"في عالم يحكمه الفساد، كلما انحنت الظهور، زادت الأيدي التي تُغرس في الجراح. لا أحد ينجو من هذا الفخ، حتى وإن تظاهروا بأنهم أسياد"
.
.
.
.في مكان اخر المكسيك
خيوط الشمس تتسلل من بين فتحات النافذة الضيقة، كأنها أصابع ذهبية تتحسس تفاصيل الغرفة، ثم تستقر على خصلات شعرها. كانت تقف أمام المرآة، تتأمل انعكاسها بشغف من يعرف قدر فتنتِه، تغازل صورتها بابتسامة خفيفة، بينما تنقل بين أصابعها لعبتها المفضلة — المسدس. راحت تمرر فوهته على خصرها الرشيق ببطء محسوب، كأنها تكتب على جسدها قصيدة خفية لا يقرأها سواها.
خرجت للتو من الحمام، لا يغطي جسدها سوى منشفة ناعمة، بينما شعرها الطويل، المبلل، ينسدل حتى خصرها كخيوط من ذهب سائل. ضوء الصباح يعانق خصلاته، فيشتعل لونها وهجًا أخّاذًا. عيناها الزرقاوان، رغم برودتهما وظلال الأسرار التي تحجب أعماقهما، كانتا تسحران من يحدّق فيهما؛ عينان أشبه ببحيرة صافية تخفي تحت سطحها دوامات لا تهدأ.
كانت مزيجًا آسرًا — كأنك تنظر إلى لوحة للطبيعة جمعت بين عذوبة السهول، قسوة الجبال، وغموض الغابات. للوهلة الأولى، قد تبدو فتاة بريئة، لينة، لا تعرف من الحياة سوى زينتها ومراياها.
لكن خلف هذا القناع الرقيق...
تتوارى روح مغلولة بأغلال من فولاذ.
روح تنتظر اللحظة الحاسمة.
لحظة الانتقام.لحظة تسقيهم من ذات الكأس التي أذاقوها مرارتها، وتذيقهم الحنظل الذي سُقِيَتْه قهرًا.
امرأة خطّت طريقها بالدماء، وجعلت من أرواح الخائنين تسلية لفراغها. وكما ارتشفت من مرارة الحياة كؤوسًا لا تحصى، ارتشفت من كأس الانتقام رشفات متتابعة بلا اكتفاء، حتى غدت طعمته جزءًا من فمها.
كانت عكس مظهرها تمامًا — بريئة، لطيفة من الخارج...
لكنها واحدة من أشهر السفاحات اللاتي عرفهن عالم الخيانة.
امرأة لا تبتسم إلا حين تسقط ضحيتها راكعة تحت قدميها، ولا تذرف دمعة إلا حين تغرس خنجرها في من خانها.دقة وسرعة، بدلت ملابسها وجففت خصلات شعرها الذهبية، ثم خطت خارج قصرها الفخم كأنها تسير على مسرح اعتادت اعتلاءه. التقطت مفاتيح سيارتها السوداء ذات السقف المكشوف، وقادتها بجنون، الإطارات تصرخ تحت سرعتها اللاهثة.
ما إن وصلت وجهتها، حتى أوقفت السيارة أمام قصر فخم بابه شاهق الحراسة. قبل أن تفتح الباب، التقطت من المقعد الجانبي قناعها الجلدي — قناع مصنوع بإتقان من جلد الأفعى. وضعته على وجهها بحركة بطيئة واثقة، ثم همست بصوت هادئ لا يخلو من برود متعالٍ:
"حان وقت العمل."
نزلت من السيارة وقد أمسكت بكلتا يديها سلاحين، عيناها تتلألآن خلف القناع ببرود قاتل. لم تكترث بالأنظار المدهوشة التي انصبت عليها من الحراس أمام الباب؛ بلا تردد، وبمنتهى اللامبالاة، فتحت نيرانها عليهم.
لم تتح لهم حتى فرصة لمس أسلحتهم — قبل أن يتحركوا، كانوا قد تساقطوا أرضًا، أجسادهم تتلوى في صمت الموت.

أنت تقرأ
الافعى الناعمة
Horrorفي عالمٍ لا يرحم، حيث الخيانة تُغرس كخنجر في الظهر، والولاء عملة نادرة... تتسلّل "جودي موران" كامرأة ناعمة الملامح، باردة المشاعر، تحمل ماضٍ حارق لا يُنسى... ومخطط انتقام لا يعرف الرحمة. لكن كل شيء يتغيّر حين يظهر "كارل أماتو"؛ محامٍ بوجهٍ قانوني، و...