"كيوني" ،فتًى يبلغ من العمر عشرين عامًا، يحظى باحترام الجميع. يعتقد النّاس أنه شخص بارد المشاعر، و في الحقيقة اسمه يعني "الثلج" في اليونانية. قد يكون الناس محقّين ، لأنّ نظرة اللاّمبالاة واضحةٌ على وجهه.
فلماذا يحترم الجميع شخصًا متعجرفًا مثل كيوني ؟!
كيوني شاب فقير فقد والديه عندما كان في الخامسة من عمره ، لكنّه يجهل سبب وفاتهما.
أخبره أهل القرية _ التي عاش فيها طوال حياته _ أن والده ترك القرية مع والدتِه ولم يعودا منذ ذلك اليوم.
انتظر القرويّون طويلاً ولم يسمعوا أي جديدٍ عنهما. تطوّع بعض الشبّان وانطلقوا للبحث عنهما في الغابات المغطّاة بالثلوج، و استمرّ البحث عدّة أيامٍ لكن من دون جدوى، اذ لم يتم العثور على أي أثرٍ لهما.
بعد أن فقد الشبان الأمل في العثور على المفقوديْن ، عادوا إلى القرية متحسّرين، ثم أعلن شيوخ القرية أن عمليات البحث قد توقفت وتم اعتبار والدا كيوني في عداد الموتى.
وهكذا وجد كيوني نفسه وحيدًا ، لكن جدّه سمع الخبر وجاء إلى القرية تاركًا عمله وعائلته في قرية أخرى وقرّر رعاية حفيده الذي أصبح يتيمًا بين ليلةٍ و ضحاها.
عاش كيوني لمدة عشرِ سنوات مع جدّه الذي توفي بعد صراعٍ طويل مع المرض تاركًا حفيده وحده. كان كيوني شديد التعلّق به ، لأنه كان الوحيد الذي اعتنى به، و بمجرّد رحليه لم يبق له سندٌ في الحياة، بل تُوجّب عليه الكفاح وحيدًا.
لطالما اعتبر كيوني جدّه بطلًا ، لمَ لا؟! فهو الذي ضحّى بكل شيء من أجل حفيده.
اعتاد كيوني أن يساعده في أشياء كثيرة ، وكانا يذهبان للصيد معًا كل يوم، و تعلّم كيوني الكثير منه وبفضله أصبح شابًا محترمًا يرغب جميع الآباء في انجاب ابنٍ مثله.
لهذا السبب أصبح الجميع يكنّون الإحترام لـكيوني. اذ هو شاب نضج في سنٍ مبكرة وعرف ألم الانفصال والوحدة عندما كان طفلاً صغيرًا ، ولم يعش حياةً سهلة بين أحضان والديه مثل أقرانِه.
لم يعرف حنان الأمّ، وفرحة العيش في منزل دافئ محاطاً بأسرته، بل عرف ماء النّهر المتجمّد عندما كان على متن قارب الصّيد، ومدى ثقل الأغصان التي كان يحملها على ظهره، وغيرها من متاعب الحياة التي جعلته شخصًا واعيًا اختبر قبح العيش في فقر في عالم قاسٍ.
هذه هي الحقيقة وراء برود كيوني والنظرة الحادّة على وجهه، و بالرغم من صغر سنّه ، فهو يعرف معنى الألم ، ولا يحتاج من يعلِّمه دروس الحياة.
