مساء يوم الأربعاء - الساعة 8:37 مساءً
[المكان هادئ، إلا من صوت ساعة الحائط. ربى جالسة على الأريكة، أمامها كتاب مفتوح على نفس الصفحة منذ ساعة. عيناها على الباب منذ زمن. ترتدي كنزة واسعة من قطن بلون الكرز الداكن. تشرب شيئًا دافئًا وتحاول أن تُشغل نفسها... لكن عبثًا.]
[ينفتح الباب أخيرًا. يدخل أشهم متعبًا، يحمل ملفاته وعلبة قهوة صغيرة، وجهه شاحب، ملابسه متجعدة قليلًا من طول اليوم.]
ربى (تنهض فجأة):
أشهم...؟أشهم (بصوت متعب):
مساء الخير...ربى (تسير نحوه):
اليوم الرابع اللي ترجع فيه متأخر، وما تاكل، وما تنام، وما تتكلم!
أشهم... أنا هنا.أشهم (يضع حقيبته على الطاولة ويتنهد):
أعرف يا ربى... أعرف...
بس الضغط مو طبيعي... قضايا، تقارير، جلسات، تحقيقات، تهديدات، نوم متقطع، أكل على الواقف...ربى (بصوت مكسور):
وأنا؟!
وين مكاني بين كل هذا؟ حتى كلمة "كيف حالكِ؟" صارت حلم!
حتى وانت في البيت... مو معنا، مو معي... ساكت، غايب، جسدك فقط موجود.أشهم (ينظر في عينيها):
ما كنت أنوي أوجعك... ولا أتركك.
بس عقلي مشغول طول الوقت.
وأحيانًا أنسى... أنسى إني أحتاج أوقف، أتنفس، أمد إيدي لك.ربى (تقترب منه):
أنا مش ضد عملك، ولا أنانية.
بس لما أمد إيدي لك، تلقاني.
أنا متزوجتك لأكون جانب الصورة... أنا جزء منها، قلبها، نصها التاني.أشهم (يمسك يدها):
وأنا الغلطان، أعترف.
ضعت في دوامة الواقع... ونسيت إنك الأمان الحقيقي.
بس ما كنت أعيش هالضغط عشان أتجاهلك، كنت أحاول... أحاول أبني لنا حياة مستقرة.ربى (تدمع عيناها):
بس أحيانًا الاستقرار اللي تبنيه خارج البيت يهدم شي جوا البيت.أشهم (يضمها إليه):
انتهى هذا الأسبوع، والله تعبت...
تعالي، نجلس شوي، نحكي، أحكي لك حتى عن تفاصيل شغلي... لو تبين.
بس لا تخليني أحس إني جرحتك.ربى (تمسح دمعتها وتبتسم بخفة):
أحكي لي عن شغلك، حتى لو ما أفهم كل التفاصيل... بس أبي أحس إني معك في كل شيء.أشهم (يربت على كتفها):
طيب...
بدأت الأسبوع بتحقيق مع تاجر سلاح... طويل جدًا...
وفي نصه، استدعينا شخص اعترف بمعلومة فجّرت ثلاث ملفات أخرى!
وبعدها ضغط فوق ضغط... بس كل مرة أغلق ملف، كنت أتمنى أنتي اللي أقول لها "انتهينا".ربى (تضحك):
كان ممكن أقول لك "برافو، بطل البيت"، وأحضّرك عصير رمان بعد كل انتصار.أشهم (يبتسم):
يا ريت، والله...
أنا محتاج هالعصير، ومحتاجك أكثر.ربى:
أنا هنا... وباستمرار.
بس لا تنسَ... حتى أقوى القلوب، تحتاج كلمة، لمسة، حتى لو من خلف شاشة.
