ممسكة بعضده..تسير معه خطوة بخطوة..تصب جل تركيزها عليه و على الطريق..تنظر للحقيبة - التي صمم أن يحملها - بأسى و كأنها تركت على ظهره ثقلا كالجبال..
كلما وجدت قطعة غير مستوية من الأرض تتمسك به بيديها و ليس بيد واحدة..تنظر له بين الفنية و الأخرى و تبتسم..ثم يعاودان المسير في صمت..
يستمتعان بالهواء..بأول أشعة للشمس..بمنظر البحر..عند أول مقعد تبادلت نظرات مع بيان..بابتسامة طفيفة و بأعين تحمل الرقة و الهيام على حد سواء..
ساعدته في خلع الحقيبة بهدوء..و بينما يستقر هو في جلسته أخرجت من الحقيبة بضعة أشياء..
ماء، حليب، تمر و كتب..-" هذا يعطيك بعض الطاقة.."
أخرجت النواة من التمر قبل أن تعطيه إياه..
قسم هو التمرة بالنصف و مد يده إلى فهما..لم يرغب أن يدخل الطعام فمه قبل أن يصل إلى جوفها..يريدها آمنة ، مطمئنة، شبعة ، دافئة و سعيدة..
-" لا يؤذيك التمر أليس كذلك ؟! "
أتته تلك الفكرة متأخرا بعد أن كانت قبلت منه التمرة و قبلت أصابعه..
-" لا شيء منك يؤذيني يا بيان..لا شيء إطلاقا.."
نظر بيان بقلق كعادته..إلا أنه للحظة استسلم للسلام و الهدنة التي ذكرتهما مبكرا..للحظة أراد أن يصدق أنه بخير و أنها ليست متألمة..
-" الآن و بما أننا أمام هذا المنظر الجميل يمكنني أن أستغل الموقف و أجرك في الحديث لتخبرني كل شيء عنك.."
عادت لمرحها مجددا..تهز قدميها كالأطفال و تتابع نزع النوى..
-" لا داعي لمشهد عظيم و لا جرجرة في الحديث..أنا أخبرك ما تشائين كافة..أنت امرأة عمري..أراهن حتى أنني و إن كنت لا أتحدث فأنت تعلمين.."
أطعمته سديم بيدها هذه المرة..لا تنكر تأثير كلماتها عليه..يعجبها ما يسمعها من غزل..
-" كلامك المعسول لن يثنيني عن رغبتي في السؤال.."
احمر وجهها حياء و تأثرا..
-" ليس كلاما معسولا..ليس غزلا و ليست مجاملات..بل إنها الحقيقة..لم أقل شيئا غير الحقيقة طول عمري و خاصة على مسامع امرأة..أنتِ أول و آخر امرأة تعرف عني..أول و آخر امرأة تملك ما بداخلي من شعور.."
بيان كان صادقا جدا في كل كلمة قالها..هو رجل ما عرف الشعر إلا في الكتب و يمكن حتى أنه وقتها ما استساغه..
لطالما وضع عواطفه جانبا لأنه يعلم عمقها..لأنه يعلم أنه لا فرار له من مشاعره فور أن تتخذ سلطة عليه..فحينها لا عقل و لا منطق و لا أي شيء بعدها سيوقفه..

أنت تقرأ
ظلال
Romanceعلى اختلاف الجنسيات و الطباع و العادات جمعتها الظلال صدفة في حفلة لا تمت لما هم عليه أو ما يشعران به بصلة.. بدل الأضواء حل الظلام و بدل حلت أصوات الرصاص.. لبناني و مصرية..متزوج و عزباء..و لكن كلاهما يتشاركان في الآلام..في الظلال.. كيف تنتهي الحكاية...