#إنسانة_1290
قبل أن تفارق الحياة ، كانت قد أطلعتني على كلمة السر الخاصة بحسابها على الفايسبوك .. أحست في تلك الليلة ببعض النغزات في قلبها فأرسلت إلي بخمس رسائل متتالية:
"مرحبا..."
"لا أدري ما قد يحدث، لكن اعتبرها مجرد لعبة بسيطة..."
"هذه كلمة السر (insana1290) و أنت تعرف كيف تستخرج رمز حسابي... "
"واصل نشر بعض الخواطر على صفحتي كلما تسنى لك ذلك..."
"و لا تجب على الرسائل رجاءا..."
كنت نائما حينها، و لم أقرأ رسائلها حتى الصباح.. سألتها ما الخطب ! و انتظرت حتى تتصل مجددا حين تستيقظ..
عدت بعد ساعتين ،كانت الحادية عشرة صباحا ،لم أجد ردا بعد.. لكني وجدت بدل الرد منشورات سوداء على صفحات صديقاتها.. فأدركت حينها أنها لن تتصل مجددا.. و لن أتلقى ردا.عرفت من صديقتها أنها ماتت و هي نائمة.. و أنها كانت تعاني ألما خفيفا في القلب طوال الليل..لم أستطع استيعاب الأمر و لا تحمل فظاعة الحزن و الألم.
كيف عرفت أنها ستموت ؟ ما الذي كان يجعلها متأكدة من ذلك ! لماذا اختارتني أنا لأكتب لها أو أكتب بدلا عنها ؟
لو أني لم أنم لكنت قد عرفت .. لكنت قد فعلت شيئا كي تظل على قيد الحياة و تواصل فعل ذلك بنفسها.مرت أيام قليلة.. لم أجرؤ فيها على دخول حسابها .. كيف لي أن أفعل ذلك ! أنا أعي جيدا ما سيحدث لو كتبت شيئا على حائطها.
لكن.. كيف لي أن أتجاهل طلبها الأخير ! إن هذا لمؤلم حقا..
أخذت الرمز من صفحتها و أدخلت كلمة السر "إنسانة 1290" ماذا يعني هذا الرقم !؟ ربما هي سنة لحدث تاريخي يثير اهتمامها ، أو ربما هي ببساطة "2019" عبثت بأرقامها.. كم تمنيت لو أنها تكون خاطئة.. تكون "كلمة السر غير صحيحة".
لا أمل لي في أنها قد كذبت ، أملي الوحيد في تلك الثواني القليلة قبل أن أضغط "تسجيل الدخول" هو أن أكون قد أخطأت في كتابتها ثم لن أعيد المحاولة ثانية أبدا.. لكني دخلت...
صفحتها لا تزال حية .. الكثير من الإشعارات و رسالة واحدة فقط.. فتحت لأرى المراسل..
كنت أنا .. "ما الخطب! " .. يا له من رد جاف .. كيف كانت ستشعر حينها لو أنها قرأته ..
أردت أن أجيب رغم أنها رجتني ألا أفعل .. فكتبت ما كانت لتكتب هي "لا شيء..."
أنا أعلم جيدا أنها كانت سترد هكذا .. لماذا سألتها إذن بهذا الأسلوب الفظيع ؟ لماذا لم أحاول أن أعرف بطريقة أكثر لطفا ؟! ما الفائدة لو أني فعلت بعد أن رحلت ! لماذا لم أفعل ذلك طوال السنين التي مضت ! كانت مليئة بما كان يجب أن تبوح به لو أني عرفت كيف أسألها.. فهي حتى في كتاباتها و رسائلها لا تنهي الجمل بنقطة واحدة فقط، بل بنقط ثلاث تطلب المزيد من الإصغاء..بدأت أكتب على حائطها أول خاطرة :
"المكان هنا مظلم جدا ،ضيق و بارد ، لا هواء فيه.. لكنه لا يختلف كثيرا عن المكان الذي أتيت منه".و هي هناك وحيدة .. لم أستطع أن أكتب كلمة "وحيدة".. لأنها كلمة فظيعة حقا و موحشة..
لم تمر أكثر من دقيقة واحدة حتى تلقت الكثير من الرسائل...
____________________
Muhamed Mechbal