البارت الثالث والعشرون 💕

181 4 0
                                    

ازيكوا ياقلوبي عاملين اي عارفة اني اتأخرت عليكم جامد المرة دي حقكم عليا بس والله ظروف ومتنسوش الفوت بتاعي النجمة ورأيكم في الكومنتات وشير للرواية 💕💕💕
****************************************
لا اله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
🌺🌺🌺🌺🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌷🌷🌷🌷🌷

مرت عدة أسابيع منذ تواجهت فريال مع مجدى متهمة ايّاه بالكذب ومحاولة النيل من ذكرى زوجها ناجى ,حاولت أن تتلّهى عن وجيب قلبها الذى علا وأحال لياليها نهارا مؤرقة من كثرة التفكير ,لم يخفف عنها سوى قضائها معظم الوقت بجوار ابنتها أميرة التى تعافت تماما من أثر الحادثة ,وصارت بحالة أفضل من الأول ,كانتا تخرجان سويا لشراء ملابس جديدة فقد أغدقت فريال على ابنتها بالكثير من المال ,وكأنها تعوّضها به عن سنوات الحرمان القاسية ,وبعدها تتناولان الافطار باحدى المطاعم القريبة ,تجربان كل ما هو جديد ,وتجدّد الروتين اليومىّ لهما بذهابهما الى النادى لممارسة رياضة الجرى ,وكل من يراهما معا .. يبتسم لوضوح مدى التشابه في الروح فعلى الرغم من أن أميرة لا تشبه والدتها كثيرا فقد ورثت عينى خالها حمدى ,أما بقية الملامح فقد تباينت ما بين ما أخذته من أبيها ناجى وأفراد العائلة الآخرين ,ببساطة تتصرف أميرة وأمها بنفس الكيفية ,تسيران بنفس طريقة المشي المعتادة ,وحتى حركات اليد للتعبير عن الانفعالات واحدة ,كما يتطابق ذوقيهما فى تناول الطعام ,فلم تجدا صعوبة فى التقرّب من بعضهما البعض ,والأدهى أن فريال لم تكن تسمح لحازم بالانفراد بزوجته وحدهما ,فلا بد أن تكون ثالثهما ,وكانت حجتها الغير مقنعة أنها توّد استخراج فتوى من مشيخة الأزهر بجواز علاقتهما الجديدة على أساس أن صفتها قد تغيّرت اضافة الى اسمها ,مما دفع حازم الى الاسراع لحل هذه المعضلة حتى ينعم بالسعادة مع حبيبته التى طال فراقه عنها.
بدأ أولا اجراءات اثبات البنوّة الى عمته وزوجها الراحل ,ولم يكن هذا الاجراء مستحيلا حيث أن الطرفين موجودين وكلاهما موافق على عمل تحليل البصمة الوراثية -أى فريال وأميرة - فكانت خطوتهم الأولى فى طريقها نحو التنفيذ.
كانت اللحظات التى تفصلهما عن معرفة النتيجة قاتلة ,أما فريال فكانت تشعر بترقب لما يمكن أن تصير اليه حياتها اذا أكّد التحليل غير ما تشعر به من رابط قوىّ تجاه هذه الفتاة التى اتضح أنها ابنتها الضائعة ,ولم تكن متأهبة للقاء مجدى فى هذا الوقت ,الا أن وجود محامي الى جانبهم كان ضروريّا لانهاء الاجراءات القانونية المتعلّقة بالموضوع ,حينما تلاقت أعينهما بالقرب من الغرفة المعدّة للتحاليل حيث تم سحب عينتى دم من كلاتهما منذ عدة أيام ,فيما وقفت أميرة تستند الى ذراعى زوجها حازم وهو يحاول مساندتها حتى ترتاح بعيدا عن هذا المكان فحينما رنت ببصرها نحو أمها ووجدتها شاحبة ترتجف كأنها رأت شبحا لتوها فأصرّت على الرفض ,فيما اقترب مجدى من فريال بخطوات بطيئة متأنّية وهو يلقى عليها التحية ببرود:
-ازيك يافريال, اي الاخبار ؟
حاولت أن ترسم ابتسامة واهنة على طرفى شفتيها وهى تجاهد لتجد صوتها فتخرج الكلمات متعثّرة على لسانها الجاف :
-ازيك ... أنا كويسة.
مجدي: لا ..ماهو واضح.
أجفلتها لهجته الخشنة وهو يرمقها بنظرات ناريّة محاولا تجنّب الحديث معها بعد ذلك ,ثم أخذ ينظر الى ساعته وهو يعد الدقائق متأففّا من التأخير,فما ملكت نفسها لتستثيره بقولها بلهجة متعالية:
-مكنش ضروري تزعج نفسك وتيجي هنا ,كان ممكن تبعت أى عندك فى المكتب ينوب عنك , ودا طبعا مش هيقلل من الاتعاب.
كانت تلمّح الى ارساله لمحامي صغير يعمل بمكتبه حينما جاءت هى وابنتها أول مرة لاجراء التحليل وحينها كانت مشتاقة لرؤيته هو بالذات بعد مقاطعتهما الطويلة ,وأخذت تتبّع كافة تفاصيله من رأسه حتى أخمص قدميه بدءا من تصفيفة شعره الأنيقة , مرورا بملامح وجهه التى تغيّرت وكأن خطوط التجاعيد قد ازدادت حول عينيه فى هذه الفترة وانتهاءا ببزته الداكنة الباهظة الثمن وحتى حذائه الأسود اللامع وكأن لم يمر عليه ذرة غبار واحدة.
تأملها بنظرات متألمة من اهانتها المتعمدة له ولكنه أخفى هذا بلمحة خاطفة وعاد لبروده وهو يجيبها بمهنية مضيّقا عينيه:
-كان لازم اخلص شغلي بنفسى عشان اتأكد اني استحق الاتعاب دي ,مضطر عشان دا أكل عيشي مش زي ناس بتعتمد علي فلوس ورثتها من غير تعب ,وعشان كدا انا استحق كل مليم بيتدفعلي.فريال بغضب: والله لو مش طايق وجودك هنا ممكن تمشي وترفض الشغل دا.
وأشاحت بوجهها بعيدا عنه فباغتها بأن أمسكها بقوة من ذراعها وهو يشدّد من قبضته عليها مجبرة ايّاها على الالتفات اليه وهو يهدر منذرا:
-ولا يهمك يامدام فريال ,بس خليكي عارفة ان دي اخر مرة هشوفك فيها ، انا اتحملت منك ومن عيلتك اللي يكفي عمر بحاله,وأنا بالفعل اعتذرت عن أي قضايا تخصكم من فترة دا لو كان الموضوع دا غاب عنك , بس حازم هو اللي أصر على وجودى جانبكم دلوقتي ,ومقدرش أرفض طلبه لأنه صاحبي قبل ما يكون موكّلى ,ومش من عادتى أني أخذل أى شخص بيعتمد عليا ,كمان مش أنا الراجل اللي بيهرب من مسؤولياته ويرميها على كتف غيره.
ثم تركها فجأة وابتعد متجها نحو حازم قبل أن تجد ردا مناسبا على هجومه القوي ,فعضّت على شفتيها بقوة حتى كادت تدميهما نادمة على سوء تصرفها ,قالت تحدث نفسها بأنها تستحق أكثر من هذا ,ولو لم يكن مجدى شخصا مهذبا لتصرف معها بطريقة مغايرة أشد قسوة وايلاما.
ما الذى جعل لسانها ينفلت بهذه الاتهامات الجارحة ,لقد قصدت اهانته حتى ترد على تجاهله التام لوجودها ونفوره من الحديث معها ,يمكنها أن توهم الجميع بأنها فى قمة سعادتها حيث عادت ابنتها لأحضانها ولكنها ليست مكتفية ,قلبها النائم أيقظه من سباته عودة مجدى الى عالمها ومساندته لها أذابت الطبقة الجليدية السميكة التى كانت تغلّفه ,أما رقته وحنانه فقد أصابا عقلها بدوار شديد ,وأعاد لحياتها معانى الحب والمشاعر الجميلة الأخرى التى ظنّت أنها قد نسيتها الى الأبد , لم يكن يستحق منها أبدا هذه المعاملة المتطرفة من جانبها , فليس ذنبه أنها أساءت الاختيار من قبل حين ارتبطت بناجى مفضلة ايّاه على مجدى ,الرجل الدمث الخلق الذى وقف بجانبها دون تردد ودون مقابل ,كل ما كان يرجوه منها أن تعطيه قدرا من اهتمامها و... حبها,نعم انها تعشقه الى حد الجنون ,وليس هذا العشق وليد اللحظة ,فقد كانت تهيم به منذ أيام مراهقتها الأولى حين تفتّحت زهرة أنوثتها ومعها انبثقت مشاعر الحب الطاهر الذى لا يعرف حدودا ولا يميز الفوارق ,فقط لو لم تستسلم لاغراء ناجى القوىّ ,كان ساحرا بكل ما فى الكلمة من معنى ,لم يكن فقط وسامته الشكلية هى ما جذبتها اليه ,بل حديثه المعسول الكلمات ونظراته الدافئة ,وقدرته على جذب اهتمام الآخرين بسرعة الصاروخ ,فات أوان الندم .
لم تكن أميرة بأقل توترا من أمها القلقة ,ومالت الى زوجها تستند الى جسده القوىّ وقد أحاطها بساعده يلفه حول كتفها مشيعا بنفسها الاطمئنان والأمان ,وهو يهمس لها بعشق:
-متقلقيش ياحبيبتى , كلها دقايق وينتهى الاشكال خالص.
ابتسمت وهى ترفع رأسها نحوه ,ممتنة لوجوده الى جوارها تمتمت :
-شكرا لوجودك جمبي ,مش عارفة هعمل اي لو التحليل طلع فيه حاجة عكس اللي متوقعينها.
داعب أنفها بقوة مؤنبا وهو يحذرها بلهجة قوية:
-مش عاوز أسمعك بتتكلمي كدا مرة تانية ,مش عاوزك تكونى متشائمة ... وبعدين تعالى اي شكرا دي ياست هانم في واحدة تشكر جوزها عشان واقف جمبها,دا مكانى الأساسي يا هبلة ,ولو كنت بعدت قبل كدا فمكنش بمزاجي ,كنت مضطر عشان مصلحتك أنتي ,وعشان مزعلش الست زينب لاني وعدتها احافظ عليكي...
ثم توقف فجأة ليسألها باهتمام:
-صحيح ... ملاحظ بقالك فترة مبتكلميهاش , اي السبب ؟
اميرة: هو انا مقولتلكش انها سافرت ؟
رفع حاجبيه مندهشا وهو يغمغم:
-سافرت ! فين ؟
اعتدلت أميرة وهى تعيد على مسامعه ما دار بآخر مكالمة لها مع السيدة زينب:
-قالتلي أن ابنها حسام لقي شغل في دولة من دول الخليج ,وكان عرض مغري ميترفضش فسافر لهناك وأخد معاه مراته ووالدته ,وأصرّت على اني اودعها قبل ماتسافر فروحت أقابلها بناءا على رغبتها و... واديتني دي وقالتلي أنها كانت محتفظة بيها عشان تديهاني في الوقت المناسب.
- ايه دي؟
سألها حازم وقد أثارت فضوله بهذا الحديث الذى يسمعه للمرة الأولى فأشارت الى سلسلة باللون الفضىّ معلقّة بجيدها مخرجة ايّاها من مخبئها لتعرض اللؤلؤة البيضاء المتوسطة الحجم أمام عينيه المنبهرتين والتى يحيط بها من جوانبها فصوص صغيرة لامعة تشكّل منظر وردة ,فلامسها بأنامله بوجل وقد انفرجت أساريره قليلا ليقول بغموض:
-اهو دليل كمان علي إنك بنت عمتي.
كشّرت أميرة وهى تنظر له بتساؤل:
-قصدك ايه ؟
-مش وقته يا حبيبتي , هقولك بعدين.
وبهذه اللحظة قاطعهما مجدى الذى تفاجآ لوجوده ,فيما قام بمعانقة حازم بقوة وقد أخذ يربت على ظهره ,مد يده الى أميرة يصافحها بحرارة وهو يسألها عن حالها فأجابته بعفوية:
-الحمد لله , بخير طول مانا جمبكم.
ونقلت نظراتها بين الرجلين المتشابهين فى تصرفاتهما ,ولم يخفي عليها دلائل الاهتمام فى علاقته بأمها ,وقد تكّهنت أن الأمر يتجاوز مجرد صداقة ومعرفة قديمة كما أوهمتها فريال ,فباتت تأمل لو أن الأمر يتطور بينهما الى حب وزواج ,فهذه المرأة التى تعرّفت عليها حديثها على أنها عمتها ثم اتضح أنها الأم التى تبحث عنها منذ زمن تستحق مكافأة على صبرها وتحمّلها لمأساتها المبكرة ,ومن أفضل من رجل حقيقىّ مثل هذا المحامى اللامع ... مجدى العمراوى.
انتحى مجدى جانبا بحازم معتذرا من أميرة بضرورة ملحّة لحديث شخصى ,فأومأت لهما برأسها واندفعت الى حيث كانت أمها تترنح بوقفتها فألقت بنفسها بين ذراعيها وهى تعانقها بقوة قائلة:
-ماما ... مهما كانت النتيجة أنا حاسة أنك أمى فعلا ,ولا يهمنا الاثبات دا مجرد ورقة عليها ختم ملهاش قيمة قدام مشاعرنا واحاسيسنا .
كانت محاولتها لالهاء والدتها عن عبء انتظار النتيجة ناجحة فقد اشتعلت وجنتاها باحمرار غزير وهى متأثرة لدرجة أن دموعها قد بدأت تتساقط على شعر ابنتها لتبلله فهزت أميرة رأسها رفضا وهى تقول بفخر:
-ماما ... امسحي دموعك ... ستات عيلة الشرقاوى بتتحمل هموم قد الجبال ولا حد يقدر عليهم ,و زي ما اتفقنا التحليل دا مش هيغير من حقيقة إنك أمي وأنا بنتك.
مسحت على رأس ابنتها بمحبة وهى تتماسك من جديد مرددة كلماتها:
-أيوة ياحبيبتى مش هيغير من أي حاجة, وأنا متأكدة أنك بنتى ... قلبى حاسس بكده.
كان مجدى متجهما وهو يتحدث الى حازم:
-اسمعني كويس ,لما الموضوع يخلص وتبقي ورقة الاثبات فى أيدينا , عاوزك تعملي خدمة.
حازم:تحت أمرك يا مجدى.
مجدي: بتوافق كدا قبل حتي ماتعرف نوع الخدمة الذى ستعملهالي ايه هيا ؟
ربّت حازم على كتفه وهو يجيبه متلطفا:
-ياريتنا بس نعرف نردلك جزء بسيط من جمايلك اللي مغرقانا يا متر.
-عاوزك تعفينى المرة دي نهائيا من أي خدمات أو استشارات قانونية تخص عيلتك.
تجهّم حازم بدوره وهو يستفسر منه بضيق:
- اي الكلام اللي بسمعه دا ؟ وياتري الكلام دا يشمل عمتي فريال كمان ؟
مجدي: وبالأخص عمتك فريال ,أما بالنسبة ليك أنت فأنا موجود دايما دا أنا أفديك ولو برقبتي.
حاول حازم أن يجادله فيما يطلبه بلا جدوى فأذعن بنهاية الأمر لرغبة المحامى الذى عرفه منذ نعومة أظفاره الشخص المؤتمن على أسرار جده والموثوق به من جانب أفراد العائلة جميعهم.

(عشقت صيادي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن