الأسبوع الأول

1.2K 111 77
                                    


" لا تقلق اوياجي.. لن يكون عائقاً، أعدك بذلك يوي " تنهيدة عميقة قد فارقتني بعدما نلت كفايتي من توبيخ والدي لي عبر الهاتف النقال، الحقيقة لا أستطيع سماعه جيداً فالقطار يعج بالناس من حولي، كل ما أفهمه من الكلمات المنبعثة من مخرج الصوت هو استياء والدي من حقيقة أني قد قررت سلفاً تغيير جدول عملي وأخذ ساعات تعويضية في أيام محددة حتى أفرغ يوم الأثنين والثلاثاء لإتمام دراساتي العليا في المادة التي قد تعثرت فيها حتى أستطيع اكمال بحث الدكتوراه بالفصل القادم مما قد يتسبب بانشغالي وقلة تواجدي بالقرب من عائلتي، العائلة تأتي بالمقام الأول بالنسبة لوالدي في كل قرارات الحياة.

مقر عملي في مستشفى نيو إمستردام الذي يقبع في نيويورك بينما جامعة الطب التقويمي تقع في فيلاديلفيا، هذا الأسبوع الأول في دراستي لهذا الفصل، أنه قرار صعب للغاية بعد أن أوقفت دراستي لعامين حتى أتفرغ لعملي في نيويورك وسوف أواجه الكثير والكثير من الصعوبات وأولها مسافة الطريق الطويلة واستئجار فندق في كل أسبوع أسافر فيه إلى فيلاديلفيا بحكم دراستي ليومين في الأسبوع.

الفصل الدراسي الواحد يمتد لستة عشر أسبوع، سيكون تحدي كبير في أن أوازن بين دراستي وعملي.

" لا أسمعك جيداً.. ع.. ب.. خ.. " تظاهرت بفقدان الشبكة وعدم قدرتي على السماع حتى أغلق المكالمة، لأول مرة استخدم هذه الحيلة.

لكن هنالك من دمر حيلتي، صرخة تلك الفتاة التي قد سقطت أرضًا أمام قدميّ، كانت سقطة عنيفة على الوجه!.

" هل أنتِ بخير يوي!!" نسيت إغلاق هاتفي ومددت يد العون حتى أساعدها على الوقوف.

" أيها الكاذب الآن أصبحت قادراً على الكلام! " الصمت الذي حل داخل القطار قد ساعدني على سماع والدي جيداً، في الحقيقة تمنيت لو الجميع لم يصمت، لكن سقطة هذه الفتاة قد خطفت الأصوات والأنظار.

امسكت بذراعيها التي قد طبقت على أرضية القطار من قوة سقوطها، رفعتها بهدوء حتى استطاعت ان تجلس بدلاً من وضعيتها السابقة، بمجرد أن أصبحت قادراً على رؤية وجهها قد أنتبهت إلى أنفها ينزفُ دماً، غطته بيداها بسرعة وعيناها تلمع دموعاً، كانت محرجة للغاية.

" حسناً.. إنتهى العرض " لوحت بيداي في كل الجهات حتى أصرف أنظارهم، لم يفكروا أن يساعدوا ولو بالقليل. عادت الأصوات تُخلق لتخفي الصمت.

" اللهي!! انا أنزف! " قالتها بصوتٍ مكتوم بسبب يداها التي تغطي منتصف وجهها.

رائع.. حتى بالقطار أصادف حالة مصابة، أحتاج إلى الراحة..

مددت يداي حتى اتأكد من وجود كسر أو إصابة بالأنف، جيد لا يوجد شيء يثير القلق، كان الضغط على الأنف جراء السقوط هو السبب في النزيف.

" ستكونين بخير، سوف يتوقف النزيف بعد فترة قصيرة يوي" اخرجت المناديل من حقيبتي ووضعتها على أنفها والتقطتها القتاة من يدي حتى تستلم المهمة، وقفت حتى أجلس في مكاني مجدداً.

" شكراً لك.. " وقفت الفتاة أمامي ووقتها قد نظر الجميع الي بنظرات ناقدة، ما خطبهم!.

بتلك اللحظة قد وقف الرجل الذي كان يجلس بجانبي حتى يتيح المقعد للفتاة المصابة. رائع، الآن قد أصبحت الرجل السيء؟!.

" أوه.. شكراً لك! " جلست الفتاة بجانبي، أشغلت نفسي بتصفح هاتفي على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي.

لمحتها ترفع رأسها وتسنده على رأس المقعد خلفها، لا أريد التدخل، لكن بما أني طبيب هذا يجعلني متطفلاً.

" اخفضي رأسك حتى يلامس ذقنك نهاية عنقك.. هذه الطريقة الصحيحة لتسريع عملية ايقاف النزيف يوي " قلتها وعيناي لا تزال على الهاتف.

" أوه! " اخفضت رأسها كما قلت تماماً. " لديك الكثير من المعلومات.. أشعر بأني غبية " ضحكت الفتاة وتقوست شفتاي مقاومةً الابتسام.

" كما يقولون.. كل يوم درس جديد يوي " قلتها بهدف ختم الحديث بيننا.

" هل أنتَ طبيب؟! " لم يمنعها اخفاض رأسها على سد فمها من الكلام، مذهل..

" أجل.. طبيب أعصاب " جاوبت بهدوء وعيناي لا تفك عن الهاتف بيدي.

" وانا كذلك! " ماذا؟! لا تبدو كطبيبة!، نظرت إليها اخيراً وكلي فضول لمعرفة المجال الطبي الذي تختص فيه. " طبيبة بيطرية " أكملت كلامها.

" بالتوفيق يوي.." عدت أنظر إلى هاتفي، انا أعالج البشر وهي تعالج الحيوانات، لست فضولياً بعد الآن.

* 'رسالة جديدة' ايس : ماركو! لم تخبرني عن إكمالك لدراستك الجامعية! عند عودتك علينا الاحتفال بصخب! أراك قريباً، بالتوفيق أخي 💪🏻.

* ماركو : تمنى لي النجاح وحينها لنحتفل، أراك قريباً 😂.

رحلتي تبلغ الساعة والنصف حتى أصل، إنها السادسة صباحاً الآن..

سيكون فصل دراسي ثقيل..

المُلْتَقى والمُفتْرَق | ماركو ون بيس | Marco One Pieceحيث تعيش القصص. اكتشف الآن