- بولنداَ ، وارسوُ في ٨ سيبتمر ١٩٣٩ ؛
إستيقظناَ ذاك الصباح على صوتِ الدبابات و الرصاص إنتفظتُ بإرتعابٍ ناحية فراش أختي الصغيرة ميليناَ و ضممتهاَ حتى يهدأ روعها و تشد على قلبها ..
لم نألف يوماً صوت الرصاص في مدينتنا بل حكىٰ والدي أن أخر رصاصة تم إطلاقها هنا كانت منذُ سنوات أثناء الحرب التي وعدَ الجميع أنهم لن يكرروهاَ ..
حينهاَ كنا صغارٌ جداً و صدقنا تلك الأقاويل ، فقط لنفتح باب منزلنا و نرى وابلاً من العساكر يحاصر المدينة ، و علمُ النجمةِ المعقوفةِ الأحمر يرفرفُ عالياً..
كنتُ بالرابعة و العشرون حين دخل النازيوُن مدينتيِ ، إحتلوا شعبيِ ، طمسوا المقاومات و ثم الهوية البولندية. ذاك ما أعاز والديِ ليهربَ من وارسوُ إلى مدينةٍ أخرى أقصى شمالِ البلد.
لكنناَ لم ندرك أننا نهربُ من شيطانٍ سيلحقناَ حتىٰ شواطئ البحار.
أدعىٰ آولغاَ أونرو و مرت ثلاثُ سنواتٍ منذ رحلت عن منزل طفولتي و مسقط رأسي بوارسوُ تحت وطئة النازيين ، هؤلاء الخنازير الذين لم يسلم منهم أحدّ.
مُنعت اللغة البولندية ، و بعدها بدأنا في دراسة أدبهم ثم تدريسه ، التضرعُ للرحمة من أولئك النازييّن كان يمزقُ أحشائي كل مرةٍ بتُ لا أحتمل تحدث الألمانية حتى في مقر عمليِ.
لكن نحن ، المدرسون البولنديون قد وجدنا حيلةً لخداع المفتيشين الذين في كلِ موسمٍ دراسيّ يزورون الأقسام لتفقد هل التلاميذ يدرسون ما ينصهُ الرايخّ الثالث؟. لذلك كنا نزيفُ أغلفة الكتب البولندية و ندرسها باللغة الألمانية حتى لا يتم كشفنا.
و استمريتُ في التدريس بالطور المتوسطِ حتى سنةِ ١٩٤٠ ، في يومٍ ماطراً تعرقلتُ به عدة مرات و توسخَ حوافٌ ثوبيِ بسبب الطين. وقفتُ أمام ناظر المدرسة بينما يبتسمُ ليِ :
- آنسة آولغا تفضليِ بالجلوس رجاءاً
- سيدي الناظر شكراً لإستقبالي ، هل هناك خطبٌ ما ؟
تبسمَ لي قليلاً حتى إرتفع شاربهُ الأبيض و رددّ بأن كل شيئ بخير ، و لكن :
- آنسة آولغا تعرفين أننيِ من أشد المعجبين بعملكِ رفقتنا ، و أن هذه المدرسة تطورت في عدة أمورٍ بسببكِ
ابتسمتُ قليلاً محاولةً تذكرَ أي أمورٍ؟ كونيِ مجردُ معلمةٍ في المتوسط لكن العساكر الذين كانوا برفقتنا في المكتب القديم نسبياً بدوا غريبيّ الأطوار. سعل قليلاً منظفاً حلقه لأعيد إنتباهيِ له :
- آنسة آولغا ، وفقاً لملفك الأكاديميّ لقد تم طلبُ توظيفك كمدرسةٍ خصوصية في أحد المنازل العريقة. أعلمُ عن وضع والدكِ الصحيّ لذلك أرى أن هذه الوظيفة ستكون سنداً لكِ..
- المعذرة لمقاطعتكَ سيديِ ، لكن أين هذا المنزل ؟
- إن كُنت مهتمةٌ تستطيع الذهاب لزيارةَ.
فكرتُ قليلاً بالأمر ، و ببعض التردد الذي إرتبانيِ وافقتُ على الذهاب..
أنت تقرأ
فييّنَا| ١٩٤٠.
Художественная проза- إبان الإحتلال النازي لبولنداَ و في وحشةِ الديار و دمار الحربّ ، كان لديهاَ رصاصتيّن و علبةٌ من الورودِ المجففة.