-" سيد بيان.."
صوتها الحاني أيقظه..
-" لقد ارتفعت درجة حرارتك مجددا..عليك أن تأخذ الدواء..لقد وجدت بعضا من المقرمشات هنا..عليك أن تأكلها كي لا يضر الدواء معدتك.."
تأملها بيان بأعين ناعسة و جسد متعب..
-" ظننت أننا اتفقنا على الحصول على بعض الراحة.."
تنهدت و هي تجلس على الكرسي المجاور للأريكة..تناوله الدواء و المقرمشات..
-" فتحت كيس المقرمشات و ناولته له.."
نظر للكيس بتثاقل و كأن الأكل هو أصعب مهامه على الإطلاق..
-" لا تجبر نفسك..فقط قليل يكفي..أعلم أن هذا قد لا يتناسب مع ذوقك و ربما يحفز معدتك بشكل غير مرغوب به..لذلك رويدا رويدا على نفسك.."
تجلس بكامل جسده مضمومة الأرجل على حافة الكرسي..هو متعب و منكس الرأس و هي تصب كل اهتمامها عليه..
-" هل لي أن أطلب منك شيئا؟! "
توقف بيان عن الأكل بعد أن تشجعت و كسرت الحاجز بينهما بهذه الجملة..
-" بالتأكيد.."
وضع هو كيس المقرمشات بعيدا و اعتدل في جلسته لينظر إليها مباشرة..
-" إن كانوا ينوون قتلي هل تفعلها أنت؟! أنا لا أريد الموت بينما أنظر لأعين لا أعرفها..بيد أشخاص غرباء تماما عني..لم يجمنِ بهم حديث عابر و لا ابتسامة كالتي يتصدق بها البشر على بعضهم البعض..
أعلم أن ما أطلبه هو شيء ثقيل..و الرفض حقك طبعا.. و لكن أنا أريد أن أموت برحمة و كرامة..ألا يعود جسدي إلى أهلي مشوها أو متجمدا على هيئة تفزعهم.."صمتت عند هذه النقطة..ذراعها مستقران على ركبتيها و تنظر للفرش أسفل قدميها و كأنها تنوي حفظ كل خيط فيهم..
أخذ نفس عميقا و تشابكت أصابعه مع بعضها البعض..أغمض عينيه للحظة و استقرت ذراعاه عبر ركبتيه هو الآخر..
-" حسنا..قبل أن أجاوبك..دعيني أسألك أنا أيضا..لو كان الموضع معكوسا هل كنتِ تقبلين بقتلي..لو كان من ضمن الخيارات التي طرحتها سارة قتلي و التحرر للأبد..هل كنتِ تفعلين ذلك؟! "
انتظر هو إجابتها بصبر..و لكنها أبدًا لم تتأخر في الإجابة..
-" انظر.."
ارته جرحا في ظاهر كفها..يبدو و كأنه تعافي من أثر حرق..
-" لقد أصبت بهذا الجرح منذ شهور..لقد نزفت كثيرا و تألمت لدرجة أنني لم أكن قادرة على النوم..في البداية كنت أسأل نفسي كل يوم متى سيزول أثره..و لكن بعد فترة إذ اندمل وجدت نفسي قد اعتدت عليه و أحببته..
و كأنني خلقت بهذا الندب منذ البداية..بعدها أصبت بجرح آخر..تركته ينزف حتى تجلط الدم عليه..رحبت به..أبدًا لم أكرهه..كلما نظرت إليه شعرت أنه كطفل لي..بدأت أشعر أنني ممتنة لندوبي لأنها أتتني و أصبحت جزءا مني..
هذا ما يحدث لي كلما عالجت جرحا أو ارتبطت بأحدهم ألما..
تصبح لهم قيمة كقيمة ندوبي..
أنت بالنسبة لي كندبتي التي رحبت بها..أنا أذرف في سبيلك الدماء..و أحتفظ بك و إن كلفني ذلك الذكريات و الألم..
عندما وضعت تلك السكين على جسدك انكوى جزء من روحي كما كويت جرحك..
هذا أثر لن يزول من داخلي إلى الأبد..
أنا لا يمكنني قتلك..لكي أقتلك علي أن أموت أولا..
أنا لا أقتل الرجل الذي حاول حمايتي مهما كان الثمن.."
أنت تقرأ
ظلال
Romanceعلى اختلاف الجنسيات و الطباع و العادات جمعتها الظلال صدفة في حفلة لا تمت لما هم عليه أو ما يشعران به بصلة.. بدل الأضواء حل الظلام و بدل حلت أصوات الرصاص.. لبناني و مصرية..متزوج و عزباء..و لكن كلاهما يتشاركان في الآلام..في الظلال.. كيف تنتهي الحكاية...