144

187 7 0
                                    

حسناء
شعور رهيب يخالجها وهي تتجهز للعمرة بقلبها وبجوارحها ، ولأول مرة رجلها تصل لهذه البقعة ولأول مرة تعيش شعور الترقب ويتحفز فضولها ناحية القادم وناحية الأشياء اللي ممكن تصادفها برحلتها الإيمانية جابر ملتف بإحرامه متمسك بيدها ومصر يمسكها بكل خطواته معها همس لها :وصلتي خير ، أهمسي بوجعش لرب البيت حتى أصغر وجع قوليه أعتبريني مو موجود
مدت عينها ناحية يده الملاصقه ليدها وهو فهم : ماقدر أحررها ، ماقدر أتركها وأنسى ثقل ديوني أبغى بكل خطوة أتذكر لا تمنعيني
مشت وهي متجاهلة طلبه الغريب لأن جوارحها منشغلة ولأن قلبها صارت تحركه همهمات المعتمرين وهمساتهم المستغفرة وأصوات الدعاء اللي تحاوط جهاتها ، قررت تنغمس معهم وتهمس بكل حروفها العصية اللي دفنتها مع السنين وقررت تستخرجها اليوم : يارب أنت الكبير تشوف أصغر وخزه وحتى أخ اللي ماينسمع همسها توصلك مع كل نفس ومع كل صوت ، يارب داويني، يارب اسألك قلب خفيف متعافي أمسح على الوجع اللي خبيته وأمسح على نفسي اللي الوهن تمكن منها يارب قلبي قلبي بين يديك، أرزقني نفس رضية ومحبة لذاتي
شدت على يده بعد ماغاصت ووصلت لأسرارها المتجذرة ، ضغطت أكثر لكن الدمع أبى عصاها وتخلى حتى بلحظتها هذي هو يعرف وش تقاسي الآن وحجم الشعور وصلابته، يعرف أنها تجاهد دمعها القاسى وأبى ،،
وإنتهى المطاف وإنتهت عمرتهم
قص خصلاتها وهمس لها وهو يلتقط يدها الساكنة بوجه مبتسم : تقبل الله حسناء
ردت له إبتسامة طفيفة أشعرته برضا كبير هو القليل منها يشوفه كافي وكثير : منا ومنك، أكملت وهي تشوف وجهه اللي غزاه الرضا : شكيت ربي سنيني الجرد وشكيته شريفة وشكيته البيت اللي كبرني بنقص !
وبن ضيف الله ؟ قالها بتوجس لترد : حتى ويدك مربوطة بيدي وأصابعنا مصفوفة مثل صفوف المصلين اللي نشوف بياضهم الحين إلا أني ماذكرتك لابشين ولا بزين
ضحك من صراحتها : يعني طبقتي توصياتي بالحرف وصدقتي أني مو موجود رمق المصلين وهتف : خلينا نلحق لنا ركعة وهالمرة ادعي بسجودش ادعي لي بالمغفرة
يطلبها السماح بكل مرة بطريقة مباشرة وبطريقة غير مباشرة لكنه في وضع إختبار ، إكتفت بالصمت مثل كل مرة ..
.
.
عتيق ..
نفض غبار مكتبته، نفض كتبه القديمه وهو يبحث عن مؤلف ترك داخله قصاصة دوّن فيها نص يهمه كثير وده يسترجعه ، لكن سقطت عيونه على ملفات أخرى قلّب الأوراق بذهول وبسرعة ركض للغرفة ، هتاف كانت تجمع الفوضى اللي تركها وهو يبحث عن كتابه لكن انصدمت من اندفاعه القوي ومن نظراته وقف متصنم وهي خافت من إندفاعه: عتيق وش جاك ؟ خوفتني !
شهقت بعد ماصارت بطولها الفارع وبجسدها النحيل وبخصلاتها المبعثره رهن لصدره ضمها ضمه ضاقت منها أنفاسها ، ضمها لدرجة شعرت أن أضلعها تحطمت شعرت بحشرجة صدره وبأنفاسه وهي تتصاعد للأعلى
عتيق خوفتني !
عتيق : ليه مانطقتي من زمان ليه أخفيتي الحقيقة اللي كانت بتريح صدري ؟
رفعت نفسها من حضنه عنوة وهي تجاهد أنفاسها :أي حقيقة؟
نطق : سنين وأنا عايش على تأنيب الضمير كنت أظن إرتباطنا عثرة عشت مع هذا الشعور سنين والحين توي عرفت
تراعد قلبها وشحب لونها : عتيق وقف قلبي خلصني وقول وش عرفت !
عتيق : ليه خبيتي عني نجاحك؟
تراجعت خطوتين لورى وهو جذب طرف أصبعها :لا تبعدين ناظريني
هتاف : وش تبغاني أقول ؟ تبغاني أقول أني كنت خايفة خايفة من النجاح وخايفة من ورق
عتيق رمقها بحدة : ومن قال اني بسمح لهالخوف يتمادى ؟ ومن قال انه مايرضيني النجاح
بردت أطرافها حاولت تهرب بعيونها ونطق :لا تهربين والحروف ناقصة كمليها وحطي نقط تشفينا جميع
صرخت بوجهه : يكفي يكفي ياعتيق ماتعبت أصابعك وأنت توجهها باللوم لكل مكان إلا قلبك ؟ المذنب أنت والمتهم أنت ايه ايه ارتباطنا كان عثرة لأشياء ماقدرنا نعيشها ، أطراف ضاعت ولا جمعناها تسع سنين ياعتيق تسع سنين كبرت أمانينا وذبلت وهي مرهونة ، رفعت الصوت كم مرة ولمحت كم مرة وانت تلد بعينك تجمع أوراقك وتهرب للسفر وأنا وأنا ؟
بهت من إنفجارها كان بعيد عن تساؤلاته لكن نطقت : يوم اخترت لك طريق بالعلن أنا أخترت لي حكاية عشتها بالسر خمس سنين والحمدلله ماخسرت وثيقة تخرج عشت معها فرحة بالسر وركنتها بين أوراقك القديمة وقلت يجي له يوم ويجتمع بهالسر ماتوقعت انه اليوم
إبتسم بسخرية : وقررتي تلوحين بإنتصاراتك قدامي وتنتهي اللعبة خلاص ؟

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن