أسرى إلى الأبد..

151 4 20
                                    


صراخه كوعيه متأرجح..تارة يعلو و تارة يتحول إلى أنين مكتوم..
تنهدت سديم بعمق و تحركت إليه بخطوات حذرة لكن ثابتة..
فتحت بابه و ما استطاع هو حديثا أو مقاومة..
كان الألم يسيطر على حواسه و كيانه بأكمله..
ليس ألم جسده فقط و لكن ألم روحه أيضا..
إنه يموت هناك..دون وريث و دون قصاص..و دون حب..
يذهب إلى الدار الآخرة و لا يوجد من سيقف على قربه ليتذكره و يدعو له..
قد عاش سلطانا له هيبة..و الآن يموت في أحراش ما كأنه أبدًا لم يكن..

تأملت سديم حاله قليلا من على مقربة..خلعت عنها سترة البذلة لتضعها على جسده المتكور ألما..

-" ربما تخشى كلام فيروز..و لكن أنا لا أؤمن به و لا أخشاه.."

صوتها المبحوح لفت انتباهه..نظر إليها بأعين اختلط فيها الغضب مع الألم و لم يكسر حدة تلك النظرات سوى قطرات العرق الغزير التي كست وجهه..

-" هذه السترة تنتمي إليك على عكسي..إنها ما اخترت أنت..لذلك ليس عليك أن ترفضها..و ليس عليك أن ترفضني أيضا..فحتى إن اتفق كلام فيروز مع حادثة في الواقع فأنا أقسم لك بأنها مهما تنأبت فلن تصيب تنبؤاتها كبد الحقيقة التي تنتظرنا في النهاية..
لن نكون عشاقا..أنت ستخرج من هنا..سيكون لك حياة و ستأخذ قصاصك..
ستنساني قريبا..ربما بعد عام أو أقل..
وسام سيتعافى مني و من علاقته ب لارا..و سارة ستتغير لأجل فادي..
و أنا أعود للمنزل كأن شيئا لم يكن.."

تركيزه على صوتها و كلامها المبحوح كان يصرف ذهنه عن معاناته بعض الشيء..فيلتقط أنفاسه قليلا بعد أن كان يلهث في صمتها..
و للحظة كاد أن يتحرك حركة عنيفة و يطرق رأسه في حافة السيارة..
إلا أنها دعمت رقبته و رأسه في حركة تلقائية..
يداها باردتان..

-" آه.."

فر من شفتيه أنين المريض إذ يبدأ الدواء في العمل و إزالة بعض من ألمه..
آهته كآهة المغترب إذ ينام أول ليلة على سريره وسط أهله..
يتساءل عن هذا الشعور الغريب..
كيف ليدين باردتين أن تحملا هذا القدر من الراحة و المواساة؟!
كيف للمسة أن تفني الألم؟!

-" يعجبك البرد؟! تستسيغه جراحك؟! "

لم يستطع الإجابة..قد كان مغمض العينين مرتاح الجسد..
فظلت تفعل ذلك الأمر مرارا..
كلما دفأت يد نزعتها عنه حتى تبرد ثم تعيدها إلى رقبته من جديد..

-" سديم.."

همس أخيرا..و تنهدت هي..هو مستهلك الطاقة و هي قليلة الحيلة..
و كلاهما وسط اللامكان..

-" امم.."

أجابته بمهمة بسيطة..

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن