قربان..

58 4 13
                                    

-" بيان يا حبيب روحي..أسجل لك رسالتي هذه و أنا بين أربعة جدران وحدي..صديقك يصخ في جسدي أشياء عدة..و أخذ من دمي عينات عدة أيضا..بل بالأحرى من دمك..دماؤك تسير في عروقي يا بيان..في أوردتي..في شراييني..إنني أحملك معي في الروح كما الجسد..
مرت الساعة الثامنة..لا أكذب أنا قلقة عليك..لم يردنِ إتصال منك و لكن يقول أمير أن الطريق طويل و غالبا أحوال الشبكة فيه تكون سيئة..
أنت الآن بعيد جدا عني و لكنك قريب مني قرب النفس..
أريد أن أحكي لك..اليوم تبادلت أنا و البرفيسور أمير أحاديثا عابرة..
أنت مركزها بشكل أو بآخر..
و جراح روحي كانت جلية في هذا اللقاء..كنت أتظاهر بالنسيان لسنوات خلت إلا أنني مدركة لتلك الأشياء التي تركت روحي مهلهلة..
و تركت قلبي كأرض بور..أرض ظننت أن استصلاحها مجددا أمر مستحيل..
و أنا أفترق عنك صباحًا أقسمت شيئا على نفسي..كم وددت أن أراك وجها لوجه لأخبرك..لتكون أول من يعرف وجهي و جراحي على حد سواء..
أنا يا كل روحي اعتدت الكتابة عن جراحي..إلا أنني لطالما نسبتها لمجاهيل كثر..لم أكتب يوما باسمي و لا بشخصي..
كتبت للعامة و ما رأوا أبدًا صورتي..كنت دائما و أبدًا من عابري السبيل..
و الآن أنت ما أنتمي إليه من عائلة و أرض و منزل..
أتيت إليك اليوم لأضع أثقالي كافة على بابك..
لأشعر بروحك تحتضن روحي فأعود آمنة..
و لست تعلم أنت و لكنني كنت أبحث عن الأمان منذ كنت نطفة في رحم أمي..حتى في ذلك الزمن البعيد كنت بشكل أو بآخر أستثقل الحياة و أهدد بالرحيل بشكل أو بآخر..
و الحال أن في قدري أن أولد من رحم أمي كي أولد من ضلعك مرة ثانية..
و أن أتخبط في عمر كامل من القلق لألتقي بالسكينة على صدرك..
على أي حال أعود لأخبرك عن أمر القسم الذي أقسمته على نفسي..
أسررت لذاتي شيئا..عاهدت الله أن أفعل أي شيءٍ لشكر نعمة وجودك في حياتي..
النظر في وجهك..إمساك يديك و سماع أنفاسك..لهي نعمة كبيرة بالنسبة لي..تماما كأنني كنت في الظلمة و الآن أبصر..في الصمت و الآن أعيش أنسا و أسمع صوتك بدلا عن الوحدة..كأنني عشت عاجزة عن الكلام و زاهدة في الحروف منذ خلقت و الآن واتتني رغبة الحديث..
مهما شرحت لك ربما لن يكون كافيا..مهما شكرت الله فلن يكون كافيا أيضا..
و لكن الليلة إذ نتحدث عن أعمق جراحي..عن ذلك الذنب الوحيد الذي ارتكب في حقي و لم أستطع مغفرته..جئت إلى هذه الغرفة و أنا أجر أذيالا من الأفكار و الذكريات..أحبالا من خوف و دموع كأنني لا أزال أعيش ذات الأمور..كأن جراح روحي لا تزال رطبة مهددة بالتعفن في أي لحظة..
ثم ألهمني الله أن أفكر بك..أنت السكينة التي يرسلها الله لي في أوقاتي الصعبة جميعا..راودتني فكرة ما عن أحزاني..
سألت نفسي سؤالا..
ما الذي لا أفعله لأجل خاطرك؟!
الإجابة سهلة..فقط لا أعصي الله و لا أكسر عائلتي و أخيرا لا أتخلى عن احترامي و كرامتي..
غير ذلك أفعل كل شيء و أي شيء لأجلك..
لأجل خاطرك..لأجل أن أرى عيونك مرة أخرى..كي أمسك بيدك للحظة واحدة..لتستقر رأسي على صدرك و لو ل ستين ثانية فأنا أفعل أي شيء..
أكبر قرابيني إلى الله هو محاولتي للسماح و المغفرة..
و شكرا لله عليك فإنني اليوم أسامح..اليوم أغفر لمن ترك في داخلي ضررا ما استطعت يوما أن بإمكاني نسيانه أو تخطيه..
اليوم أكسر ما عهدت على نفسي من لقاء معه في محكمة اليوم الأخير..
اليوم لست أريد ما أريد لا انتقاما و لا عدالة..
لأنك وحدك على هذه الأرض مكافأتي من الرحمة و العدالة على حد سواء..
قد كلفني ذلك الأمر أعوامًا من الألم..أعوام من الألم أنت آخرها..
و الله لقد أراد الله بي الرحمة..
فإن أعوامًا من الألم لهي ثمن بخس على أما أعطاني الله..
لو أنك تقدر بثمن فإنني لا أوفيك ثمنك..أنت قد أتيتني هدية و الذي خلق الخلق شاهد و مطلع علي..أنا ما أريد سوى أن نبقى أحباء..أن بقى على عهودنا أمام الله أولا..و أن نضع الله في علاقتنا قبل كل شيء..
اليوم و رغم ما يسكن في جسدي من ألم إلا أن روحي تشعر بهذه الخفة منذ زمن طويل..اليوم يا بيان أعود إلى آخر يوم نمت فيه مطمئنة..
و لست أعلم حتى تاريخ و لا ذاكرة لشيء كذاك في داخلي..
إلا أن اليوم يكون بداية لطمأنينة أدركها و استمرارا لأخرى مدفونة داخلي في مكان ما بشكل أو بآخر..
بيان..
ليأخذوا من عمري و يضعوا على عمرك..ليسكبوا من روحي إلى روحك..ليخيطوا قلبي بقلبك و ليتركونا وحدنا نتحد في الجراح كما السعادة..
سأنام الآن..سأنام كأنني لم أنم قط منذ ما يزيد عن عشرين عاما..
حتى في غيابك رأسي مستقر على كتفك..
أشعر من داخلي بهذا..
أشتاق إليك حتى و أنت أمام عيني..سأستمر في الإشتياق لك حتى نجتمع في الآخرة..
أحضر ذاتك إلي فور ما استطعت..
إنني هنا في انتظار أزلي و هيام سرمدي..
حبيبي اليوم لا أكتب وداعا..
فقط أخبرك إلى اللقاء.."

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن