صوت تدفق المياه الباردة داخل حمامه كان يبعث فيه شعور بالسكينة و الراحة , اغمض عينيه يستمتع بلحظات سكونه ,يحاول تناسي رائحة الدماء اللاصقة به ,ليست دماءه ,فرغم اصاباته الا انه لم ينزف' على عكس اعضاء تلك العصابة التي لقت حتفها منذ قليل
كان غارقا في عالمه الخاص يدع شخصية رجل العصابات تقف تراقب شخصيته الأخرى تستمتع بقطرات المياه , قبل ان يقطع متعته طرقات على باب غرفته , اخوه ايغور لم ينتظر دعوة للدخول ,مقتحما مساحته الخاصة ,جالسا على حافة سريره ..
ايغر كان عكس اخوته هو اصغرهم لذا حمل من الحب ما لم يحصل عليه اخويه الاكبر ,هو لم يبرع في مسك السلاح كباقي افراد اسرته , هو اراد دائما حمل الورود ,ورود بيضاء يضعها فوق اجساد ضحاياه فحتى الحمل الوديع لعائلة دميدوف خلف وراءه دماء.
ابتسم و هو يرفع مجلة احضرها معه ,رفعها امام عينيه السوداويتين
'اميرة الاحاسيس ,جميلة الجميلات ,تتحصل على جائزة العمارة التي تفوقت فيها بتحفتها مستشفى الاطفال '
كان ايغور يقرا ما كتب بأسطر كبيرة قبل ان يصمت يتأمل صورة ارينا حاملة ملكة الشطرنج تبتسم ابتسامة باردة ,تلك الصورة التي طبعت على اولى صفحات المجلة ، العالم كان يصمت للحظة امام جمال ابتسامتها ,كان العالم يترحم على روح المصور الذي صمد امام تلك الاعين العسلية
'هل انت متأكد انها فتاتك ؟'
قالها كاتما ضحكة عندما خرجت كلماته تلك
' هل اميرة الاحاسيس هي نفسها شيطانة المشاعر ,الزعيمة المستقبلية لعائلة ارلوف ؟'
قالها ضاحكا و كانه تخيلها ممسكة براس احدهم عوض قطعة الشطرنج تلك
و قبل ان يضيف شيء من مزاحه قاطعته والدته التي انظمت له مقتحمة مساحة ديميتري ,كأنهما ليسا امام الرجل الذي يرتعب كل من ينطق اسمه في عالم المافيا ,ذلك العالم السفلي ...
كرستين رغم مرور الزمن تاركا بعض التجاعيد الا انها حافظت على رشاقتها و جمالها ازداد جمالا كنبيذ مخمر تزداد حلاوته كلما تقدم العمر
كانت تقف كلوحة فنية رسمها فنان عاشق لسيدة روسية بيضاء البشرة عكس سواد عينيها الذي ورثه ايغور عنها ,تقف هناك عاقدة حاجبيها تتقدم صوب صغيرها
'ايغور ما الذي تفعله هنا'
كانت تعاتبه كما كانت تفعل عندما يقحم نفسه في مشكلة ,الا انها تنسى احيانا ان الذي يقف امامها ليس صغيرها ذا الرابعة عشر انما رجل عشريني طويل تزين عنقه وشوم سوداء يحمل خلف ضهره سلاحا قاتلا ,
'كنت اعقد صفقة مع اخي , '
قالها بصوته الضاحك يشير براسه في اتجاه حمام ديميتري الذي اوقف تدفق المياه هو الاخر
'امي ,لم لا تزوجينني انا ارينا ؟'
نظرت كرستين الى ابنها قبل ان تخرج تنهيدة من داخلها رافعة يديها كمن لا حيلة له امام طيش ابنها ,كرستين رغم صرامتها في تربية اطفالها الثلاث الا ان ايغور كان جامحا ,طائشا اكثر من اخوته
و هذا ما رفع صوت الضحكات على طاولة هذه العائلة ,هو كان الفرد المبتسم الضاحك دائما
'الانها تناسب اخاك '
قالت كرستين تكتم ضحكة عند تذكرت ان حلمها بتزويج ابنها قارب على الانتهاء.
قطع صوت ضحكاتهما المكتومة خروج ديميتري من الحمام , يلف جزئه السفلي بمنشفة بيضاء ,يرفع خصلات شعره الاسود المبلبلة من فوق عينيه
ديميتري كان الهة في الجمال ,هو ورث زرقة عينيه من والده ,يتمتع بتقاسيم وجه قاسية ,هو عكس ايغور لم يشأ ان يلون جسده بالحبر ,فقط بضع وشوم لا ترى متفرقة في اماكن لا تصل لها اعين الناس
'ماذا؟'
سالت كرستين
'امازلت لم تستعد بعد؟' قالت تكمل عتابها لمفضلها ديميتري
معطية سبب لضحكات ايغور التي انتشرت في الغرفة
اقترب منها ديميتري ,يقبل راسها
من كان يعتقد ان وحش روسيا الكاسر الذي تغلب على اشهر القناصة في التصويب ,ذلك الذي لا ترف له جفن عندما يسكف الدماء ,زعيم ال دميدوف ,ينحني ليقبل والدته بعد ان يمسح دماء اعداءه من عليه
هو شديد التعلق بوالدته ,حتى و ان لم يظهر العطف كما يفعل ايغور
'سأجهز خلال دقائق'
قالها بعمق صوته يجيب على سؤال عزيزته متجها بعينيه نحو ايغور الذي لايزال يعبث بالمجلة فوق سريره
'اما انت'
قالها ساحبا المجلة بقسوة من بين يديه
'لا تنظر الى ما لا يخصك'
قالها بحزم بنبرة جدية
الا ان اخاه تجاهل تهديده الصامت قائلا 'حسنا لكنني سأكون مستمتعا عندما ترفضك هذا المساء حين تراني انا ادخل '
قالها و هو يقهقه قبل ان ينظر له ديميتري بنضرات غاضبة ,هو يعلم ان هذا لن يحدث ,فلا احد سينظر الى غيره في و جوده
هو كان الهة اغريقية كما يحمل اسمه من معنى
تحمحم ايغور مغادرا الغرفة يغمز لامه لتلتفت هي بدورها لابنها تتفحص جسده ,
'انت لم تصب ؟اليس كذلك؟'
قالت و قد توقفت عيناها المتسعتان على بعض المناطق الزرقاء
'لقد اخبرني اخاك بما حدث'
هي تقصد المجزرة التي وقعت قبل دقائق
لعن ديميتري ايغور في سره ,فهذا الفتى لا يعرف الحدود
شبح ابتسامة ظهر على وجه ديميتري قبل ان يجيب
'تتفقدينني عمدا ,
لتعرفي ان كانت حقا ستفضل ايغور ؟'
ابتسمت كرستين ابتسامتها الحنونة ,هي تعلم انه حتى و ان كان يتألم بسبب الكدمات الزرقاء التي غطت عضلاته ,فهو لن يسمح لاحد بان يعرف
'لا تقلقي ,
هي لن تهرب ,
ليس اليوم '
نظرت كرستين الى ابنها رافعة يديها لتلامس وجهه
'تجهز سريعا اذن, ليس عائلة دميدوف من يتأخرون على عشاء خطبة ابنهم الاكبر'
هي لم تقل زعيم ,فهي تعلم ان ابنها سيظل صغيرا في نظرها حتى و ان حمل دماء العالم
خرجت كرستين من الغرفة ليبتسم ديميتري ناظرا الى المجلة بيده ,هو قد امضى ساعات صباحا ينظر لها ,قبل طباعتها حتى
'خطبة'
همس ديميتري بين تلك الابتسامة التي زينت ملامحه
تقدم الى طاولة قرب سريره يلقي اخر نظراته على المجلة قبل ان ينحني بطوله و جسده العريض يفتح درجا اين وضع المجلة لتنظم لأخواتها ,كومة مجلات اختلفت عناوينها و تواريخها لكن ما جمعها كان صور ارينا تزين صفحاتها الاولى
قد استطاع ان يتحكم في غضبه لان ايغور اخاه الصغير الا انه يعلم ان ايغور لم يكن ليخرج سالما لولا وجود والدته , هو لن يسمح لاحد بأخذ ارينا خاصته
عيناه الزرقاوين كانتا تقدسان الجمال ,و ارينا كانت الهة الجمال التي يعبدها قلبه , هو اغرم بملكة الشطرنج منذ زمن , منذ سنوات ,لكن من يحتسب الليالي التي يقضيها بعيدا عن حبيبه
فحتى امير الظلام كان يبحث عن ملكته في عتمة عالمه....
_________________________________________
أنت تقرأ
Chess Board I رقعة شطرنج
Romansa' هل حقا تريد منا ان نصدق ان ارينا،اميرة الاحاسيس، هي العقل المدبر لاكبر صفقة هذا العام ' ابتسم والدها ابتسامة الفخر و كان صغيرته حصدت جائزة ملكة جمال المدرسة، لا مدحا من اخطر ما انجبت المافيا 'ليس تلك فقط' صمت و كانه يسمح لهم بتلقي الصدمة في س...