الحلقة الاخيرة من روايتي ( شالوم )
استمرت سلسلة الانفجارات طيلة دقيقتين .. بعدها لم ارى أي شيئ امامي .. غبار كثيف غطى ارجاء الغرفة .. لابد و انها احد التأثيرات الجانبية للأنفجار .. لقد فعلها انور .. احسست بسعادة عارمة تجتاح كياني .. صوت الصراخ خارج الغرفة يعطيك فكرة عن مدى تأثير ما قام به انور و رفاقه .. احدهم قام بفتح باب الغرفة .. كان يحمل معه كشاف ضوئي .. اقترب مني ثم غادر الغرفة .. و كأنه يبحث عن شخص ما .. لقد نسي باب الغرفة مفتوح !! انها فرصتي
للهروب كل ما علي فعله هو تحرير نفسي من الكرسي .. بدأت بتحريك جسمي للأمام و للخلف اكثر من مرة .. حتى تمكنت من الوقوف على قدمي .. توجهت للخلف بأتجاه احد الجدران بكل قوة .. لم تنجح محاولتي الاولى .. كررت ذلك اكثر من مرة .. و في النهاية كسرت ذلك الكرسي اللعين !! يجب ان اخرج من هنا و بسرعة .. كان المبنى قريب جدا من الجدار .. يا إلهي لقد سقط جزء كبير منه .. الغريب في الامر انه لم يكن هنالك اثر لأي جندي .. هرب الجميع بمن فيهم ( بنجامين ) .. توجهت مباشرة نحو احد احدى الفتحات التي احدثها الانفجار .. امسكني احدهم , وضعني في سيارة ثم انطلق بي مسرعا .. لم اتفوه بأي كلمة طول الطريق .. ليكسر السائق حاجز الصمت قائلا : انور و عمار و الشيخ عادل بخير و هم في انتظارك .. نجحت العملية و تمكنا من اغتيال القائد الاعلى للجيش ليس هذا فحسب .. لقد قمنا بأسر شخصين اثناء محاولة هروبهما .. الضربة كانت قاسية جدا على العدو لم استطع اخفاء فرحتي خصوصا بعد كل ما حدث معي .. انا الان حر طليق و انور لم يصبه مكروه ... كل ما اخشاه حقا هو ردة الفعل التي سوف تحدث عما قريب ..وصلنا اخيرا للمكان حيث يوجد انور و رفاقه , لم يستطع انور اخفاء فرحته , اقترب مني و عانقني قائلا : لقد نجحنا يا صديقي , انظر من هنالك !! المفاجأه الكبرى عندما وجدت بنجامين و الاشقر .. ليكمل انور كلامه : امسكنا بهم اثناء هروبهم من المقر حيث تم احتجازك !! الشيخ عادل قام باحتضاني قائلا : لقد كان لك دور كبير في هذه العملية لولاك لما تمكنا من الحصول على الخريطة الاصلية .. الفكرة صعبة و تنفيذها اصعب .. اخبرني كيف تمكنت من فعل كل هذا ؟
حسنا سوف اخبرك بكل شي بالتفصيل : عندما جائني انور صباحا لكي يأخذني من المنزل .. قمت انا بأطفاء محرك السيارة عمدا .. ليخرج انور رأسه من السيارة متذمرا : انه ليس الوقت المناسب لتجرب معي الاعيبك يا صديقي .. رجاءا اعد تشغيل المحرك .. بكبسة زر على جهاز التحكم الذي معي دار المحرك مرة اخرى .. قمنا بتكرار مشهد تعطل السيارة مرارا و تكرارا .. كان من الضروري ان يحدث كل هذا امام اعين الجميع و خصوصا امام جنود الاحتلال .. في كل مرة تتعطل السياره اقوم بعدها بالتلويح بيدي معبرا لهم عن استيائي .. لكون السيارة قد تعطلت ! .. في باديء الامر تعامل الجنود معنا بحسم و شدة خصوصا و ان الاوامر تقتضي بالتعامل مع أي سيارة معطله على انها مفخخه .. و لكن سرعان ما تبدد ذلك الشعور عند تكرار الموقف .. كانت الفكرة تقتضي ان يتم رسم صورة للسيارة في مخيلتهم .. و نجحنا في ذلك .. الصعوبة الوحيده التي واجهتني هي في البحث عن 100 سيارة فيات حمراء .. قاطعني الشيخ عادل قائلا : و لكن لماذا سيارة فيات بالتحديد ؟ اجبته قائلا : لكي تزرع شيء او فكرة في عقل احدهم ما عليك سوى وضع ذلك الشي امامه مباشرة .. اجعل عيناه تعتاد وجوده .. في النهاية سوف يشعر الشخص بأن هذا الشي هو جزء من يومه و لن يشكل خطر عليه .. لقد تعمدت ان تكون السيارة فيات حمراء لكونها نادرة الوجود و يسهل على الشخص ملاحظتها بسهولة .. الجميل في الامر ان هذا النوع من التلاعب بالعقل يجعل الشخص يتذكر السيارة بكل تفاصيلها و لكنه لا يستطيع تذكر سائقها .. كان يجب تكرار نفس المشهد في كل محافظه من محافظات فلسطين .. و بالفعل بعد مرور 3 اشهر .. اصبحت سيارة الفيات الحمراء جزء من الحياة اليومية لكل جندي اسرائيلي .. بل وصل بهم الحال للدخول في مراهانات مع بعضهم البعض عن اماكن تعطل السيارة في المرة القادمه .. كنت انا من يتحكم في كل هذا .. كل سيارة بها كاميرا صغيرة جدا و لكنها عالية الدقة .. تلتقط ابسط تحركاتهم و ردود افعالهم ..
