البارت الرابع والعشرون💕

181 5 0
                                    

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين🌼🌼
|||||||||||||||||||||||||||||||||
*****************************
"-مالك قاعد سرحان والهم كله باين علي وشك , ياخويا اللي حصل حصل مكنتش نهاية العالم يعني."
كانت منى تلوم زوجها على بؤسه واستسلامه للهموم ,فيما أخذ يحدجها بنظرات نارية من شدة الغضب ولم يرد عليها بل نظر من زجاج النافذة المفتوحة حيث يجلس على مقعد قريب يتأمل لون السماء الزرقاء التى تمتلأ بالسحب تبدو كمن ينادى على أحد ليلحق بها ,ولكم تمنى لو استطاع الهرب من هذا المحيط الخانق , فقد تكالبت عليه جميع مصائب الدنيا لتحط فوق رأسه وحده دونا عن الآخرين ,ففريال محقة بحقدها عليه ,لقد خذلها فى السابق على الرغم من وقوفها دوما الى جواره ومساندته فى أزماته ,أما عن ابنه سيف ... فلا شك أنه يحتقره الآن ,وله كل الحق فى ألا يفخر بوالد مثله ضعيف الشخصية حقير ,يندى لأفعاله الجبين ,انغمس ولده فى العمل وأخذ يسهر خارج المنزل فلا يعود الا متأخرا للنوم فقط ,أخذ يفكر كيف سيصلح ما انكسر بينه وبين ابنه الوحيد ,أنه أغلى ما يملك بهذه الحياة ,لقد صبر وتحمّل زوجته طوال هذه السنوات فقط من أجل خاطره ,لم يضحّ بسعادته وراحة باله هباءا ,فسيف نشأ وتربّى فى بيت العائلة كأقرانه فى ظل أسرة تبدو مترابطة ومتماسكة ,ولم يخطر بباله يوما أنه سيعرف حقيقة أبيه البشعة.
سمعها تسخر من استكانته وعدم اتخاذه لأية خطوة جديّة فى حياته ,فما
لبث أن انتفض ثائرا على ضعفه وقلة حيلته متهما ايّاها بأفظع التهم وهو يشير باصبعه مهددا:
-كله بسببك أنتي , ومش عارف ازاي اصلا كنت مستحملك طول المدة دي؟
أشارت الى نفسها مندهشة وهى تقول بتصميم:
-أنا ؟ وليه بتلومني انا ؟ ذنبي ايه في اللي حصل ؟
عادل : بسببك أنتي خسرت أختى الوحيدة وبنتها.
مني باستنكار: وهو انا اللي خليتها تتجوز في السر من غير موافقة أبوها وتحمل كمان ؟
نظر لها غير مصدق لما تتفوّه به فى حق شقيقته الغالية فأخذ يضحك منها ساخرا:
-ياولية انتي نسيتي ... حكايتنا ... بتتكرر , واضح ان عامل السن أثر على ذاكرتك , احنا سبقناها وعملنا العملة دي قبلها ,والغريب أنها كانت واقفة معانا ومراحتش تفتن علينا لأبويا, ها ؟
ازدردت منى ريقها وهى تجده يلمّح الى دورها الخبيث فى فضح فريال ,فهى من قام بالوشاية بها بعد أن أستأمنتها على سرها ,كانت بحاجة الى المساعدة ولم تجد سوى زوجة أخيها لتبوح لها بمكنونات صدرها ,فكان جزاؤها ما نالته على يدى أبيها من عذاب أوصلها الى حافة الجنون بعد أن فقدت صغيرتها ولكن رعاية الله أنقذتها بمعجزة.
وثقت فريال بمنى ولم تشك باخلاصها فهى التى وقفت تؤازرها عندما اقترن بها عادل ضد رغبة العائلة ,عرف عادل مصادفة دورها القذر حينما رآها تخرج من غرفة مكتب أبيه وهى تتلفت يمنة ويسرة خشية أن يراها أى فرد من العائلة ,ثم خرج على اثرها من المنزل وعاد بعد ساعة واحدة مصطحبا ابنته الهاربة معه.
مني: أنا معرفش انت بتتكلم علي ايه بالضبط.
عادل: فريال اختي اللي استأمنتك علي سرها,وبعتيها بكل بساطة وبالرخيص كمان, بس الخاين ملوش امان , اوعي تكوني صدقتي ان ابويا في يوم من الايام سامحك علي جوازك مني بدون رضاه وانك كمان تخلفي حفيده ؟ ولا يكون خيالك صورلك أنه هيردلك الجميل بعد ما خربتي صورة بنته المثالية قدامه  وحسستيه بالذل , تحبي افكرك كمان بكمال الراوى ولا مش محتاجة مساعدتى ؟
أصابها الهلع وهى تسمع هذا الاسم مجددا بعد أن اعتقدت أنها قد محته من حياتها نهائيا ,لا تتصور أن زوجها ما زال يحمل لها كل هذا الكم من مشاعر البغضاء والكراهية ,بعد أن فاجأها بمكتب خطيبها السابق كمال الراوى ,ذلك الرجل الذى عشقها يوما ما أكثر من روحه ثم شعر نحوها بالاحتقار بقية عمره ,تذكرت ذلك اليوم الذى لن تغفل ذاكرتها تفاصيله الدقيقة ,سمعت حماها يتحدث الى رجل لا تعرفه ولكنها شعرت أنه غير جدير بالثقة على الاطلاق بخصوص أمر يتعلق بأعمال كمال الراوى ,الذى صار منافسا قويا فى السوق بعد زواجه من ابنة أحد رجال الأعمال البارزين ,شعرت بحيرة بالغة ... هل تذهب لتحذيره ؟ أم تبقى ببيتها متناسية ما كان ,وتغلّبت عليها صحوة مفاجئة للضمير فاذا كانت قد تخلّت عنه سابقا فهى مدينة له بهذا ,غادرت المنزل خفية عن الأعين واتجهت نحو شركة كمال التى أسّسها بمساعدة زوجته -الوريثة الثريّة - وضع فيها كل ما تملك من مال ,شعرت باحساس غامض بأنها منساقة وراء فخ ,ولم تعِ ما يحدث معها الا حينما فوجئت برؤية زوجها مندفعا الى مكتب كمال وهو يرمقها بنظرات احتقار ثم أمسك بتلابيب الرجل المصدوم مما يحدث أمامه ,فأخذ يرغى ويزبد وكاد أن يجهز على غريمه حتى تدخل أفراد الأمن لمنعه ,فاستسلم بعد مقاومة عنيفة ثم جذبها من ذراعها يجرّها خلفه وهو يطلق تهديداته المخيفة ,لم يمنحها فرصة للتبرير أو التفسير ,فما رآه بعينيه كان دليلا دامغا على خيانتها ,وان لم يتعد الأمر مجرد مقابلة بريئة بينهما ,لم تجرؤ على اجابته حينما سألها عما كانت تفعله بمكتب خطيبها السابق ,واصل محاولاته المستميتة لدفعها حتى تتحدث ,وهى أرادت من كل قلبها الدفاع عن نفسها وتبرئة ساحتها أمام زوجها الذى أحبته بصدق ,فعادل هو الشخص الوحيد الذى لم ينظر لها باستعلاء على أنها تعمل سكرتيرة لديهم ,وعاملها كأميرة بعد زواجه منها ,فأوغر صدر أبيه من هذه المرأة التى استطاعت أن تطوى ابنه تحت ابطها كما تصوّر .
تذّكرت الشهور المتتالية وهو يواصل الضغط عليها حتى تحاول الدفاع عن نفسها ,فخشيت لو أخبرته بالسبب الحقيقى أن يخبر حماها بموقفها تجاه كمال ,ويحطم هذا الرجل حياتها الى أشلاء ,أغفل عادل ذكر ما حدث بينه وبين زوجته عن العائلة ما كان بيده أن يفعل ... هل يذهب ليبكى تحت قدمى أبيه ويخبره بأنه وجد زوجته المخلصة فى مكتب حبيبها السابق ,هل يطلب منه السماح والغفران لأنه خبّر حقيقتها قبل الجميع ,وهو الذى انساق نحو شركها مخدوعا معميّا عن مساوئها ,أخذ يسألها محترقا بنار الشك والغيرة : ايه اللى كان ناقصك معايا ؟ قصّرت معاكي في ايه؟
ولكنه كان يعى حرمانها من حقها الطبيعى فى أن تنجب أخوة لابنها الوحيد ,كانت هذه هى نقطة الضعف الوحيدة ,فبعد اقصاء فريال الى مكان بعيد , أصابته حالة نفسية سيئة ,أثّرت على سير حياته الزوجية ,فحينما واجه منى بدليله القاطع على خيانتها ثارت بوجهه متهمة ايّاه بتقصيره المخذل فى حقها ,مما اضطره الى السكوت والتسامح مع موقفها أو لنقل على وجه الدقة التعايش ... فقط تعايش معها ومع ذكرى عدم الاخلاص ... لم ينسَ قط ما فعلته ولم يغفر لها معايرتها له ,فانهار زواجهما فعليا وقتها وصار مجرد زواجا اسميا اكراما لصالح سيف.
مني : أنت لسه متضايق مني عشان الموضوع دا , مش قادر تنسي ولا تغفر  ... ماشي,ولو أن دا مش هيفيدنا بس أنا هقولك الحقيقة كلها , لأن اللي كنت خايفة منه مبقاش موجود , ومبقاش عندي حاجة أخاف عليها, بس قولي ازاي عرفت أنى روحت شركته في الوقت دا بالتحديد ؟
ضاقت عيناه وهو يتمزق كليا بسبب سيل الذكريات المؤلمة فاندفع قائلا بمرارة:
-ابويا ... هو اللي بعتني لكمال عشان يتفاهم معاه بخصوص الصفقة المشتركة بينهم ,ومصدقتش عينىَ لما شوفتك داخلة تتسحبي لمكتبه من غير ما أي حد يشوفك,كنت مغفل لأقصى درجة , مش كده برضو ؟
انبرت تدافع عن نفسها وعن زوجها الذى اتسعت الهوة بينهه وبينه على مدار الأيام سامحين للحب الكبير الذى ربط قلبيهما أن يتحول الى حقد دفين ,فأخذت تهز رأسها بعنف وهى تنفى هذا الاتهام:
-مكنتش مغفل لوحدك , أنا كمان وقعت في الفخ زيك بالظبط .
وبدأت تعيد أحداث هذه الليلة البعيدة حيث فقدت كل معانى السعادة الصادقة على اثرها ,واندفن معها قلبها ومشاعرها ... خلف قناع من الجمود والحقد الذى سيطر على تصرفاتها تجاه عائلة زوجها.

*********************

متنسوش الفوت وتعملوا شير للرواية ياقمراتي😘😘

(عشقت صيادي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن