عرش من رمال..

66 5 3
                                    

يوسف يصرخ..لم يره بيان غاضبا بهذا القدر من قبل..
و يطالع جهة الملحق بأنفاس متلاحقة..و سيطر على نفسه فقط إذ لمح حضور بيان..

-"ما الأمر؟! "

سأل بيان بكل بثبات و كأنه ليس مسؤولا عن تلك الحادثة..

-" لقد انقطعت الكهرباء منذ فترة و يبدو أنه لا علم لك.."

وقف يوسف أمامه يتفحص ملامح وجهه و حركاته شكا فيه و قلقا من أن يكشف الحقيقة..

-" الكهرباء تقطع دائما..ليس الأمر بخطب جلل إلى هذه الدرجة..عطل هنا أو هناك و بالتأكيد يصلحونه قريبا..هيا لندخل..لا داعي من الوقوف هنا.."

هدوء بيان و ثباته لم ينهيا الشك تماما في عقل يوسف..إلا أنه ترك الأمر يمضي مؤقتا حتى يخطط كيف سيتصرف إن حقا كان بيان هو منفذ هذه الجريمة..

عادت الكهرباء..و قبل أن يتحدث أحد وصل ابن عم بيان الآخر و بضعة أفراد من العائلة..
قادمون ليأخذوا بيان أو يقيموا زفافه على كاميليا في التو و اللحظة دون أي تأخر..

طارق أتى..ابن عمه و منافسه الأكبر في العائلة..
يدخل تحت ظلال كاذبة من البراءة و الرغبة في السلم..
بينما يعلمون جميعا أن ذلك ليس مراده..

-"آه بيان..مضى زمن طويل منذ التقينا..سنوات قد مرت و أنت تعيش جناح يوسف..تنتظر اللحظة المناسبة كي تنتقم دون إراقة الدماء..
يالها من عواطف نبيلة..
و لكن حدث عمي جدتنا..أخبرها بأن زفافك على كاميليا مؤجل حتى انتهاء الحداد..
جدتنا لم يعجبها هذا الأمر إطلاقا..و قالت الآن تذهب يا طارق فإما تأتي بهم أزوجهم أنا أو تتركهما و ثالثهما عقد الزواج..
لذلك ما باليد حيلة يا ابن العم.."

لم يكن طارق بأقل خبثا من يوسف..و كان ذلك ظاهرا في نبرة كلامه و حركاته و كيف يحوم حول بيان و كأنه الصياد و ينتظر أن يوقع بيان فريسة في مصيدته فينهي حياته بلا رحمة..

-" أنا قلت ذلك..أخبرته أيضا أنني مستعد لإقامة الزفاف في منزلي هنا و التكاليف كلها علي..و يكون هذا عربون صلحنا بعد موت سبأ.."

خطأ يوسف الوحيد كان الإفراط في الثقة..قد وثق بنفسه و بخططه كثيرا لدرجة أنه أصبح أعمى عن تفاصيل صغيرة مخفية..
تفاصيل صنعت خطة مضادة لخططه جميعا..

-"آه يا يوسف بيك..أكره حقا إفساد فرحتك بهذا الزفاف و بكل شيء..و لكن أنا و بيان كلانا نعلم أن سبأ لم تمت..
الآن أتى ابننا من عندها..قميصه غارق بدمائها..ورائحة ذلك السائل الذي يسير في عروق الناس لا تزال ملتصقة به كأنما وشمته نزيفا و ليس حبرا..
الفتاة كانت بين أحضانه..تغرقه حبًا حتى و هي غارقة في الجراح..
لقد كان مشهدا مؤثرا جدا..أقسم أنني كدت أبكي..
و هل تعلم أيضا..ابنك الذي لم يولد بعد..ذلك الذي سرقت حقوق ملكيته الفكرية و وضعته في رحم امرأة أخرى غصبا عن سبأ و عن بيان و عن الجميع..ذلك أيضا أعرف عنه..
بل إن أحظى بهم جميعا في حوزتي..الذين تتكل عليهم الحماية خانوك..
أنت ركزت على بيان و سبأ و جميل و تركت الآخرين..
التروس الصغيرة في ساعتك العملاقة.."

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن