"الاول"

2.1K 55 46
                                    


نبيلة
الجرح المفتوح على الابد ..

السادس عشر من شهر يوليو،العراق يحتضن الشمس ويقبلها بعناق طويل لا مهرب منه ، عيون تهرب وتلاحق وتنهمر وتصرخ وتتلاشى في كل مكان في هذا الخان

تقف نبيلة لا تحمل الا همها وسيجار مُنكهة بالشوكولا، تحفر عينيها في كتف ياسر الذي وقف أمامها من دون حراك قبل ان تحدث الحادثة التي زعزعت الخان، منذ ست سنوات والخان يمشي مثل اميال الساعة لا يقفز ميل على ميل الا وفق ترتيب مُعد مُسبقًا

يلتفت لها ياسر بصوت خافت: انتِ خارج الموضوع و اي كلمة خارجة تعتبر مشنقة تركض وراج الى يوم الدين
ترمي السيجار وتتحرك الى غرفة في آخر ممر طويل يحتوى على صور مُعلقة لمجموعة من سياسي العراق من اعوام مختلفة لا يربط بينهم شيء الا كون الجميع اخذ ما اخذ من بلدها

لملم كل من في الخان ما حدث،ليتحول من موضوع يخسف جدران الخان الى حادثة صغيرة راح في تفاصيلها ارواح اثنين من بنات الخان

الخان الاول في بغداد ، كل ابناء الخان هم ابناء الوطن وكل ابناء هذا الوطن هُم تابعين للخان ، دولة مُصغرة بكل تصنيفاتها
تُجار النساء الاوفياء لمهنتهم، يلتقطون النسوة من كل محافظات العراق ويزجون ارواحهم في دوامة العُهر،اي سن فوق او تحت السن القانوني مُباح
اي نوع او شكل، انت هنا جُثة تُباع بأفضل سعر معروض

تستيقظ نبيلة على صوت سما الذي احدث ضجيج في الغرفة الصغيرة
:قدرة هائلة على الصريخ
:تعرفين وين القميص ؟ تلتفت سما وتقترب من نبيلة بشكل غريب
تستقيم نبيلة بظهرها وتقرب من سما بطريقة فكاهية
:اي قميص حبي؟ تبتعد سما وعلى وجهها علامات امتعاض
:ممكن اعرف الغاية من الشرب؟ ريحتج محد يتحملها، تبتعد نبيلة وتقترب من المرايه الطويلة بزاوية الغرفة ترفع نظرها لسما وتخاطبها بالانعكاس
: تدرين! حقج، مفروض اشرب حليب كامل الدسم وافرش اسناني وانام حتى انسى يلي صار البارحة
تتحرك سما نحو باب الغرفة بدون اي ردة فعل ، سما احدى الفتيات العاملات في الخان، اخبرت العائلة انها تنام في فندق قريب من الامام الكاظم، عائلتها البصرية المحافظة التي لا تعرف سوى ان تلهج السنتهم بالدعاء ليل نهار لتغيير الحال لم يعيرو هكذا تفاصيل اهمية المهم انها تصرف على العائلة بالقدرالي يمكنهم من العيش فترة اطول
سما فتاة تعتبر جيدة مقارنة بقريناتها في العائلة من ناحية الخلق والتربية

حضرت الى بغداد بسبب اعلان لنادلة في مطعم للعائلات لكن سرعان ما اصبح الاعلان في عداد النسيان بعد ما حضرت، وهذا  بسبب الكم الهائل للمتقدمات على هذه الوظيفة وبين هذا وذاك، خرجت سما خالية الوفاض تماما تجر خيبة جديدة

خرجت في شوارع بغداد بدون اي هدف وبسبب انتهاء اموالها لم تجد سوى الانخراط في اعمال كهذه، تلقفها الخان بقلب مفتوح لكل خيال انثوي تائه

"خان جغان"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن