الفصل الحادي عشر

13.4K 232 19
                                    

همسُه جوار أذنها بصوته الأجش المختلط ببحةٍ رجولية أعادها للواقع، هي ليست بقصر أبيها، ولا بهذا السرداب، هي بين أحضان أقرب شخص إلى قلبها، هي بين ذراعيّ فهد الصاوي و لن يصيبها ضررٍ، و كأنه قرأ أفكارها فرفعها عن الأرض محاوط خصرها بذراعيه القويان، يقول بصوتٍ قويّ:
- إنتِ في حُضن فهد الصاوي!!  .. يعني محدش يقدر يلمس شعرة منك!!!!

تشبثت بقميصه من الخلف تدفن رأسها في عنقه و دمعاتها بللت تجويف عُنقه، لا تريد رفع رأسها و مواجهة وحش الظلام مجددًا، لا تُريد من عيناها أن تزوغ بين حنايا هذه الظُلمة التي باتت تسكُن قلبها، أغمضت عيناها تستشعر لمساته الحنونة على ظهرها لكي يُهدأ من روعها، قبلةٌ توسدت جانب خصلاتها الكثيفة من شفتيه، ليهمس بعدها برفقٍ:
- حبيبتي .. إهدي!

إرتجفت شفتيها و هي تهمس و أنفاسها تضرب بشرة عنقه مثيرة به أحاسيسٍ شتّى:
- إنتَ سيبت شُـ .. شُغلك بسببي، أنا .. أنا أسفــ..

بتر عبارتها هامسًا بعشقٍ قد تجلّى مُتزينًا برداء من الحنو و الرفقٍ معًا:
- يتحرق الشغل باللي فيه .. مافيش حاجة تتقارن بأهميتك عندي!
ثُم شدد على عِناقها أبعد خصلاتها عن جانب عنقها ليضعهم على الجانب الآخر، ليميل بثغرُه مُقبلاً جانب عنقها قبلات متفرقة متقطعة جعلتها تتشبث به أكثر!

حملها بين ذراعيه كالطفلة المُدللة لوالدها، فسارت بالتشبُث في عنقُه بخوفٍ بالغ فتبسّم ثغرُه ومال بشفتيه يُقبل مقدمة رأسها، ثم سار بها بخطواتٍ وئيدة حذٍرة وسط الظلام، فهو حفيظ لكُل ركنٍ من أركان القصر، و حتى وسط الظلام الدامس هذا يستطيع أن يسير بأريحية به، و عندما وصل للجناح و دلف لغرفتهما كانت هي لازالت متعلقة برقبته رافضة كُل الرفض أن تنظر حولها و إرتجاف جسدها بين يداه مع بردوته قد مزَّق قلبه، جلس على الفراش مستلقيًا وظهره مستندًا فوق ظهر الفراش واضعًا إياها بين أحضانه، و رأسها موضوع على كتفُه، فأخفت وجهها داخل عنقه مجددًا، و رُغم أن فهد لم يكن يعلم عن طفولتها المُظلمة شئ إلا أنه لم يقلل من خوفها من الظلام، و ظن أنها فوبيا فطرية لربما ولدت بها، لم يكن يعلم ما تعانيه المسكينة حتى و هي بين أحضانه!!، تشنجات جسدها وهي بأحضانه و كأنها تعاني خيالات تركض خلفها حتى إنقطعت أنفاسها جعلُه كل هذا يغلغل يداه لخصلاتها ليمسد عليهم متسائلاً عن ماهية حالتها تلك! و فجأة أُنير المكان و عادت الكهرباء، فإبتسم بهدوء يُربت على ظهرها:
- النور جيه يا تاليا!!!

لم تبتعد عنه أبدًا و كأنه لم يقُل شئ و هو بالطبع لم يعارض، فهو يتمنى أن يتوقف به الزمن عند هذه اللحظة، ولكنها وبعد دقيقتان أبعدت وجهها الأحمر و الذي كان قد إمتلئ بأكملُه بالدموع عن عنقه تنظر لها نظرات زائغة!! صُدم و هو يرى كم هائل من  الدمعات تحفر وجهها الأحمر، أسرع يحاوط وجهها بكفٍ واحد و الآخر أعاد به غرتها الملتقصة بجبينها يقول و هو يتفرس مِحياها بلهفة قلِقة:
- في إيه ليه كل العياط دة! حاجة حصلتلك و أنا برا؟!

انتقام ملغم بالحب - للكاتبة سارة محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن