مرت ثلاثة أسابيع دون أن تسمع سديم صوت بيان على الإطلاق..
تعد الأيام في قلق بعد أن أخبرها أمير أن كريم - الأخ الأصغر - لبيان قد اختطف..
لا أحد يعرف كيف حدث ذلك فمن المفترض أن كريم يعيش في الغربة من زمن طويل و أن قدمه لم تطأ الوطن أبدًا منذ غادر..دجلة هي الوحيدة التي تشاركها الأيام..دجلة هي فتاة من عشيرة أمير و يجمعها به ماضي لا يفصح الطرفان عنه..و سديم تحترم صمتهم و خصوصيتهم حيث أن دجلة هي في الأصل ممرضة و الآن هي المساعدة الشخصية لأمير..
أحيانا تزيدها أحاديث دجلة قلقا بدل أن تطمئنها..دجلة على دراية تامة بقواعد العشيرة و بالأخطار التي تحاوط السادة..
تخبرها أن بيان على حدود ما..إما في ليبيا أو إيران أو تركيا..
و تلك الحدود لها مخاطرها..من عصابات و حروب و غيرها..
لذلك فبالتأكيد هو لا يستطيع الوصول للهاتف..معرفة ذلك لا تزيد سديم سكينة بل تزيدها اضطرابا..
حديث دجلة يحتم عليها الخوف من الحقيقة المطلقة في الكون..
الموت..
و كلما راودتها تلك الخاطرة ازدادت صمتا..ازدادت انطواء و حزنا..
و لكنها تعود فتحاول الصمود أمام ما يهاجمها من أفكار بشعة..
تصلي كي يحفظ الله بيان و تقول في نفسها أنها بالتأكيد كانت ستشعر إن حل به مكروه..انقضى شهر كامل..تسير فيه حياة سديم برتابة..تتعلم بعض الأشياء و تتدرب إذ لا تزال نزيلة المشفى و تخضع للتشافي..
و قبل أن يقرروا إذا كانت جاهزة للخروج من المشفى أم لا أتى اتصال من بيان..
يطلبها إليه..كما كان من المفترض أن يحدث منذ ثلاثين يوما..سديم قلقة و أمير و دجلة يشاركانها الشعور..
ف بيان لم يتصل ب سديم..لم يرسل لها رسالة..لم يتخذ أي اجراء بشكل مباشر..بل حدث أمير في مكالمة مقتضبة ثم أرسل له رسالة بالعنوان حيث من المفترض أن يحضر سديم..
و أخبره أن ينتظرها بعد ذلك..وصلوا في الليل..دجلة ذهبت إلى أهلها و أمير أوصل سديم إلى مكان اللقاء..
و تراجع بسيارته قليلا ليمنحهم بعضا من الخصوصية بعد أن تأكد من وجود سيارة بيان..بيان لم ينزل من سيارته رغم أنه ينظر لسديم من خلف الزجاج وجها لوجه..
تلاقت أعينهم و منذ اللحظة الأولى عرفت سديم أن هناك خطبا ما..
خطب جلل..كل خلاياها كانت تخبرها أن تذهب بعيدا..أن تلتفت..عقلها يحذرها مما هو قادم إلا أن قلبها - رغم كل ما أصابه على مرور السنوات- يخبرها أن تتقدم..أن تواجه و تحارب إن اضطرت للحرب..
طرقت على زجاج السيارة بهدوء طالبة للإذن في الدخول..رغم أن السيارة كانت مفتوحة..
نظر إليها بيان نظرة باردة بمعنى أن تفتح الباب و تدخل..
أخذت سديم نفسا عميقا قبل أن تفتح باب السيارة و تجلس في الكرسي بجواره..
أنت تقرأ
ظلال
Romanceعلى اختلاف الجنسيات و الطباع و العادات جمعتها الظلال صدفة في حفلة لا تمت لما هم عليه أو ما يشعران به بصلة.. بدل الأضواء حل الظلام و بدل حلت أصوات الرصاص.. لبناني و مصرية..متزوج و عزباء..و لكن كلاهما يتشاركان في الآلام..في الظلال.. كيف تنتهي الحكاية...