حروب زائفة..

53 3 6
                                    

يستيقظ مع تصاعد وتيرة الألم..الأضواء خافتة في الغرفة..سديم تقف لتحقن محلوله بشيء ما..و دجلة نائمة على الأريكة..
و في الأعلى الكاميرات تراقب..أعين تحوي قدرا من المتعة رغم القلق..

-" سديم.."

كان يكره ذكر اسمها..لطالما أشار إليها في الأسابيع الماضية ب الضمير هي أو بكنة آل الفارس..أحيانا كان يقول زوجة بيان..
إلا أنه ما استساغ العلم المعبر عنها و المتمثل في أربعة أحرف..
أما الآن فلا ينفك يجمع تلك الأحرف دون حرج و يناديها دون ألقاب..

-" حضرة القاضي..المسكن سيؤتي ثماره بعد قليل..أرجوك لا تقلق..فقط انتبه إلى راحتك.."

حلقه جاف..و قد لاحظت هي ذلك..قربت من زجاجة الماء و ابتعدت إلى الخلف بضعة خطوات..

تنهد بتثاقل..عقله كملعب لكرة التنس و مشاعره ليست في حال أفضل..

ترمقه بمقلتين يحتلهما القلق و الرغبة في المساعدة..إلا أنها كالعادة لا تحرك ساكنا..

-" هل تخافين مني إلى هذه الدرجة؟! إلى درجة عدم مناولتي زجاجة الماء يدا بيد.."

تساءل بخفوت بينما يقلب زجاجة الماء في يده..

-" لا طائل من مناقشة أمر كهذا.."

استقرت على الكرسي بعد أن اطمأنت أنه قادر على فتح زجاجة الماء بنفسه..

شرب هو قليلا من الماء..ثم أخذ يعدل وضعيته و وضعية السرير قليلا ليصبح قادرا على النظر مرتاحا إلى جهتها..

-" الحماية وظيفتي.."

حاول إنشاء جملة..نظراته صافية تماما كالسماء بعد العاصفة..
نبرة صوته هادئة و رقيقة رغم عمقها و ألمها..

-" أعرف و لا ألوم حضرتك..و صدقني لن أحاول إطلاقا تغيير وجهة نظر حضرتك عني..تستطيع القيام بما تراه مناسبا من إجراءات لحماية الجميع و من ضمنهم بيان طبعا..أنا لا نية لي في الحرب..أتفهم وجهة نظرك..أقدرها..
فقط أتمنى أن نكون قادرين على التحدث بشكلٍ فيه تجريح أقل و بعض من ضبط الأعصاب و الحفاظ على الكرامة..
لا بأس أن يكون قرارك هو متابعة هذه العداوة بعد الخروج من هنا..فقط لنضع الاحترام و الشرف في حسباننا أيضا..
أنا لا أؤذي دجلة عمدا..و بيان فأنا أفضل الموت على أن يبعثر النسيم شعره..
ستظن أنني مبالغة..حقك..و لكن الأيام بيننا..
أنت تتمسك بحذرك، حدودك و حمايتك..
و أنا أتمسك بحبي، عملي و الحياة التي أحاول صنعها هنا..
لنخرج من هنا فقط و لا أمانع حقا أن نتابع جدالنا الأخير من حيث توقفنا..لا يزال حق الرد مكفول لي.."

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن