استيقظ بيان على صوت فتح الباب..
سديم تخرج بهدوء..كاد يتخذ رد فعل قوي لولا أنه لمح حقيبة يدها لا تزال في الغرفة..
الشمس لم تشرق تماما بعد..السماء لا تزال مكسوة بردائها الرمادي..خرج خلف سديم..هي لم تشعر به..قد وضعت سماعات الأذن و أخذت في السير..
سارت طريقا مستقيما..ما توقفت قط..خطواتها تتباطئ حينا و تسرع أحيانا أخرى..كأنها تهرب من شيء ما ثم تقرر فجأة أن تواجهه..
أو كأنها كفصول السنة..تتقلب من شتاء عاصف إلى ربيع دافئ تارة..
و من صيف حارق إلى خريف حزين تارة أخرى..مرت ساعة..وصلت فيها سديم إلى بحيرة ما..توقفت لاستنشاق الهواء..
و قبل أن تريح جسدها المتعب على أحد المقاعد تحرك بيان خلفها فانتفضت هي فزعا..-" إنه أنا..أعتذر إن أزعجتك..فقط أردت التأكد من أنك آمنة..إنك بعيدة جدا عن المشفى..أنتِ التي ما اعتادت قط أن تسلك طريقا غريبا و لا أن تكمل مسيرا لا يمكنها العودة منه.."
بيان يتحدث عنها همسا..و كأنما يذكر ذاته بها و ليس يحدثها إذ تقف أمامه..
رفعت سديم حاجبيها و ابتسمت ابتسامة صغيرة قبل أن تعود لتأمل البحيرة من جديد..كأن شيئا لم يكن..
لحظات من صمت مسالم مرت حتى سمعت سديم صوت سلاح يعد للإطلاق..
و التفت لتجده بيان..بيان يمسك سلاحه الخاص و قد جهزه..
و قبل أن تخرج من دهشتها بدأ هو الحديث..-" أنا أعرف ما فعلت و لا أهرب منه..إن كان موتي جزءا كافيا لفعلتي فأنا أيضا مثلك..أريد الموت على يد وجه آلفه..
دعيني أدفع كفارتي..لأن ما فعلته البارحة كان أكبر ما ارتكبت من ذنوب..
ها هو سلاحي..لا داعي للخوف و لا للندم..أعلم لا أستحق حتى الموت على يديك..فالموت على يديك رحمة و أنا لا أستحق الرحمة و لا العدالة..
لا أستطيع إرجاع الزمن..لو كنت أستطيع لفعلتها..
و لكن تأخر الوقت كثيرا..أفضل الموت على يديك مرة بدل أن أموت في اليوم ألف مرة بدونك..
إن كنت لا تستطيعين فعلها إذا أفعلها أنا أمامك..أسلب روحي تماما كأبي..
و هكذا حتى لا يكون بإمكاني أن أنتظرك في القيامة..
هكذا تنتهي حتميتي داخلك.."اقترب بيان منها بخطوات وئيدة و ثابتة..ثم أمسك بيدها ليضع بها السلاح..
تأملت سديم السلاح بين يديها لبعض من الوقت..
كان ثقيلا جدا..أو ربما هذا ما سولته له نفسها..
تنهدت بعمق قبل أن تلقيه في البحيرة بهدوء شديد..-" ماذا تفعلين؟! "
اقترب بيان من حافة البحيرة ليرى المسدس و هو يغرق كصخرة استثقلت العيش على الأرض فقررت الانتحار..
-" أعتذر إن كان غاليا أو إن كانت له ذكرى..لكنني حقا سئمت من الحديث عن الموت و الدماء و الأشياء من هذا القبيل..
حدث ما حدث و أنت اعتذرت..قضي الأمر.."
أنت تقرأ
ظلال
Roman d'amourعلى اختلاف الجنسيات و الطباع و العادات جمعتها الظلال صدفة في حفلة لا تمت لما هم عليه أو ما يشعران به بصلة.. بدل الأضواء حل الظلام و بدل حلت أصوات الرصاص.. لبناني و مصرية..متزوج و عزباء..و لكن كلاهما يتشاركان في الآلام..في الظلال.. كيف تنتهي الحكاية...