سماء ملطخة بالدم..

91 5 13
                                    

كل شيء سار على ما يرام..أمير و سديم يذهبان أولا بعد أن أعطتها ماجدة مفاتيح المنزل قائلة أن تلك كانت أوامر يوسف بيك و أنها ستكون دائما في انتظارها عندما تقرر العودة في أي وقت..

أراد بيان أن يعترض على ما قصته ماجدة إلا أن نزول كاميليا و عمه تركوه مهتما فقط بمنع أي جدال محتمل..
و إذ عم السلام بين الأطراف جميعا افترقوا كل إلى سبيله..
سديم و أمير إلى بيروت..
و بيان و العائلة إلى حيث تمتد أراضيهم على الحدود..

بيان كان صامتا معظم الرحلة..يقود السيارة كالموتى الأحياء..
كاميليا و عمه لم يعلق أحدهما على أي شيء خاصة مع اختفاء طارق و ظهور أمير..

أما أمير فكان يراقب سديم باهتمام..تجلس هي في الخلف و يتابعها هو من المرآة..كانت هادئة جدا..بل شديدة الهدوء..لا تستخدم هاتفها المحمول..لا تغمض عينيها للنوم و لا ترتاح بجسدها على الكرسي..

اختلط القلق بالفضول في نفس أمير..
لم يكن شخصا معتادا على كسر الحواجز هو الآخر..كان يحمل ما يكفي من المعاناة ليتجنب كل المعاملات الإنسانية العميقة كافة..
خاصة إذا كانت تلك المعاملات تتضمن امرأة..

و لكن في وجودها كان ينشغل عن ألمه..وجودها كان يبعث السلام لدرجة لم يفهمها قط..منذ بضعة ساعات كانت متقدة المشاعر..تمسك بيد بيان و تشرح عن نفسها بقوة و ثبات..
و الآن تتابع الغروب القرمزي من النافذة و كأنها ستفنى بهدوء تماما كما تفنى آخر أشعة للشمس..

-" حضرة الطبيبة..هل أنتِ بخير؟! "

استجمع شجاعته و سألها أخيرا..في النهاية ذلك دوره و واجبه..إنها أمانة بيان له فضلا عن كونه طبيبا قبل كل شيء..
أو على الأقل كانت هذه الأعذار التي استخدمها ليبرر فضوله..

-" هل لك أن تناديني سديم لو سمحت؟! أنا سديم فقط بلا ألقاب و لا مناصب..أنا بخير شكرا على سؤال حضرتك..فقط مرهقة بعض الشيء لا أكثر.."

أجابته بابتسامة مرهقة و مجاملة..

-" تفكرين ببيان؟! "

أشاح نظره عنها إذ سأل السؤال و عندما تأكد أنها لا تنظر باتجاهه عاد يدرس ردة فعلها و لغة جسدها من جديد..

-" بالتأكيد أنا قلقة عليه..هو أولويتي بالطبع..و لكن تتقاذفني الأفكار بشكل عام.."

مرت لحظات من الصمت قبل أن يتبع أمير فضوله و يلقي بسؤال آخر..

-" أشياء مثل ماذا؟! "

و كالعادة يحاول أن يتصنع الاهتمام بالطريق و كأن حديثه عابر بلا فضول و لا قلق..

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن