تلاقٍ مع نفسي : الجزء الرابع
هذه المرة عدت لغرفتي المظلمة الكئيبة حين كنت بسن الحادي والعشرين...توقعت ذلك...الظلام حالك فيها كسواد قلبي ذلك الوقت...استطعت أيضا سماع صوت فتاة تبكي في الخلف وتحاول كتم بكائها كي لا يتسلل خارج الغرفة ويسمعه أفراد عائلتها.
شغلت الإنارة واقتربت منها لكنها لم تتفاجأ برؤيتي كون قلبها مات بالفعل ولم يعد أي شيء بالحياة يهمها...كانت نحيلة للغاية أيضا...ووجهها مصفر وشاحب من قلة النوم...كل ما فعلته أنني عانقتها...أعلم كم كانت تتمنى أن يأتي شخص ويعانقها ويخبرها أن كل شيء سيكون على ما يرام...حتى بالأكاذيب...كانت تريد أملا ولو زائفا.
وضعت رأسها على صدري وصارت تبكي بحرقة وتعانقني وتتشبث بي بقوة ولم تسأل حتى ما الذي يجري...يبدو أنها وصلت لنقطة الصفر من شدة لا مبالاتها.
ربتت على ظهرها لبعض الوقت وقلت:
-«عزيزتي بثينة ذات الحادي والعشرين عاما...لا تبكي...كل شيء سيكون على ما يرام»
خرجت الحروف من شفتيها بحشرجة بينما ترد:
-«لن تكون»
-«بل ستكون...أعلم ذلك لأنني أتيت من المستقبل»
-«هذا هراء...أعلم أنها لن تكون بخير أبدا...أعلم أنني سأعلق في هذا النفق المظلم للأبد»
-«أجل ستعلقين فيه...ولكن إن استسلمتِ...أما إذا حاولتِ جاهدة للخروج منه فستنجحين»
-«لكنه طويل...وأنا أركض خلاله منذ أشهر»
-«وما أدراك؟ لعل النهاية على بعد خطوات...واصلي الركض»
-«لا فائدة...حقا لا فائدة»
أحنت رأسها بإحباط وضمت ركبتيها فجلست بجانبها وعانقتها وقلت:
-«أتعلمين شيئا؟ لقد كنت للتو مع شبيهتي ذات العشرين عاما قبل أن تكتئب...لقد أخبرتها أن كل هذا سيحصل لكنها لم تصدقني»
-«كان عليكِ منعها...كان عليكِ فعل أي شيء لإنهاء الأمر قبل حدوثه»
-«نعم أستطيع...لكنني لم أفعل...ليس لأننا ثلاثتنا نستحق...بل لأنني لست نادمة على كل ما حصل»
-«لكن أنا نادمة»
-«أمر طبيعي...لأنكِ جاهلة»
-«أنا في حال مزرية فلا تزيديني...غادري لو كنتِ ستهينينني هكذا»
-«كل ما قصدته...لا تقنطي من رحمة الله...كل شيء في الحياة مدبر ليصنع تسلسلا معينا من الأحداث...سينتهي بنا المطاف خارج النفق بعد فترة وبدل أن نتحسر على أيام الظلام سنكتشف أنها تجرية رائعة...لقد تعلمنا الكثير هناك...واكتسبنا هواية جديدة وحلما راقيا وهدفا في الحياة بعد أن كنا سفينة ضائعة في وسط المحيط...لقد اكتسبنا إيمانا قويا بالله...نحن لم نخسر سوى شيء واحد وبالمقابل ربحنا الكثير...والحياة لا تقف عند رجل بل سيتبين لاحقا أن هناك رجالا يستحقوننا أكثر منه»
أنت تقرأ
تَلاَقٍ مَعَ نَفْسِي!! (بِقَلَم : بُثَيْنَة عَلِي)
Science-Fictionتحصل بطلتنا على ساعة أثرية تهديها لها عجوز غريبة تبيع التحف في ركن زاوية مظلم من السوق...لتكتشف لاحقا أنها ساعة سحرية ستمكنها من التنقل عبر الزمن ومقابلة نفسها في مختلف محطات حياتها • بطولة : بثينة علي • التصنيف : خيالية • عدد الفصول : 4 فصول • الفئ...