عدو حميم..

61 3 5
                                    

ما هي إلا ثوانٍ معدودة و عاد باب المنزل ليفتح مجددا..
بيان يقف أمامها..يغلق الباب بالمفتاح كما تفعل هي عادة..

-" لن أرتكب ذات الخطأ مجددا..لن أتحرك خطوة واحدة خارج هذا المنزل دونك..ترفضين إخباري..لا بأس لا أحتاج للمعرفة.."

اتجه للمطبخ بعد جملته الأخيرة..و تبعته سديم مهرولة نصلي أن يكذب بيان الهواجس في عقلها..

-" ما الذي تنوي أن تفعله بحق الله؟! "

تبعته سديم و حاولت منعه إذ يبحث في أدراج المطبخ..و لكن قد تأخر الوقت على منعه مما يريد فعله..

-" لا أستطيع مشاركتك عبء الماضي و ما تحملينه من ذكريات قاسية..حسنا..أقبل..و لكن على الأقل نتقاسم ذات الألم و ذات الجراح..
ما المانع أن تزين رقبتي بندبة مشابهة لندبتك؟! ربما تقتنعين حينها بما أكن لك من مشاعر..في صدري أحاسيس غائرة..أعمق بكثير من المسميات..ليكن هذا قرباني..لتكن دمائي هي عهدي لك و إثباتي.."

حد السكين على رقبة بيان..يده ثابته كما نظراته..

جسد سديم تهاوى على أقرب كرسي في المطبخ..أطرافها ترتعش..

-" كيف لي أن أجادل ذات الألم مرتين؟! إن نزفت أنت الله يشهد أنني لا أحتمل.."

وقف بيان تائها للحظة..كلما حاول إصلاح الوضع تنتهي الأمور إلى حطام أكبر..يراوده بعض من ندم..و جزء منه يقول لا حل لإقناع سديم بالحب و التعافي سوى ما أقرت هي من طرق..

-" أعتذر يا بيان..أعتذر على ما جلبت لنا من مصائب..لو أنني حاولت تفهمك بعض الشيء..لو لم أحاول منعك ما يحق لك من خواطر و ذاكرة لما وصلنا إلى هذه النقطة..لما خلقت فجوة بيننا يستغلها يوسف و أمثاله..
و لكن يشهد الله و أنت أيضا تعلم..أنا لم أفعل ذلك رغبة في السيطرة أو لأجعلك أمام الأمر الواقع..فقط أردت حمايتك..ربما فعلت ذلك بشكل خاطئ..ربما فرضت أفكاري و مشاعري عليك دون دراية..ربما ظهر لك الأمر و كأنك تهدم جدارا لتقترب مني فلا تجد بعده سوى جدار أشد صلابة..إن كنت مكانك لتعبت أنا أيضا..الله وحده يعلم بماذا تشعر الآن..
هل الرجل الوحيد الذي أحببت على هذه الأرض ترك على أبواب الوحدة و العجز بما جنت يداي؟! هل الرجل الذي أحمله في أنفاسي يشعر بأنه يصارع لأجل بعض من المعرفة عني؟! لأجل أن يجد مكانا في حياتي التي يقسم له الحاسدون أنه لا مكان له فيها و لا حق له في المعرفة؟!
أنا عمياء إلى هذه الدرجة؟! إلى الدرجة التي يعتصر أحدهم فيها قلبك مستخدما يداي و أنا لا أشعر؟!  أنا السلاح الذي أشهروه تجاهك؟! أصبحت أنا عجزك..أصبحت أنا السكين على رقبتك؟!
كيف لي أن أسامح نفسي على شيء كهذا؟! فإن لم أستطع أن أعفو عن هذه الذات فهل تعفو أنت؟! "

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن