ثوان تمر كالساعات، أفكر في الأمر بجدية فقرار اليوم يحدد مستقبلي غداً، جلست على حافة السرير وشعرت بإبتسامة لا إرادية ترسم على وجهي، لربما أنا سعيدة لهذا الأمر، سأعيش أنا وعمر في بيت واحد ولربما هذا يبهج قلبي، أخذت نفساً عميقاً وبدأت بالتخيلات عن الذي سيحصل مستقبلاً وكنت جد سعيدة، طُرق الباب ثم فُتح، وإذا به عمر كان مبتسماً وكأنه سعيد كذلك لهذا الأمر، قال لي:
"عائشة لا أود أن أجبركِ أو شيء من هذا القبيل لكنني أودك أن تفكري جيداً في الأمر، وتنظري للجانب الإيجابي.."
قاطعته بعدما نهظت من مكاني وقلت بكل ثقة:"أنا موافقة"
رأيته يكاد ينفجر من الفرحة، قال لي:"ماذا يعني؟ هل أنتِ موافقة على الإنتقال للعيش معي؟"
أومأت برأسي وكانت ردة فعله لطيفة فقد عانقني بقوة، إبتعد قليلاً وقال:
"هذا اليوم من أجمل أيام حياتي، أنا سعيد لدرجة لا تتخيلينها يا عائشتي"
أمسكت بيده وقلت:"هذا القرار يتعلق بنا نحن فقط ومستقبلنا يبدأ من هذه النقطة، هل لك أن تعدني بشيء؟"
أحكّم على يدي وقال:"أي شيء"
قلت له:"لا تتغير، ولو تغيرت فليكن تغييرك للأفضل لا للأسوء"
قبّل جبهتي وقال:"أعدك أن لا أتغير يا عائشتي وأن أبقى أحبك وأحن عليك حتى بعد مماتي"
إبتسمت له بسعادة وقلت:"حسناً الآن تستطيع أخذ سندريلا إلى قصرها"
ضحك عمر وقال:"لو كان بإمكاني لأدخلتها في قلبي وأغلقت عليها"
لويت شفتاي وقلت:"وهل أهون عليك لتتركني وحيدة في مكان ضيق؟"
ضحك عمر وقال:"قلبي كبير لا تخافي لن تشعري بضيق المكان وأما عن الوحدة فستجدين هناك من يؤنسك"
قطبت حاجباي وقلت:"من؟"
حمحم قليلاً ثم أدار بوجهته إلى غرفتي وقال:"ذوقك راقي وجميل"
غضبت منه وقلت بعصبية:"لما تتخطى الموضوع؟ من في قلبك غيري؟"
إستلقى على السرير وكأنه لم يسمع شيء، وقال:"أعترف أن سريرك مريح على سريري، أود النوم هنا عليه ليلة كاملة ورائحتك تتخلخل في أنفي"
وتنهد بعمق، شعرت وكأن أحد أعصابي سينفجر، فوددت أن أجعله يتكلم بطريقتي الخاصة، فقلت له:
"أتعلم؟ لقد أعدت التفكير في قراري ووجدت أنني أرفض هذه الفكرة نهائياً حتى أنني عندما أتخرج سأطلب الطلاق وأسافر لأعيش حياتي وأحقق أحلامي، أنا لا أود أن أنهي حياتي بسبب أمر سخيف وتافه"
وهنا رأيته يعتدل بجلسته وكان ينظر إليّ مباشرة، صمت عميق ساد بيننا، ثم قطعه وقال:
"أحقاً تعتقدين أن زواجنا شيء سخيف وتافه؟ وتعتقدين أنكِ ستنهين حياتك ومستقبلك الرائع بسبب هذا الزواج السخيف والتافه؟ وتطلبين الطلاق؟ عائشة ليكن في علمك أنا تزوجتك لأنني أحببتك وعاهدت الله أن لا أتركك، ولا أجرحك، ولا أحزنك، ولا أضربك، عاهدته أنني سأكون لكِ العوض الجميل، السند الذي لا يميل، وسأكون على عهدي ووعدي فالرجال كلامهم كالرمح عندما ينطلق لا يعود إلا وقد حقق مبتغاه، وأنا كذلك لن أتركك لا اليوم ولا الغد وهذا وعدي لكِ، ولنرى ماذا ستفعلين؟"
شعرت أنني إستفززته بكلامي فقررت أن لا أرد على كلامه بل أسأله مباشرة حتى يجيب:
"عمر أخبرني من في قلبك ولا تود الإفصاح عنه وأعدك أنني سأتراجع عن كلامي"
قال وهو يزين وجهه بإبتسامته الجميلة:"لا أحد، كنت أود إغضابك لأرى ما تفعلين"
ضحكت بشدة وقلت له:"يا عمر جعلتني أقول كلام لا أدري من أين أتيت به حتى"
إقترب وقال:"أعرفك ويستحيل أن أصدق مثل هذا الكلام لأنني أفهمك وأقرأ أفكارك من عيناك، فلا داعي للكذب للإحتيال عليّ"
توترت من شدة إقترابه فإبتلعت ريقي وقلت له:"حسناً فهمت والآن إبتعد قليلاً فأنا أكاد أتنفس".
أخبر عمر والدينا والشيخ صالح بقراري، وعند إنصرافهم أتى أبي ليحادثني، كنت أتحدث مع إبنة الخادمة مريم، فناداني لغرفته فإستئذنت الفتاة وذهبت، أول ما قاله كان:
"أنتِ متأكدة من قرارك؟ يعني لست أجبرك وإن لا تودين الذهاب فالأفضل أن تخبريني الآن"
إبتسمت له بحب وجلست بجانبه وأمسكت كلتا يديه وقلت:
"يا أبي أنا متأكدة من قراري لأنني أدرك أن ما يحصل إلا خيراً وما دام الله هو الذي يسير لي حياتي فأنا راضية على كل شيء يحصل فيها، وكذلك أنا سعيدة لأنني سأغير من روتيني اليومي وأتحمل البعض من المسؤوليات، لكنني حزينة قليلاً لأنني سأتركك لوحدك"
رأيت عيناه تلمع وكأنه سيبكي لكنه أخذ نفساً عميقاً وقال:"ستتركينني اليوم أو غداً هذه هي سنة الحياة يا إبنتي، وأنا لن أكون وحيداً أبداً ألا تدركين أن جاسم وعائلته معي؟"
إطمأننت لوهلة ثم قلت:"أه نسيت أمرهم يا أبي، لن تكون وحيداً وأنت بينهم"
ثم صمت ليقول:"أيُعجبك أسامة؟ هل يعاملك بشكل جيد؟"
إستحييت عند ذكر إسمه ثم قلت له:"بلى، عمر يعاملني بشكل لطيف، وهو يحسن التصرف معي"
إبتسم أبي وقال:"حسناً، أرتاح إذاً من هذا الأمر".
أتت أختي وجمعت معي أغراضي، كنا طوال الوقت نتحدث عن الأمور التي سأواجهها في منزل زوجي، وبعدما إنتهينا جلست معي وبدأت تحدثني عن الأمور الزوجية لعلى وعسى تحصل مستقبلاً حتى أحسن التصرف، قضت تلك الليلة معي وهي تنصحني وتحدثني عن الزواج حتى شعرت أن رأسي يكاد ينفجر لكنني لم أود قطع كلامها لذا كنت أصغي وأومأ برأسي فقط، وأخيراً نامت ومع كل تلك الأحداث التي حصلت نسيت أنني لدي غداً مدرسة، فتحت هاتفي وأرسلت رسالة نصية لعمر أقول فيها:
'السلام عليكم عمر وددت أن أخبرك أنني غداً لن آتي للمدرسة، عليّ تحضير أغراضي وجمعهم والكثير من الأمور لذلك من فضلك تابع دروس الغد لكي تشرح لي لاحقاً ما فاتني، تصبح على خير'
وأغلقت هاتفي، رفعت رأسي إلى سطح غرفتي وفكرت قليلاً في التغيير الذي سيحصل في حياتي، ومن تفكير لتفكير لم أستطع النوم فذهبت للحمام وتوضأت وبعدها صليت قيام الليل وبعدها صلاة الإستخارة والحمد لله ما أن وضعت رأسي على وسادتي نمت.
في الصباح الباكر إستيقظت مع صلاة الفجر كعادتي، صليت وقرأت القرآن والأذكار وكنت أبدو جد سعيدة ومرتاحة، عند ذهابي للمطبخ لتناول الفطور صادفت أبي فإستغرب وقال:
"صباح الخير، أراكِ لازلت هنا، ألستِ معتادة على الذهاب للمدرسة باكراً؟"
قلت له وأنا أقبله على وجنتيه:"صباح النور يا أبي، اليوم مع الأسف سأتغيب عن المدرسة لأنني سأجهز أغراضي وسأذهب لإشتراء بعضاً من الملابس الجديدة، ولا تخف فقد أوصيت عمر لكتابة ملخصات كل الدروس لليوم"
رأيته يكتم ضحكته وقال:"يا مشاكسة، إذاً أنتِ تستمعين بالتسوق وتدعين أسامة مرهق وسط الدروس تلك كلها"
فضحكت أنا ثم ذهبنا لتناول فطورنا، وجدت السيدة مريم التي طلبت منا الذهاب للحديقة لأنها وضعت الفطور هناك، فذهبنا للحديقة، الجو رائع مع فطور لذيذ.
أنت تقرأ
زواج بدون قيود
Romanceعائشة فتاة مراهقة ومتدينة، يقوم والدها بتزويجها من فتى يكبرها بعامين يدعى عمر.. بعد الزواج تدرك عائشة أن زوجها يدرس معها في نفس الثانوية ونفس القسم، وتكون الحياة حلوة عليهم لولا تدخل مجموعة bkl التي زعيمتهم عاشقة لعمر أي زوج عائشة وبالتالي تسبب لهم...