الفصل الأول: عقدٌ من الزمن

89 8 120
                                    



إنه الصباح الباكر. استيقظتُ من نومي، مُتَّكئًا على مكتبي، مُتوسِّدًا ذراعَي، فوق كومة الأوراق التي أدوِّن عليها. استقظتُ على أعمدة ضوء الشمس الساقطة على عيناي من خلال النافذة، وعلى زقزقة الطيور في الحديقة. إنه يومٌ جديد.. يومٌ هادئ. هذا لأن هذا اليوم هو يوم العطلة الأسبوعية.

[تثاؤُب].. قمتُ بإطالةِ ذراعَي المتنمِّلة وساقَي، شيييه! لا أستطيع الشعور بيدَي! لابُدَّ أني حبستُ الدماء عنها طوال فترة نومي. نظرتُ نحوَ الساعة المعلقة على حائط غرفتي، فإذا بها في حلول الساعة السابعة. [تنهيدة] لابدَّ أنِّني أنهكتُ نفسي كثيرًا ليلة البارحة، حتى غفوتُ على المكتب دونَ أن أشعر بذاتي. كان بإمكاني النوم لفترة أطول، ولا نسياني لستائر النافذة والنوم على سريري، كما أنَّ علي ترك عادة النوم على المكتب هذه.

قمتُ من مقعدي، متَّجهًا نحوَ المنضدة. متأمِّلًا صورتي التي أراها من خلال المرآة، فارتسمت ابتسامة خفيفة على محياي أثناء تحديقي. هذا صحيح، لقد بدأتُ فعلًا أعتاد على هذه الصورة التي أمامي، لقد بدأتُ أعتاد على هذه الحياة التي أعيشها، وعلى الناس الذين أقضي أوقاتي معهم من عائلة وأصدقاء، وهذه الأيام التي تمضي تِباعًا بما فيها أحداث أو تحديَّات.

عقدٌ من الزمن، حظيتُ فيه على أبٍ و أمٍ حنونَين، وبأخٍ وأختٍ ظريفَين. حظيتُ بعائلة بعائلة دافئة ومحِبَّة، وبأصدقاءٍ رائعين. كلُّ ذلك حدث، خلال هذا العقد الذي عشته.

اقشعرَّ جسدي، أثناء تفكيري بكل تلك الهِبات التي حظيتُ بها. عقد من الزمن هاه؟ عقدٌ من الزمن رافقني فيها هذا الجسد الجديد في هذه الحياة. هذا الجسد الذي رافقني طوال تلك السنين المنصرمة، التي تخلَّلت فيها تدريباتي الشاقة، ساعيًا لبنائه وتوسيع مخزون المانا لديه. الذي أمضيتُ به أوقات تعبي ومرضي، هذا الجسد الذي نمَوتُ معه؛ هو جسدي.

نظرتُ مجدَّدًا نحوَ المرآة، أثناء تمرير يدي من خلال شعري. هذا الجسد.. لقد اعتدتُّ على هذا الجسد كثيرًا، لقد اعتدتُّ على كل تلك النعم والعطايا التي تحِفُّ بي من كل حدبٍ وصوب.

وضعتُ كفَّي على خدَّيَ الصغيرَين، متسائلًا وأنا أنظر إلى صورتي وملامحي. هل هذا الجسد.. هو جسدي فعلًا؟ هل أستحقُّ أن أُمنحَ كلَّ تلك النعم والعطايا التي قُدِّمت لي بكل حب وود؟ هل سلبْتُ كل هذا، من طفلٍ عادي كان سيُدعى كونور دون رغبةٍ منه؟ أم أنني لم أُبعث حقًا بحياة جديدة، وما أحمله من ذكريات محمَّلة بكل تلك العلوم والتجارب داخل عقلي انتقلت إلي بطريقة ما بعد موته؟ لا- لا يمكن ذلك.. فالشعور بسكرات الموت والغرق في تلك الليلة لا يمكن يمكن فهمها واستذكارها دون الخوض بها. [تهنيدة] - تلك التساؤلات.. مجرَّد التفكير فيها يُشعرني بالرِّيبة حول أمري. يجعلني أشعر.. أنَّ ما أعيشُه الآن في هذه الحياة، مجرد أضغاث أحلام قد أستفيقُ منها في أي لحظة.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 18, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

꧁ العصر الجديد  ꧂حيث تعيش القصص. اكتشف الآن