته وقال بصوت هادي : وصيت سعيد يجيب أغراض للعيشة لكن تمارا خارج الحسبة
نهضت غزل : ودامها خارج الحسبة طلعني مثلها باكل معها من نفس الصحن لو ناكل تراب !
تحركت لداخل المبنى وهو يراقبها بشجن ، الحب الأخوي مصقول داخلها صقل والشيء الفريد اللي انغرس في قلب الأختين هذا الحب لكنه مجبور يثقل العقوبة لأن تمارا تستحق ..
.
.
عتيق ضاق صدره من طول الهجر تطورت هتاف وصارت تبخل حتى بنظراتها الخفية كان يلمحها ويتظاهر أنه ماشاف غرقها وهي تلتهمه بنواعسها المتهلفة وبمجرد ماتشعر أنه يبادلها اللهفة تصد
اليوم في الدكة وملتفة بثوب ثقيل الجو ماطر ومشاعرها بدت له غريبة هادئة وبيدها كوب أعشاب ويدها الأخرى تلاعب شعرها هتف وهو يحاول يلفت انتباهها اللي اليوم كان بعيد نظرتها ناحية الشجر وقلبها بمكان ثاني : اليوم وكل يوم قلبش بعيد ونظراتش بعيدة لوين بنوصل بالهجر ليه العناد ؟
لفت ناحيته رمقته لثواني وأشبعت خاطرها وبسرعة رجعت للصد لكن نطقت : السؤال اللي تسأله نفسك وتجاوبه بنفسك ، أنا كنت أقرب من أزارير ثوبك وأنت اخترت أبعد مكان ، ماعلينا ليه ما اخترت صف حسناء ليه صرت والدنيا عليها ليه خسرت ماجد مثل ما جابر خسره ؟
رجعت به لموقف سفر حسناء وهذا الموضوع كان من وقته وهو يهرب من أي نقطة تتعلق فيه وهي مصرة تذكره بالود اللي قطعه بيده والغضب اللي تركه بصدر ماجد لم يزول بعد زفر : ماهان علي أخوي تأفف بعد مابتر كلامه : أنتي تدرين أن اللوم ماعاد ينفع ، أظن البعد أسلم لقلب جابر ولحسناء اللي تضرر جسمها من ضرب أخوي كل يوم
ردت بقهر : وماجد ياعتيق هاه وماجد ؟ مافكرت بقلبه ؟ عاده (باقي ) صغير مايعرف إلا شيء واحد القرب ، قرب أمه يعرف كثير انه من صالحه وصالح قلبه ولايدري وش المخفي ووش الأشياء اللي تتخفى ورى القلوب ، ولايدري وش العواقب هو مايشتهي غير قرب أمه !
رفع عينه وبتلقائية غير متوقعة نطق : هتاف !
وهي بسرعة ارتفعت عينها ناحية حروف اسمها اللي تدفقت من ثغره ، تسمرت لثواني واستمر الصمت بين الأثنين واللحظة هذه كانت منتظره لقلبه قبل قلبها شاهد إنعكاس الحروف من نظراتها ومن تعابيرها الملهوفة والندم بسرعة تدفق لقلبه كيف بخل وكيف حرم نفسه يعيش هذا الشعور ، مسك يدها بصورة تلقائية مثل حروف اسمها وقال :صدقيني مسألة وقت ويستوعب
هتاف واللحظة ثقيلة على مشاعرها وعلى روحها قالت : الوقت اللي بينسرق بياخذ من عمره كثير وبيسرق الفرح منه ، وبتصير كل الألوان بعينه متساوية ياعتيق هو بيستوعب شيء واحد بس المرارة اللي تزيد مع السنين اللي تركض ، لا تجور عليه مثل عمه
انتفض قلبه إنتفاضه طفيفة وشد من إحتضان يدها والمطر نزوله اشتد ، لف بعينه للجهات اللي غسلها المطر ورجع لجهة قلبه رمقها بشوقه المفضوح ونطق بصدق : وحنا ؟ الوقت اللي انسرق من أعمارنا والسنين اللي راحت الهجر اللي سرقنا من بعضنا مانقدر عليه ؟
ارتجف فكها وذبلت عيونها من عتابه الصريح بحق نفسه ، كيف ضيع سنينها وكيف رجع يستوعب أنه ضاع عمرهم وضاعت فرحتهم ، وانقضت السنين غرفة تجمعهم ، وباب واحد ، وجدار شاهد على أسرار الهجر بينهم ، سنوات وسنوات من البعد ومن اللهفة ومن العتاب ومن مشاعر الحب
صدت من جديد وهو تأفف صار يعجز معها ، خايف يثقل العتب ويكسرها وترجع حالاتها اللي تكسره هو وتدمي قلبه

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن