على الأريكة كان يجلس ميلارد في صمتٍ طويل ، لا يريد أن يتحدث ولا أن يحدثه أحد ، يشعر أن الكلمات التي قالتها ديما قد أدمت صدره وزادت همه همًا وألمه ألمًا وبدا على ملامحه الضيق الشديد ، وكانت ديما هي الأخرى تقف تنتظر من دانيا الخروج بسرعة لتطلعها على ما تنوي فعله واتباعه مع ذلك الرجل البائس وبجانبها وئام لا تدري لماذا جعلتها ديما تنتظر معها ، خرجت دانيا على الفور وكانت تنظر في ترحيبٍ إلى ديما وبتعجبٍ إلى وئام وكما وجدت ميلارد يجلس بحالته تلك فاحتارت من أمرها بماذا تباشر حديثها ومع من ، فسبقتها ديما بالكلام قائلة: مرحبًا طبيبة دانيا كيف حالك؟ أُعرفكِ على المهندسة وئام ستمد يد العون لنا في ما اجتمعنا عليه ، كما اتمنى أن نجتمع في مكانٍ وحدنا لنتحدث فيه .
فقالت وئام: رغم أنني لا افهم أي شيء ولكنني سعيدةٌ برؤيتك أيتها الطبيبة دانيا ، إذا كنتنَّ تحتاجون إلى مكانٍ نرتاح فيه في الحديث فما رأيكم أن تأتوا إلى مكتبي؟
ردت دانيا: أنا الأكثر سعادة مهندسة وئام ، هذا عرضٌ لطيفٌ منكِ لقد أعجبتني الفكرة ، ماذا عنكِ يا أنسة ديما؟
نظرت كل واحدةٍ منهنَّ تجاه ديما التي كانت يبدو عليها إنها لم تنتبه إلى كلامهم وكان نظرها مثبتًا نحو الهائم البائس الذي أشعل سيجارةً وبدأ يدخنها ، فما كان من ديما إلا أن توجهت تجاهه وسحبت منه سيجارته وأطفئتها في مطفئة السجائر ، لم يبدي الأخر أي ردةِ فعل ولم يرفع عيناه تجاهها حتى واكتفى بإخراج سيجارةٍ أخرى ، فسحبتها من يده وقامت بسحب العلبة كاملةً منه وهي تقول: أحمد الله أنني أرتدي قفازاتي لكي أستطيع نزع من يدك ما أريد دون أن ألمسك .وهنا قرر هو رفع عينيه وأخيرًا والنظر إليها وقال في بهوت مع ابتسامةٍ ساخرة: هل أبدو كشخصٍ لا يستحم بالنسبةِ لكِ؟ أم أبدو كشخصٍ لديه عدوى ما؟
فردت عليه قائلة: لا هذا ولا ذاك ولكن تبدو كرجلٍ راشد لا يحل لنا التلامس يا ذكي .
فأجاب: تلك أول مرةٍ أسمع منكِ وصفكِ لي بالرجل لطالما وصفتني بالطفل .
فقالت: الدين لا يمزح فيه ، ثم إنك تتهرب لكي لا أقول لك توقف عن التدخين وتدمير نفسك التي لا ينقصها دمار .
وفي تلك الأثناء كانت دانيا ووئام تقفان تنظر كل واحدةٍ منهما للأخرى تارة ولديما وميلارد تارة ، فقالت وئام لدانيا في أذنها: أرى أن حل السيد ميلارد هو أن يتزوج ديما ، ومن أول أسبوع سنجده ذاهبٌ إلى تحرير القدس واسترداد الأندلس كذلك.
فلم تستطع دانيا تمالك نفسها وضحكت ، فنظر ميلارد إلى وئام وهو يقول: أفضل أن أموت على أن اتزوج تلك الجبارة ، ثم إنني أراكِ قد أصبحتِ تحددين مصيري الآن يا وئام بعد أن كنتي تتجاهلينني تمامًا .
فكانت من ترد عليه هي دانيا قائلة: سيد ميلارد ما قد مضى قد مضى فرجاءً لا تأخذ كل الأمور بجدية
فقام هو من مكانه ونظر إلى ثلاثتهنَّ ومن ثم احنى رأسه قليلًا تجاه ديما وقال: لا تظني أن ذلك التحدي الأبله سيمنعني ، وإن لم تغادري اليوم ستغادرين بالغد يا ديما .

أنت تقرأ
صوب هاوية الهوى
Fantasyفي عالمٍ تحكمهُ المظاهر ويتخفى بين ثناياه الحقد يترعرع الشاب الذي اعتاد على أن يكونَ نجمًا لامعًا محبوبًا يلتف حوله الجميع ، وتنمو فتاة اعتادت ان تكون مرحةً ومفعمةً بالطاقة منذ الصغر ولكن يرى من حولها أن افعالها صبيانية لا تليق بفتاة ، يعيشان بشكلٍ...