شقاء!

264 12 2
                                    

ﻏﺴﻖ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ.. ﻧﺪﻑ ﺍﻟﺜﻠﺞ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﺮﻃﺒﺔ ﺗﺪﻭﺭ ﺑﻜﺴﻞ ﺣﻮﻝ ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺿﻴﺌﺖ ﻟﺘﻮﻫﺎ، ﻭﺗﺘﺮﺳﺐ ﻃﺒﻘﺔ ﺭﻗﻴﻘﺔ ﻟﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻄﺢ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺨﻴﻞ, ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷ‌ﻛﺘﺎﻑ ﻭﺍﻟﻘﺒﻌﺎﺕ.. ﻭﺍﻟﺤَﻮﺫﻱ (ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺑﻮﺗﺎﺑﻮﻑ) ﺃﺑﻴﺾ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻛﺎﻟﺸﺒﺢ.. ﺍﻧﺤﻨﻰ ﻣﺘﻘﻮﺳﺎ، ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﺤﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﻮﺱ ﻭﻫﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﻌﺪ ﺑﻼ‌ ﺣﺮﺍﻙ.. ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﺳﻘﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻮﻡ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻠﺞ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻟﻨﻔﻀﻪ ﻭﻓﺮﺳﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﻴﻀﺎﺀ ﺗﻘﻒ ﺑﻼ‌ ﺣﺮﺍﻙ ﻭﺗﺒﺪﻭ ﺑﻮﻗﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺎﻣﺪﺓ ﻭﻋﺪﻡ ﺗﻨﺎﺳﻖ ﺑﺪﻧﻬﺎ ﻭﻗﻮﺍﺋﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﻛﺎﻟﻌﺼﻲ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺤﺼﺎﻥ ﺍﻟﺤﻠﻮﻯ ﺍﻟﺮﺧﻴﺺ، ﻭﻫﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷ‌ﺭﺟﺢ ﻣﺴﺘﻐﺮﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ؛ ﻓﻤﻦ ﺃُﻧﺘﺰﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﺍﺙ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ ﻭﺃُﻟﻘﻲ ﺑﻪ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺍﻣﺔ ﺍﻟﻤﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻷ‌ﺿﻮﺍﺀ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﺨﺐ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺮﺍﻛﻀﻴﻦ ﻻ‌ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻻ‌ ﺃﻥ ﻳﻔﻜﺮ. 
ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﻭﻓﺮﺳﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﻤﺎ ﻣﻨﺬ ﻭﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ. ﻛﺎﻧﺎ ﻗﺪ ﺧﺮﺟﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻐﺪﺍﺀ ﻭﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻔﺘﺤﺎ ﺣﺘﻰ ﺍﻵ‌ﻥ، ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﻇﻼ‌ﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻳﻬﺒﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻳﺘﺮﺍﺟﻊ ﺷﺤﻮﺏ ﺃﺿﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ ﻣﻔﺴﺤﺎً ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻟﻸ‌ﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺤﻴﺔ, ﻭﺗﻌﻠﻮ ﺿﻮﺿﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ . 
ﻭﻳﺴﻤﻊ ﺍﻳﻮﻧﺎ : ﻳﺎ ﺣﻮﺫﻱ! ﺇﻟﻰ ﻓﻴﺒﻮﺭﺟﺴﻜﺎ ! ﻳﺎ ﺣﻮﺫﻱ! 
ﻳﻨﺘﻔﺾ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﻭ ﻳﺮﻯ، ﻣﻦ ﺧﻼ‌ﻝ ﺭﻣﻮﺷﻪ ﺍﻟﻤﻜﻠﻠﺔ ﺑﺎﻟﺜﻠﺞ، ﺭﺟﻼ‌ً ﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﻓﻲ ﻣﻌﻄﻔﻪ ﺑﻘﻠﻨﺴﻮﺓ. ﻭﻳﺮﺩّﺩ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ : ﺇﻟﻰ ﻓﻴﺒﻮﺭﺟﺴﻜﺎﻳﺎ, ﻣﺎﺫﺍ ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻧﺎﺋﻢ؟ ﺇﻟﻰ ﻓﻴﺒﻮﺭﺟﺴﻜﺎﻳﺎ! ﻭﻳﺸﺪ ﺃﻳﻮﻧﺎ ﺍﻟﻠﺠﺎﻡ؛ ﻋﻼ‌ﻣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ، ﻓﺘﺘﺴﺎﻗﻂ ﺇﺛﺮ ﺫﻟﻚ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺜﻠﺞ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻴﻪ ﻭﻳﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺣﺎﻓﺔ، ﻭﻳﻄﻘﻄﻖ ﺍﻟﺤﻮﺫﻱ ﺑﺸﻔﺘﻴﻪ ﻭﻳﻤﺪ ﻋﻨﻘﻪ ﻛﺎﻟﺒﺠﻌﺔ ﻭﻳﻨﻬﺾ ﻗﻠﻴﻼ‌ ﻭﻳﻠﻮﺡ ﺑﺎﻟﺴﻮﻁ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﺑﺪﺍﻓﻊ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻭﺗﻤﺪ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻨﻘﻬﺎ, ﻭﺗﻌﻮﺝ ﺳﻴﻘﺎﻧﻬﺎ ﻭﺗﺘﺤﺮﻙ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺑﺘﺮﺩﺩ ﻭﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﻤﻀﻲ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺰﺣﺎﻓﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻤﻊ ﺻﻴﺤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺸﺪ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ ﺟﻴﺌﺔ ﻭﺫﻫﺎﺑﺎً: ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﺗﻨﺪﻓﻊ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷ‌ﺣﻤﻖ! ﺃﻱ ﺷﻴﻄﺎﻥ ﺃﻟﻘﻰ ﺑﻚ؟ ﺍﻟﺰﻡ ﻳﻤﻴﻨﻚ! .. ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺑﺎﻧﺰﻋﺎﺝ: ﺃﻧﺖ ﻻ‌ﺗﺠﻴﺪ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ! ﺍﻟﺰﻡ ﻳﻤﻴﻨﻚ! 
ﻭﻳﺴﺒّﻪ ﺣﻮﺫﻱ ﻋﺮﺑﺔ ﺣﻨﻄﻮﺭ، ﻭﻳﺤﺪّﻕ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ ﺑﻐﻀﺐ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﺒﺮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﺎﺻﻄﺪﻣﺖْ ﻛﺘﻔﻪ ﺑﻌﻨﻖ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﻳﻨﻔﺾ ﺍﻟﺜﻠﺞ ﻋﻦ ﻛﻤﻪ، ﻭﻳﺘﻤﻠﻤﻞ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻤﻘﻌﺪ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺟﺎﻟﺲ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺮ ﻭﻳﻀﺮﺏ ﺑﻤﺮﻓﻘﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﻼ‌ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﻭﻳﺪﻭﺭ ﺑﻨﻈﺮﺍﺗﻪ ﻛﺎﻟﻤﻤﺴﻮﺱ ﻭﻛﺄﻧﻤﺎ ﻻ‌ ﻳﻔﻬﻢ ﺃﻳﻦ ﻫﻮ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﻮ ﻫﻨﺎ. 
ﻭﻳﺴﺨﺮ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ : ﻳﺎ ﻟﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﻏﺎﺩ! ﻛﻠﻬﻢ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻻ‌ﺻﻄﺪﺍﻡ ﺑﻚ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﺗﺤﺖ ﺃﺭﺟﻞ ﺍﻟﻔﺮﺱ.. ﺇﻧﻬﻢ ﻣﺘﺂﻣﺮﻭﻥ ﺿﺪﻙ.. ﻳﺘﻄﻠﻊ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺍﻛﺐ ﻭﻳﺤﺮﻙ ﺷﻔﺘﻴﻪ....ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ‌ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺣﻠﻘﻪ ﺳﻮﺍ ﺍﻟﻔﺤﻴﺢ. 
ﻓﻴﺴﺄﻟﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ: ﻣﺎﺫﺍ؟ 
ﻳﻠﻮﻱ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﻓﻤﻪ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻭﻳﻮﺗﺮ ﺣﻨﺠﺮﺗﻪ ﻭﻳﻔﺢ : 
- ﺃﻧﺎ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ.. ﻫﺬﺍ ﺍﻷ‌ﺳﺒﻮﻉ ..ﺍﺑﻨﻲ ﻣﺎﺕ . 
- ﻣﻤﻢ!.. ﻣﺎﺕ ﺇﺫﻥ؟ 
ﻳﺴﺘﺪﻳﺮ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺑﺠﺴﺪﻩ ﻛﻠﻪ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺮﺍﻛﺐ ﻭﻳﻘﻮﻝ: 
- ﻭﻣﻦ ﻳﺪﺭﻱ؟ .. ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﻰ .. ﺭﻗﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺛﻼ‌ﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻭﻣﺎﺕ... ﻣﺸﻴﺌﺔ ﺍﻟﻠﻪ. 
ﻭﻳﺘﺮﺩﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻼ‌ﻡ: 
- ﺣﺎﺳﺐ ﻳﺎ ﻣﻠﻌﻮﻥ ! ﻫﻞ ﻋَﻤﻴﺖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ؟ ﺍﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﻴﻚ!
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﻛﺐ: ﻫﻴﺎ, ﻫﻴﺎ ﺳِﺮْ، ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﻦ ﻧﺼﻞ ﻭﻻ‌ ﻏﺪﺍ. ﻋﺠّﻞ! 
ﻭﻳﻤﺪ ﺍﻟﺤﻮﺫﻱ ﻋﻨﻘﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﻭﻳﻨﻬﺾ ﻗﻠﻴﻼ‌ ﻭﻳﻠﻮّﺡ ﺑﺎﻟﺴﻮﻁ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﺭﺷﻴﻘﺔ ﻣﺘﺜﺎﻗﻠﺔ، ﻭﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺍﻛﺐ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻷ‌ﺧﻴﺮ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﻏﻤﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻭﻳﺒﺪﻭ ﻏﻴﺮ ﺭﺍﻏﺐ ﻓﻲ ﺍﻹ‌ﻧﺼﺎﺕ. ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻧﺰﻟﻪ ﻓﻲ ﻓﻴﺒﻮﺭﺟﺴﻜﺎﻳﺎ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺤﺎﻧﺎﺕ، ﻭﺍﻧﺤﻨﻰ ﻣﺘﻘﻮﺳﺎً ﻭﻫﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌﺪ ﺍﻟﺤﻮﺫﻱ, ﻭﺟَﻤُﺪ ﺑﻼ‌ ﺣﺮﺍﻙ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ.. ﻭﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺼﺒﻐﻪ ﺍﻟﺜﻠﺞ ﺍﻟﺮﻃﺐ؛ ﻫﻮ ﻭﻓﺮﺳﻪ ﺑﺎﻟﻠﻮﻥ ﺍﻷ‌ﺑﻴﺾ، ﻭﺗﻤﺮ ﺳﺎﻋﺔ ﻭ ﺃﺧﺮﻯ.
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ ﻳﺴﻴﺮ ﺛﻼ‌ﺛﺔ ﺷﺒﺎﻥ ﻭﻫﻢ ﻳﻄﺮﻗﻌﻮﻥ ﺑﺄﺣﺬﻳﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﺨﺐ ﻭﻳﺘﺒﺎﺩﻟﻮﻥ ﺍﻟﺴﺒﺎﺏ؛ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻃﻮﻳﻼ‌ﻥ ﻧﺤﻴﻔﺎﻥ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻗﺼﻴﺮ ﺃﺣﺪﺏ ﻭﻳﺼﻴﺢ ﺍﻷ‌ﺣﺪﺏ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺮﺗﻌﺶ: 
- ﻳﺎ ﺣﻮﺫﻱ ﺇﻟﻰ ﺟﺴﺮ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ! ﺛﻼ‌ﺛﺔ ﺭﻛﺎﺏ ﺑﻌﺸﺮﻳﻦ ﻛﻮﺑﻴﻜﺎ. 
