لعنة التناقض

الاستسلام

غيوم قاتمة تجول فوق سرب من المآسي وهي تبرق أحزاناً وترعد ندماً وتهب  رياح تعبق برائحة الخبث والدماء وسط أجواء لا تبشر بالخير .
انتهى الحوار المحتدم بين《كين》و《ميدو》بخروج《ميدو》من النادي ولكن قبل أن يخرج أخفى سكينته داخل قميصه الأبيض وحمل حقيبته وراح يتربص حوله خشية أن يغدر به دون أن يدري وعندما أيقن أن لامفر من المواجهة قرر أن يحل هذا الأمر بنفسه ، كان《بولنت》مازال مختبئاً في الحقيبة من الخوف فتح《ميدو》الحقيبة وهمس ل《بولنت》بشيء ما ثم أغلق الحقيبة وتركها على حافة الطريق وأكمل سيره وبعد مدة قصيرة صرخ :

أنا أسلم نفسي .

وانتظر الرد ، وما إن قضي بضع ثواني حتى جاءه رجل من رجال《مورن》كان يتربص به عن بعد وكان يحمل حبلاً بنياً غليظاً من الجلد فربط به يدي《ميدو》وشده بإحكام وهو يقول:

إذاً كنت تعرف أنني أراقبك .

فرد عليه《ميدو》مستهزءاً :

ماهذا الغباء الذي تتفوه به وكيف ستعرفون أنني سأنصاع لأوامركم دون مراقبتي .

قهقه الرجل ثم قال:

لسانك السليط لن يخلصك هذه المرة من قبضتنا .

وأخذ به نحو بيت قديم قد صبغ الغبار  أغلب جدرانه البنية  بعدما هجر لفترة طويلة يشاع أن صاحبه قد عذب ابنته فيه حتى ماتت فتحولت لجني يسكن المنزل  فلا يقترب أحد منه ،
دخل《ميدو》إلى المنزل . كان المنزل فارغاً ومعتماً بشدة لا يدخله ضوء سوى من بعض فتحات الجدران التي صنعتها بعض الفئران والطيور ورائحة الغبار والعفن تعبق بالمكان حتى النوافذ أغلقها جيران المنزل بصفائح خشبية  خشية دخول أولادهم إليه إنه مهجور فعلاً فوجد《مورن》مع رجاله جالسين على الأرض وينظرون نحو الباب  منتظرين القادم وأعينهم تنقط خبثاً فقال《مورن》متبجحاً :

ماذا ماذا أرى هل اقتنعت أخيراً في الإستسلام أكان يجب أن تتعبنا كل هذه المدة لو استسلمت منذ البداية لكنا وفرنا كل ذلك الوقت المهدور .

أخرج《ميدو》السكينة من ملابسه بحذر شديد خشية أن يراه أحد وبدأ يقص الحبل رويداً رويداً بهدوء وهو يقول:

أنا لم آتي إليكم لأستسلم بل جئت لأفهم مبتغاك أنت ومرسلك مني ثم إنني لا أرى الطالب هنا .

_لا تقلق إنه مازال حياً ثم أنت لست بمكان يسمح لك به بالسؤال خصوصاً وأنت مكبل أمامي هيا أرني هالتك .

_أي هالة تقصد .

_لا داعي لهذا الإستهبال هيا أخرجها وإلا لن تنجو على هذه الحال .

_طيب هل تعرف كيف أخرج هذه الهالة التي تريدها .

_هل تستغبيني ياهذا أم تراني معتوهاً ألست ابناً أم ماذا .

قالها《مورن》بانفعال . ثم تقدم إليه أحد رجاله و بدأ يهمس في أذنه قائلاً:

هل حقاً هذا هو الشاب المطلوب يا سيدي .

_ماهذا السؤال السخيف بالطبع إنه هو .

_سيدي حتى الآن لم نعرف اسمه بعد ولم نرى أي شيء يشير على أنه الشخص الذي نبحث عنه .

أفحم الرجل《مورن》بكلامه فقال في نفسه:

ربما يحمل كلامه شيئاً من الصحة يجب أن أتأكد .

فأعطاه حجراً أحمر يشبه الألماس بشكله لكنه لا يلمع  ثم قال :

اذهب إليه وحكه بصدره ثم أتني به .

حاضر وأخذ الحجر واتجه نحو《ميدو》وحك الحجر بصدره بعنف ثم عاد إلى《مورن》وأعطاه الحجر من جديد ثم بدأ يمحلق بالحجر فبدت عليه نظرة توحي بالإحباط ، ثم بدأ يقول في نفسه :

ماهذا لاتوجد أي تغيرات فيه سحقاً لن أسلم من السيد《أركون》هكذا تباً لذلك الرجل كان يتلاعب بي منذ البداية .

ثم تقدم رجل آخر وقال :

والآن بماذا تأمرنا أن نفعل يا سيدي .

تنهد《مورن》ثم قال بنبرة محبطة :

إنه شخص عادي اقتلوه بسرعة لا أريد أن أراه يمشي على ساقيه .

فقال《ميدو》متشوقاً :

وهل تعتقد أن قتلي سهل هكذا سأجعلك أنت وفئرانك تندمون على عبثكم معي .

عندها استطاع قطع الحبال وتحرير نفسه ثم أمسك سكينته وأخذ وضعية القتال وهو ينظر باتجاه《مورن》بعينين مرتبكتين وهو يتمتم :

تباً لذلك الغبي لم تأخر كل هذا الوقت .