الفصل الثالث
موج متلاطم الأمواج
وضعت اشجان في يد الفتاة بعض الأقراص وقالت:
_خدى الفيتامين دا هيساعدك كتير
ثم قالت وهي تكتب بعض الكلمات على الحالة الطبية وقد أنتبهت فجأة إلى شيء ما:
_أنت بتعرفي تكتبي صح
نظرت لها الفتاة في حيرة مما دفع أشجان أن تكمل:
_اغلب الظن انك متعلمة، حاولي تكتبي اي حاجة في دماغك ممكن تساعدك على انك تفتكري
همست الفتاة وهي تستجيب لكلمات أشجان:
_أكتب!؟
ثم نظرت إلى القلم في توسل وشعرت برعشة تسري في أوصالها ثم خطت بخط صغير جداً كلمة ( خوف) مما دفع أشجان أن تقول:
_ فعلاً هو الخوف هو دا المشكلة كلها، بس كتابتك دي اول خطوة في الطريق الصح، دا معناه أن كل حواسك هتبدأ تستعيد الحاجات اللي كانت بتعملها قبل الحادث، دي خطوة إيجابية
قالت الفتاة وهي تنهض من الفراش ثم تسير في اتجاه النافذة، وقفت خلف الزجاج وأسدلت الستائر على الزجاج :
_أنا حاسة أن في كابوس، ازاي مش قادرة افتكر اي حاجة عن نفسي، ماليش أهل؟ معقولة ممكن يكون ماليش أهل؟ طيب ماليش اخت تسأل عني ماليش أخ يحس أن بقالي فترة مش ف البيت، ولا أم أو أب يحسوا بيا، أنا هنا بقالي كام ساعة معقول مافيش حد حاسس اني مش موجودة في الحياة ولا أنا إنسانة وحشة ممكن أكون إنسانة مكروة اوي والكل عايز موتي وعلشان كدا مافيش حد عايز يدور عليا
نظرت اشجان إلى خط الفتاة ثم قالت:
_حتى لو مكروهة في حياتك وفي أسرتك هيسألوا عنك، اسمعي انا مش من عادتي ولا طبيعتي أن أتكلم مع المرضى لأن ببساطة الحالات اللي بتيجي هنا حالات تعبانين ناس عايزة دوا وبس
انت بصراحة داخلة هنا بمشكلة ودا اللي بيخلي الموضوع جديد على أنا عايزة اقولك على حاجة حاولي تشوفي وضعك بعد خروجك من هنا اي؟ لأن وجودك في المستشفى مش هيدوم كتير، كلها ساعات وهيكتب لك على خروج دي مستشفى مش فندق، ومافيش حد من الدكاترة هيحب يشيل مسئوليتك
هزت الفتاة رأسها في علامة الموافقة والأستسلام وتابعت:
_أنا خايفة أوي، صدقيني نفسي أفتكر حتى أسمي أنا حاسة أني في جحيم
قالت أشجان وهي تضع يد على كتفها:
_طيب أنا عندي حل مؤقت ليك
قالت الفتاة وهي تنظر لها في توسل نظرة مستغيث بمن ينقذه من الغرق:
_أي هو الحل المؤقت؟
تنهدت أشجان ثم قالت وهي تربت على كتفها:
_أنا ممكن استضيفك في بيتي يومين
نظرت لها الفتاة في حيرة ثم تابعت:
_ببتك!؟ بس ممكن أعمل لك مشاكل، أنا مش عارفة مشاكل اي اللي ممكن اعملها بس احساس الضياع اللي أنا فيه مخليني مش عارفة فين الصح وفين الغلط؟
ربتت أشجان على يد الفتاة ثم تابعت:
_الصح اللي أنا شايفه أن خروجك من هنا لازم يكون لمكان فيه حيطان تداريك هو دا الصح أما الغلط انك تتجهي للشارع مش معقول يكون ضياع ومتاهة فهمت؟
قالت الفتاة وهي تنظر لها في خجل:
_طيب وعيلتك هتقول لي أنا مين؟ وصفتي اي؟ ولو حد عرف وأعترض
تابعت أشجان وهي تضحك:
_أنا عايشة في حي شعبي أنا مش ساكنة في المهند سين أنا مش متجوزة أنا لسه آنسة وقاعدة لوحدي بعد ما أبويا وأمي ماتوا الحي اللي أنا ساكنة فيه ناس ولاد بلد يعرفوا يحافظو علينا أنا وأنت ومتقلقيش هقدمك ليهم انك بنت خالتي اللي في الصعيد
تنهدت الفتاة ثم تابعت:
_ولو بنت خالتك جت نعمل اي؟
نظرت لها اشجان في هدوء ثم تابعت:
_لا بنت خالتي مش هتيجي ولا حد شافها في الحي قبل كدا بنت خالتي اتجوزت من وهي عندها اربعتشر سنة وسافرت الخليج، العلاقة بينا على التليفون وبس
همست الفتاة وهي تشعر بحاجتها إلى البكاء:
_أنا متشكرة أوي يا أبلة اشجان
قالت اشجان وهي تهز يدها في اعتراض:
_لا مافيش أبلة اشجان ولا متشكرة، أنت لازم تنادي عليا وتقولي اشجان وبس وبعدين بنت خالتي أسمها غادة يعني اتعودي على اسم غادة من دلوقت وفي حاجة أخيرة ومهم نتفق عليها من دلوقت
هزت الفتاة رأسها علامة الموافقة وقالت:
_اتفقنا
هتفت اشجان في اعتراض:
_أتفقنا على اي؟ مش لما تعرفي الاول طلبي، بالعموم انا عايزة منك طلب واحد بس لما تفتكري أنت مين لما ترجع لك ذاكرتك لازم اعرف انت مين لازم أعرف حقيقتك مهما كانت أتفقنا؟
هزت الفتاة رأسها وتابعت:
_أعرف بس أي حاجة عن نفسي وهقولك اكيد
هتفت اشجان وهي تستعد إلى الخروج من الغرفة:
_كدا أعرف أركز مع باقي المرضى، سلام وحاولي تهدي وتطمني وتعرفي أن اللي انت فيه دا حالة مش مستمرة، ممكن قبل ما نخرج أنا وأنت من هنا العقل يفتكر كل حاجة، الصدمات ساعات بتوقف خط سيرنا شوية بس مش بتعجز الخطوات للأبد
❈-❈-❈