ﻳﺸﺪّ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺍﻟﻠﺠﺎﻡ ﻭﻳﻄﻘﻄﻖ ﺑﺸﻔﺘﻴﻪ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ﻛﻮﺑﻴﻜﺎ ﺑﺴﻌﺮ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺷﻐﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻌﺮ! ﻓﺴﻮﺍﺀ ﻟﺪﻳﻪ ﺭﻭﺑﻞ ﺃﻡ ﺧﻤﺴﺔ ﻛﻮﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﻛﺎﺏ ﻳﻘﺘﺮﺏ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺣﺎﻓﺔ ﻭﻫﻢ ﻳﺘﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﺑﺄﻟﻔﺎﻅ ﻧﺎﺑﻴﺔ ﻭﻳﺮﺗﻤﻲ ﺛﻼ‌ﺛﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﻌﺪ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﻭﺗﺒﺪﺃ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺣﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻻ‌ﺛﻨﻴﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺳﻴﺠﻠﺴﺎﻥ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻘﻒ؟، ﻭﺑﻌﺪ ﺳﺒﺎﺏ ﻃﻮﻳﻞ ﻭﻧﺰﻕ ﻭﻋﺘﺎﺏ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺣﻞ : ﺍﻷ‌ﺣﺪﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﻒ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻷ‌ﺻﻐﺮ.. ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻷ‌ﺣﺪﺏ ﺑﺼﻮﺗﻪ ﺍﻟﻤﺮﺗﻌﺶ ﻭﻫﻮ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻗﺪﺍﻣﻪ ﻭﻳﺘﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﻗﻔﺎ ﺍﻳﻮﻧﺎ: ﻫﻴﺎ ﻋﺠﻞ! ﺍﺿﺮﺑﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻮﻁ! ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻌﺔ ﻟﺪﻳﻚ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ! ﻟﻦ ﺗﺠﺪ ﻓﻲ ﺑﻄﺮﺳﺒﺮﺝ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻴﻘﻬﻘﻪ ﺍﻳﻮﻧﺎ : ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ!
- ﺍﺳﻤﻊ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻋَﺠّﻞ، ﻫﻞ ﺗﺴﻴﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ؟ ﺃﻻ‌ ﺗﺮﻳﺪ ﺻﻔﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻔﺎﻙ؟ 
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﻴﻦ: ﺭﺃﺳﻲ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻨﻔﺠﺮ؛ ﺷﺮﺑﺖ ﺑﺎﻷ‌ﻣﺲ ﺃﻧﺎ ﻭﻓﺎﺳﻜﺎ ﻋﻨﺪ ﺁﻝ ﺩﻭﻛﻤﺎﺳﻮﻑ ﺃﺭﺑﻊ ﺯﺟﺎﺟﺎﺕ ﻛﻮﻧﻴﺎﻙ ﻧﺤﻦ ﺍﻻ‌ﺛﻨﻴﻦ.. ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﺍﻷ‌ﺧﺮ ﺑﻐﻀﺐ: ﻻ‌ ﺃﺩﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﻟﻠﻜﺬﺏ ! ﻳﻜﺬﺏ ﻛﺎﻟﺤﻴﻮﺍﻥ . 
- ﻋﻠﻲّ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ... 
- ﺇﻧﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻤﻠﺔ ﺗﺴﻌﻞ. 
ﻓﻴﻀﺤﻚ ﺍﻳﻮﻧﺎ: ﻫﻰﺀ ﻫﻰﺀ ﻫﻰﺀ .. ﺳﺎﺩﺓ ﻇﺮﻓﺎﺀ . 
ـ ﻓﻠﺘﺨﻄﻔﻚ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ! ﻫﻞ ﺳﺘﻌﺠﻞ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻮﺑﺎﺀ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﺃﻡ ﻻ‌! 
ـ ﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺳﻴﺮ؟ ﻧﺎﻭﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻮﻁ ! ﻫﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ! ﻫﻴﺎ! ﻧﺎﻭﻟﻬﺎ ﺟﻴﺪﺍ ! 
ﻭﻳﺤﺲ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺧﻠﻒ ﻇﻬﺮﻩ ﺑﺠﺴﺪ ﺍﻷ‌ﺣﺪﺏ ﺍﻟﻤﺘﻤﻠﻤﻞ ﻭﺭﻋﺸﺔ ﺻﻮﺗﻪ ﻭﻳﺴﻤﻊ ﺍﻟﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻳﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﺒﺪﺃ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺓ ﻳﻨﺰﺍﺡ ﻋﻦ ﺻﺪﺭﻩ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ. ﻭﻳﻈﻞ ﺍﻷ‌ﺣﺪﺏ ﻳﺴﺐ ﺣﺘﻰ ﻳﻐﺺ ﺑﺴﺒﺎﺏ ﻣﻨﺘﻘﻰ ﻓﺎﺣﺶ ﻭﻳﻨﻔﺠﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﻝ. ﻭﻳﺸﺮﻉ ﺍﻟﻄﻮﻳﻼ‌ﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻤﻦ ﺗﺪﻋﻰ ﻧﺎﺩﻳﺠﺪﺍ ﺑﺘﺮﻭﻓﻨﺎ. 
ﻭﻳﺘﻄﻠﻊ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﻧﺤﻮﻫﻢ ﻭﻳﻨﺘﻬﺰ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻓﻴﺘﻄﻠﻊ ﻧﺤﻮﻫﻢ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﻳﺘﻤﺘﻢ: 
- ﺃﺻﻼ‌ ﺃﻧﺎ..ﻫﺬﺍ ﺍﻷ‌ﺳﺒﻮﻉ..ﺍﺑﻨﻲ ﻣﺎﺕ! 
ﻓﻴﺘﻨﻬﺪ ﺍﻷ‌ﺣﺪﺏ ﻭﻫﻮ ﻳﻤﺴﺢ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻌﺎﻝ : 
- ﻛﻠﻨﺎ ﺳﻨﻤﻮﺕ..ﻫﻴﺎ ﻋﺠﻞ ﻋﺠﻞ.. ﻳﺎ ﺳﺎﺩﺓ ﺃﻧﺎ ﻻ‌ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺃﻣﻀﻲ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺘﻰ ﺳﻴﻮﺻﻠﻨﺎ؟ 
- ﺣﺴﻨﺎ ﻓﻠﺘﺸﺠﻌﻪ ﻗﻠﻴﻼ‌... ﻓﻲ ﻗﻔﺎﻩ ! 
ـ ﻫﻞ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻮﺑﺎﺀ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ؟ ﺳﺄﻛﺴﺮ ﻟﻚ ﻋﻨﻘﻚ! ﺍﻟﺘﻠﻄﻒ ﻣﻊ ﺟﻤﺎﻋﺘﻜﻢ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷ‌ﻗﺪﺍﻡ....ﻫﻞ ﺗﺴﻤﻊ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺜﻌﺒﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮ؟ ﺃﻡ ﺃﻧﻚ ﺗﺒﺼﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺎﺗﻨﺎ؟ 
ﻭﻳﺴﻤﻊ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﺲ ﺑﺼﻮﺕ ﺍﻟﺼﻔﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻔﺎﻩ. 
ﻓﻴﻀﺤﻚ ﻫﻰﺀﻫﻰﺀﻫﻰﺀ ﺳﺎﺩﺓ ﻇﺮﻓﺎﺀ ﺭﺑﻨﺎ ﻳﻌﻄﻴﻜﻢ ﺍﻟﺼﺤﺔ !
ﻭﻳﺴﺄﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﻴﻦ: ﻳﺎ ﺣﻮﺫﻱ ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻣﺘﺰﻭﺝ؟ 
- ﺃﻧﺎ ! ﻫﻰﺀ ﻫﻰﺀ! ﺳﺎﺩﺓ ﻇﺮﻓﺎﺀ ! ﻟﻢ ﻳﻌُﺪ ﻟﺪﻱّ ﺍﻵ‌ﻥ ﺇﻻ‌ ﺯﻭﺟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ : ﺍﻷ‌ﺭﺽ ﺍﻟﺮﻃﺒﺔ؛ ﺃﻱ ﺍﻟﻘﺒﺮ ! ..ﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﺑﻨﻲ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻭ ﺃﻧﺎ ﺃﻋﻴﺶ.. ﺷﻲﺀ ﻏﺮﻳﺐ؛ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺃﺧﻄﺄ ﺑﻮﺍﺑﺘﻪ ﺑﺪﻻ‌ً ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻴﻨﻲ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﺑﻨﻲ... /
ﻭﻳﺘﻠﻔﺖ ﺃﻳﻮﻧﺎ ﻟﻜﻲ ﻳﺮﻭﻱ ﻛﻴﻒ ﻣﺎﺕ ﺍﺑﻨﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻷ‌ﺣﺪﺏ ﻳﺘﻨﻬﺪ ﺑﺎﺭﺗﻴﺎﺡ ﻭﻳﻌﻠﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺧﻴﺮﺍ، ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﻭﺻﻠﻮﺍ.. ﻭﻳﺤﺼﻞ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻛﻮﺑﻴﻜﺎ، ﻭﻳﻈﻞ ﻃﻮﻳﻼ‌ً ﻓﻲ ﺃﺛﺮ ﺍﻟﻌﺎﺑﺜﻴﻦ ﻭﻫﻢ ﻳﺨﺘﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﻇﻼ‌ﻡ ﺍﻟﻤﺪﺧﻞ ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﻭﺣﻴﺪ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺸﻤﻠﻪ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﻭﺍﻟﻮﺣﺸﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﺪﺃﺕ ﻗﻠﻴﻼ‌ً ﺗﻌﻮﺩ ﺗﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﺑﺄﻗﻮﻯ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﺗﺪﻭﺭ ﻋﻴﻨﺎ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺑﻘﻠﻖ ﻭﻋﺬﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻤﻬﺮﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ : ﺃﻟﻦ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵ‌ﻻ‌ﻑ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻳﺼﻐﻲ ﺇﻟﻴﻪ ؟ ! ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ ﺗُﺴﺮﻉ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻼ‌ﺣﻈﻪ ﺃﻭ ﺗﻼ‌ﺣﻆ ﻭﺣﺸﺘﻪ؛ ﻭﺣﺸﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻻ‌ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻬﺎ.. ﻟﻮ ﺃﻥّ ﺻﺪﺭ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺍﻧﻔﺠﺮ ﻭﺳﺎﻟﺖْ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻮﺣﺸﺔ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺃﻏﺮﻗﺖْ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ‌ ﺃﺣﺪ ﻳﺮﺍﻫﺎ. 
ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﺨﺘﺒﺊ ﻓﻲ ﺻَﺪﻓﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ؛ ﻓﻠﻦ ﺗُﺮﻯ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻭَﺿَﺢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ<< 
ﻳﻠﻤﺢ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺑﻮﺍﺑﺎً ﻳﺤﻤﻞ ﻗﺮﻃﺎﺳﺎً ﻓﻴﻨﻮﻱ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻳﺴﺄﻟﻪ : ﻛﻢ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻵ‌ﻥ ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ؟ 
- ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ.. ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﻘﻒ ﻫﻨﺎ .. ﺍﻣﺶِ. 
ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻋﺪﺓ ﺃﻣﺘﺎﺭ ﺛﻢ ﻳﻨﺤﻨﻲ ﻣﺘﻘﻮﺳﺎ ﻭﻳﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻠﻮﺣﺸﺔ ﻭﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻻ‌ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺇﻥ ﺗﻤﺮ ﺑﻀﻊ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺘﺪﻝ ﻭﻳﻨﻔﺾ ﺭﺃﺳﻪ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﺃﺣﺲ ﺑﻮﺧﺰﺓ ﺃﻟﻢ ﺣﺎﺩﺓ ﻭﻳﺸﺪ ﺍﻟﻠﺠﺎﻡ ﻟﻢ ﻳﻌُﺪ ﻗﺎﺩﺭًﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻤﻞ. 
ﻭﻳﺨﺎﻃﺐ ﻧﻔﺴﻪ : ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ .. ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ !
ﻭﻛﺄﻧﻤﺎ ﻓﻬﻤﺖ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻓﺘﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻛﺾ ﺑﺤﻤﺎﺱ، ﻭﺑﻌﺪ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﻧﺼﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﺑﺠﻮﺍﺭ ﻓﺮﻥ ﻛﺒﻴﺮ ﻗﺬﺭ، ﻭﻓﻮﻕ ﺍﻟﻔﺮﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷ‌ﺭﺽ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷ‌ﺭﺍﺋﻚ ﻳﺘﻤﺪﺩ ﺃﻧﺎﺱ ﻳﺸﺨﺮﻭﻥ، ﻭﺍﻟﺠﻮ ﻣﻜﺘﻮﻡ ﺧﺎﻧﻖ.... ﻳﺘﻄﻠﻊ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺋﻤﻴﻦ، ﻭﻳﺤﻚ ﺟﻠﺪﻩ ﻭﻳﺄﺳﻒ ﻟﻌﻮﺩﺗﻪ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻨﻔﺴﻪ : ﻟﻢ ﺃﻛﺴﺐ ﺣﺘﻰ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻴﺮ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻮﺣﺸﺔ، ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﻋﻤﻠﻪ، ﺍﻟﺸﺎﺑﻊ ﻫﻮ ﻭﻓﺮﺳﻪ؛ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻄﻤﺌﻦ ﺍﻟﺒﺎﻝ.. 
ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﻳﻨﻬﺾ ﺣﻮﺫﻱ ﺷﺎﺏ، ﻭﻳﻜﺢ ﺑﺼﻮﺕ ﻧﺎﻋﺲ ﻭﻳﻤﺪ ﻳﺪﻳﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻟﻮ.. ﻓﻴﺴﺄﻟﻪ ﺍﻳﻮﻧﺎ: ﺃﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺸﺮﺏ؟ 
- ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻯ . 
- ﺑﺎﻟﻬﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﺀ... ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺍﺑﻨﻲ ﻫﻞ ﺳﻤﻌﺖ؟ ﻫﺬﺍ ﺍﻷ‌ﺳﺒﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ... ﺣﻜﺎﻳﺔ! 
ﻭﻳﺘﻄﻠﻊ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﻟﻴﺮﻯ ﺃﻱ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻ‌ ﻳﺮﻯ ﺷﻴﺌﺎ؛ ﻓﻘﻂ ﺗَﻐﻄًﻰ ﺍﻟﺤَﻮﺫﻱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺣﺘﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻏﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻮﻡ، ﻭﻳﺘﻨﻬﺪ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻭﻳﺤﻚ ﺟﻠﺪﻩ ﻓﻤﺜﻠﻤﺎ ﺭﻏﺐ ﺍﻟﺤﻮﺫﻱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﻳﺮﻏﺐ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ.. ﻋﻤﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﻳﻤﺮ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻣﺎﺕ ﺍﺑﻨﻪ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﺍﻵ‌ﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ ﺃﺣﺪ ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ..ﺿﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻞ , ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺮﻭﻯ ﻛﻴﻒ ﻣﺮﺽ ﺍﺑﻨﻪ ﻭﻛﻴﻒ ﺗﻌﺬﺏ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻗﺒﻞ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻭﻛﻴﻒ ﻣﺎﺕ، ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺼﻒ ﺟﻨﺎﺯﺗﻪ ﻭﺫﻫﺎﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻟﻴﺘﺴﻠﻢ ﺛﻴﺎﺏ ﺍﻟﻔﻘﻴﺪ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﻘﻴﺖ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﺃﻧﻴﺴﻴﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﻭﻋﻤﻮﻣﺎ ﻓﻤﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺮﻭﻱ ﺍﻵ‌ﻥ؛ ﻭﻻ‌ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﻭﻩ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﻳﺘﻨﻬﺪ ﻭﻳﺮﺛﻰ ﻭﺍﻷ‌ﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ، ﻓﻬﺆﻻ‌ﺀ ﻭﺇﻥ ﻛﻦ ﺣﻤﻘﺎﻭﺍﺕ ﻳﻮَﻟﻮﻥْ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺘﻴﻦ. 
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ : ﻓﻸ‌ﺫﻫﺐ ﻷ‌ﺗﻔﻘﺪ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺳﺄﺷﺒﻊ ﻧﻮﻣﺎً ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺍﻟﻤﻼ‌ﺑﺲ ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻻ‌ﺻﻄﺒﻞ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻒ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﻴﺮ ﻭﺍﻟﺪﺭﻳﺲ ﻭ ﺍﻟﺠﻮ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ‌ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﺑﻨﻪ ,ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﻣﻊ ﺃﺣﺪ، ﻭﺃﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﺮﺳﻢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﻓﺸﻲﺀ ﺭﻫﻴﺐ ﻻ‌ ﻳﻄﺎﻕ.. ﻭﻳﺴﺄﻝ ﺃﻳﻮﻧﺎ ﻓﺮﺳﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺮﺍﻗﺘﻴﻦ 
- ﺗﻤﻀﻐﻴﻦ؟ ﺣﺴﻨﺎ ﺍﻣﻀﻐﻲ ﺃﻣﻀﻐﻲ .. ﻣﺎ ﺩﻣﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻜﺴﺐ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﻴﺮ ﻓﺴﻨﺄﻛﻞ ﺍﻟﺪﺭﻳﺲ...ﻧﻌﻢ ﺃﻧﺎ ﻛﺒﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺽ ﺃﻥ ﻳﺴﻮﻕ ﺍﺑﻨﻲ ﻻ‌ ﺃﻧﺎ، ﻛﺎﻥ ﺣﻮﺫﻳﺎ ﺃﺻﻴﻼ‌ ﻟﻮ ﺃﻧﻪ ﻓﻘﻂ ﻋﺎﺵ.. ﻭﻳﺼﻤﺖ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺛﻢ ﻳﻮﺍﺻﻞ : 
- ﻫﻜﺬﺍ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻔﺮﺱ، ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻛﻮﺯﻣﺎ ﺃﻳﻮﻧﻴﺘﺶ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ... ﺭﺣﻞ ﻋﻨﺎ..ﻓﺠﺄﺓ .. ﺧﺴﺎﺭﺓ.. ﻓﻠﻨﻔﺮﺽ ﻣﺜﻼ‌ ﺃﻥ ﻋﻨﺪﻙ ﻣﻬﺮﺍً ﻭﺃﻧﺖ ﺃﻡ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤُﻬﺮ.. ﻭﻟﻨﻔﺮﺽ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻬﺮ ﺭﺣﻞ ﻓﺠﺄﺓ، ﺃﻟﻴﺲ ﻣﺆﺳﻔﺎ؟. 
ﻭﺗﻤﻀﻎ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﺗﻨﺼﺖ ﻭﺗﺰﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻱ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ، ﻭﻳﻨﺪﻣﺞ ﺍﻳﻮﻧﺎ ﻓﻴﺤﻜﻲ ﻟﻬﺎ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ.
!

🎉 لقد انتهيت من قراءة شقاء ! 🎉
شقاء !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن