"مقري"
مجددا وضعت أقدامي على عتبة المنزل الذي لطالما رغبت ألا أعود إليه... في العادة يقال إن منزل العائلة هو أدفئ مكان في هذا العالم وأكثر الناس التي تساندك هي عائلتك، لكن بالنسبة لي... كان بيتي هو أبرد مكان في العالم، المكان الوحيد الذي استهلكني... أتوق لأيام الجامعة ليس للدراسة بل لأن بمقدوري أن أنعش نفسي خارجا، أن أبتسم ولو بقدر ضئيل، يصعب علي القول بأنني لا أحب أحدا في منزلي... كان قلبي فارغا، لم أشعر بأنني تلقيت أي حب حقيقي منهم... كنت عرضة للانتقادات التي هزت من عزيمتي و الاختيار الأخير لعائلتي... هكذا كان شعوري الى هذه اللحظة...
فور ولوجي للمنزل وفي وقت متأخر من المساء فقد تجاوزت الساعة السابعة، أجدهم ككل مرة جالسين ضاحكين يتسامرون فيما بينهم، لتقول لي أمي وهي تتجه ناحية غرفتها:
_أتيتي؟
كنت أرغب في إخبارها أنني كنت أرغب أن أتلقى ولو اتصال واحدا منها تتفقد مكاني وإن اقتربت من الوصول للمنزل أو لا... مجرد اتصال كان سيغير الكثير... لكن القليل كان كثيرا عليهم، بقيت ساكنة مكاني أراقبهم واحدا واحدا، لأنهض بعدها من شرودي وأنزع عني الحذاء وأغير لباسي... الشيء الجميل لهذا اليوم أنه ليس دوري في غسل الصحون بل دور أختي التي سبقتني في دخولها إلى المنزل... لكن سعادتي لم تكتمل بعد أن ذهبت أختي سريعا للنوم بعد صلاة العشاء ليتبعها قول أمي:
_"مريم" اغسلي الصحون أختك متعبة.
_لكنه ليس دوري.
فور انتهائي من جملتي جاءني صوت أبي يأمرني بصوت أجش:
_هيا انهضي واغسليهم.
أقسم أنه شيء صغير... ليس حتى بحجم حصى، لكنه كان موجعا بقدر حجم السماء لدرجة رغبتي الشديدة في البكاء إلا أنني لم أبكي... ليس قضية كبرياء بل وكأن الدموع شعرت بثقل همي ف غابت عني ظنا منها أنها لن ترهقني بذلك، كان تفكيرها طيبا لكن ليس في محله على الإطلاق، ف شخص كتوم مثلي عليه أن يبكي على الأقل.
ومثلما كان الحال فعلت ما أمرت به لأسقط بعدها متعبة في سريري وأتفقد حسابي في موقع التواصل، لا رسالة منه مجددا لو لم أرسل له طلب صداقة لما أرسل هو ولو لم أبعث برسالة لما فعل كذلك... لم أكن أنتظر بدأ حديث منه بل ردا... مجرد رد على رسالة...
_"ياسر" أكرهك.
رددتها لأغمض عيني أسيرة النوم... هذا ما أحتاجه غياب عن الوعي، ولو يطول أكثر من ليلة سيروقني بالطبع.
وبدأت تمر الأيام على نفس الشاكلة، يأتي يوم ويطويه اليوم الذي يليه بنفسه النوتة... وأصدقوني القول حينما أخبركم بأنني أبدو كشخص مختلف بداخل المنزل وبخارجه.
صباح اخر أرحب به بصدر منفرج أرجو من الله أن يرزقني فيه طمأنينة تغنيني عن الكثير لأنني وبخلاصة القول لا أنتظر شيئا من أحد من خلق الله سوى منه خالق السماوات والأرض...
أنت تقرأ
عبدة العادات والتقاليد (مكتملة)
Cerita Pendekحين تقيد من طرف العادات والتقاليد الخاصة بمدينتك، ف حبك سيقيد شئت أم أبيت