ك ايزيس هي..كتراثها..كتاريخها..كالأرض التي أتت منها..
تسير معه باطمئنان..لا تأبه إن قتلوها لأجله..و لا يهمه أن يقطعوه إربا لأجلها..
هي ستجمع أشلاءه و إن كانت لا تستطيع أن تهبها الحياة..و هو سيبني لها معبدا و إن كان معبده ليس كالآثار..لا يحمل آلهة داخله و لا يصمد كالتراث على الحجارة حتى قيام الساعة و نهاية الزمان..يوسف يريدها عشتار..يريدها مجونا و جنونا و هوسا..
يريد أن يكتب لها ملحمة..كملحمة فينوس و عشاقها..أما هي فملتزمة بما يمكن أن تقتبس من تاريخها..ملتزمة بأمومة ايزيس..بحبها و إن كانت سديم مدركة أن حبها ليس أسطوريا كأساطير القدماء..
سديم..ابنة النيل..تكتب حبها بردية..تحفظها من الزمن في معبد عائلة مستقبلية تريد صنعها مع بيان..بيان الفارس..الخيّال..الذي أتاها يختطفها من الخطر..و روضت هي داخله المخاوف و قبضت يدها على الجراح..
السير معه في أروقة المشفى يجعل الأمر أشبه بالنزهة..
و لم لا؟! ألا تقبع الحدائق الخضراء في عيني بيان؟! أليست بشرته كأشعة الشمس إذ أطلت استحياء من خلف السحاب؟!
أليس شعره كأعماق البحر المظلمة التي لا يجازف سوى مغاور باكتشافها؟!أتت أطراف أصابعها على حافة الخاتم البلاستيكي..ابتسمت و أوقفته..
نظر لها بتساؤل..لطالما كان هكذا..عيناه تتحدثان أكثر من شفتيه..-" أنت لا تزال ترتدي الخاتم البلاستيكي..اخلعه إن أردت قبل دخولنا.."
قالت بابتسامة و كأنها تطلب شيئا طبيعيا جدا..
-" لماذا؟! "
يسأل بجدية و هو يجول بنظره بينها و بين الخاتم..
-" بيان..لا تمزح بحق الله..هل سندخل على حضرة القاضي و هذا في يدك؟! إن سأل أحدهم ماذا سنقول؟! سيقسمون بأننا مجانين.."
ابتسامة خجولة تزين وجهها الذي اتشح بالحمرة..
-" إنه خاتمك..حتى أموت لا أريد أن أخلعه..ما العيب في هذا؟! "
الجدية في صوته و ملامحه تزداد عمقا و ثباتا..
و للحظة وقفت هي لا تعرف ماذا تقول..ماذا تفعل..
هي أخبرته أنه عتيد في هذا الحب..أنها لا تستطيع أن تجابهه..
هي تتحدث و تتحدث و هو بفعل واحد منه يصبح كمن كتب لها ألف خطاب في الحب و ألقى على مسامعها قصائد غزل تفوق ما قال الشعراء كافة العقلاء منهم و المجانين..-" لو صهروا كل خواتم الأرض و قطعوا كل الأوراق لبقيت زوجتك..
لخرجت إلى العالم معلنة هذا الزواج بنفسي..لو كنا قديما..لو سكنا عصورا خلت..لوشمتك على ما يظهر من هذا الجسد..لكتبتك على كل آثاري..الزائل منها و الباقي ليجادل الزمن..
أنت لا تحتاج شيئا من هذه الأشياء كافة..أنا فقط أعطيهم لك زيادة في المحبة و إظهارا لها..أخرج بهم أمام العالم لأني أريد أن أعلن عن نفسي كمواطنة على أرض قلبك..أتمسك بهذه الماديات البسيطة لأني أريد التذكر دائما..أريد أن تتحد ذكرى منك مع جسدي كما تتحد أنت مع وجداني و روحي..أرتدي الخاتم لأتمسك بك في غيابك..و لكن حقيقة لو فنى كل شيء..لو أخذوا مني قميصك و الخاتم و عقد الزواج و قتلوا الشهود على اجتماعنا..مهما حصل فإنني أمام الله زوجتك..و أمام الناس زوجتك..
إن كنت لا تزال مصرا على عدم خلعه لا اعارضك..فقط أخبرك..أنا يكفيني أن تتذكرني..أن تحتفظ بي داخل قلبك دائما..افسح لي و لو مكانا صغيرا داخل صدرك فأستقر به..لو لليلة واحدة..دعني أغرق في هذا الحب..حتى و إن استقيظت بعده و أنا أحترق في الشمس..أو أغرق في البحر..أو أعرج في السماء فتشقى رئتاي..
اترك ما شئت من الخواتم..فقط ليكن بقاؤك معي.."
أنت تقرأ
ظلال
Roman d'amourعلى اختلاف الجنسيات و الطباع و العادات جمعتها الظلال صدفة في حفلة لا تمت لما هم عليه أو ما يشعران به بصلة.. بدل الأضواء حل الظلام و بدل حلت أصوات الرصاص.. لبناني و مصرية..متزوج و عزباء..و لكن كلاهما يتشاركان في الآلام..في الظلال.. كيف تنتهي الحكاية...