الفصل الثالث و العشرون : العين الخادعة—-
مرت عدة أيام منذ أن حدث شجار الأخوين و من حسن الحظ أن المياه عادت لمجاريها أخيرا ، حتى أن علاقتهما إزدادت قوة مما كانت عليه ما أشعرني بالراحة
أرجعت سيرينا رأسها للوراء متأملة تلك الحديقة الساحرة ، كان عليها أن تعترف أنها كانت مفتونة تماما بتناول إفطارها الصباحي هنا في هذه الحديقة مع نسمات الهواء العليل التي أرجئت شعرها الطويل و الخضرة المحيطة بالأجواء كان ذلك منعشا
"ماما هل أنت بخير" سألت أرسيلا بتعابير وجه قلقة
بعد أن لاحظت وجه والدتها الشاحبهزت سيرينا رأسها بسرعة كي لا تجعل ابنتها تقلق دون داع ثم قبلت خدودها القطنية الشبيه بالمارشميل
"أنا بخير يا عزيزتي ،بالنظر للأمر يبدو أنه وقت قدوم معلمة الأداب " أكدت بصوتها الحنون بينما أخذت تداعب شعرها اللامع
اشتعلت أعني أرسيلا و تلألأت ببريق ساطع ، و يمكن لسيرينا أن تخمن بشكل أن طفلتها لم تكن عادية فلقد أستهوتها فكرة الدراسة و تعلم الأحرف أكثر من اللعب و الركض كمختلف الأطفال في عمرها ، لم تشعر سيرينا بالقلق بخصوص ذلك فربما يكمن شغفها بالكتب و ليس الألعاب
رغم أنها لم ترى أبدًا طفلا سيسعد بالدراسة مثل ما تفعل هي و دانييل ، بمجرد أن تسمع بذلك فإن عيونها تتلألأ بشكل صارخ بينما يتسع قوس ابتسامتها عكس الأطفال الأخرين الذين قد يدخلون نوبة حادة من البكاء و الصراخ بمجرد سماع كلمة "كتاب" أو "مدرسة" كما لو أنهم سيتعرضون للتعذيب جراء ذلك !
إبتسمت سيرينا براحة فقد كانت فخورة جدا بأطفالها بعد سماع ثناء المدرسين الذين قالو أنهم كانوا منبهرين بجدية من ذكاء كل من أرسيلا و دانييل و قدرتهم الهائلة في حفظ المعلومات و استيعابها خلال وقت قصير . حتى أنهما تخطيا بعض الصفوف و ذلك بعد مرور أسبوعين فقط من مزاولتهما مقاعد الدراسة .
أما بالنسبة لي فالبطبع مثل أي أم سأكون فخورة للغاية بأطفالي معتقدة أن أحد الأبواب التي كانت مغلقة تم فتحه على مصرعيه . رغم أنني لست بأمهما الحقيقية إلا أنني إستطعت إستشعار كل جزء من مشاعر الأمومة الدافئة الخوف القلق التردد و بالطبع الفخر و السعادة ، و الذي كان بمثابة تحول جذري في حياتي
هززت رأسي في حين غرة محاولة نفض الصور و الذكريات التي ظهرت بشكل مفاجئ أمام عيني لحياتي السابقة ، لم يكن من المريح حقا تذكر ذلك
القدر و تمنيت تماما لو أن جزءا من تلك الذكريات يختفي تماما
أنت تقرأ
لقد أصبحت أما لشريري الرواية!!
Fantasíaفي لحظة كانت حياتي مليئة بالاجتماعات الهامة، الرحلات الدولية، واتخاذ قرارات كبيرة . أنا، التي كانت اسمها يُنطق بإعجاب واحترام في عالم الأعمال، وجدت نفسي فجأة محاصرة في حكاية خيالية، تجسدت في شخصية قد قرأت عنها سابقًا ولم تكن سوى أم شريري في رواية مل...