و لكي تنجح الخطه كان لابد لي من الحصول على الخريطة الاصلية التي تحتوي على اماكن تواجد اساسات الجدار .. لم يكن امامي سوى حل واحد هو ان يتم اسري و هذا ما حدث بالفعل .. عمار قام بعمله على اكمل وجه , لقد نجح في جعل السيارة تنحرف عن مسارها و تنقلب و الخروج منها دون ان يصاب بأي اذى .. ليأتي بعدها دور انور .. حيث قام بوضع بعض الدماء على المقعدين الاماميين للسيارة .. التوقيت كان مهما جدا .. لم يتبقى سوى دخولي للسيارة و انتظار الجنود ..
اصعب جزء بالنسبة لي هو التظاهر بأنني فاقد للوعي .. ما رأيك في الخطه يا بنجامين ؟! شعرت بأنك بدأت تحبني , و هذا ايضا جزء من الخطه يا عزيزي ..
ما كان ينقصني حينها هو الخريطة الاصلية و لكي احصل عليها كان لابد لي من اخبارك بكل تفاصيل الخطه .. صدقني لم اكذب عليك في حرف واحد مما قلت !! عندما قام الاشقر بتشغيل الكاميرا كنت التفت يمينا و يسارا و ذلك خوفا من ان يتم اكتشاف العدسة التي قمت بوضعها في عيني .. انها كاميرا حديثة جدا مربوطة بالاقمار الاصطناعية قمت باستخدامها في التقاط صور واضحه للخريطة و ارسالها لأنور .. و الذي بدوره قد انجز المهمه على اكمل وجه .. شكرا لك يا بنجامين على مساعدتك لنا .. لولاك لما تمكنا من اغتيال القائد ( رافائيل اوشيه )
كان ذلك الرجل شديد الحرص لا يخرج من حصنه ابدا ... و لابد من استخدام طعم لاستدراجه .. لقد كنت انت الطعم يا صديقي .. فهو لا يثق سوى في الاشخاص المقربون منه و انت احدهم .. لقد اعطيتك كل التفاصيل عن الخطه و انت من قام بتنفيذها .. بالمناسبة و قبل ان انسى اود ان اقدم الشكر لي ( سلمى ) اين هي ؟ تعالي الى هنا !! احسنتي ايتها البطله .. لوهلة احسست انك امي بالفعل .. اتقانك للشخصية يجب اعتماده كمنهج في اكبر معاهد التمثيل .. سلمى كانت تجلس مع امي بالساعات مرتدية ملابسها .. كل هذا لكي تتقن دورها على اكمل وجه .. اما الشيخ عادل .. فلن استطيع ان اوفيك حقك .. فقد قام باستضافة ابي و امي في منزله طيلة الاسابيع الماضية .. بنجامين المصدوم نطق اخيرا : و لكنكم لن تنجو بفعلتكم هذه .. الة التصوير لازالت في المقر و بها كل الادلة و الاثباتات .. سوف يتم القبض عليكم جميعا .. نظرت الى انور و الذي بدوره نظر للشيخ عادل ليعم بعدها الصمت لثواني قليلة .. ثم !!!!!! علت ضحكاتنا ارجاء المكان .. هل سألت نفسك كيف خرجت من الغرفة ... لقد قام انور بتتبع مكاني عن طريق GPS .. بعدها ارسل عمار ليفتح الباب و يأخذ الة التصوير .. بعد ان اخذ عمار الكاميرا طلبت منه ان يرحل بسرعه .. لا داعي للقلق سوف اقوم بفك وثاقي .. لم تشكل القيود البلاستيكية التي قام الاشقر بتوثيقي بها عائق امامي ..
نحن نعلم ان الشارع الاسرائيلي حكومة و شعبا لن يقفو مكتوفي الايدي و لكن بات الجميع في اسرائيل يخشى ابناء فلسطين الاحرار .. ثق و تأكد ان القادم امر و امر , مهما بلغت قوتكم يا بنجامين .. لازلتم جبناء في نظر كل فلسطيني ...بقلم د. فؤاد المنصوري