(١)

3.2K 118 0
                                    

#رواية_لتطِيب_نفسي
(١)
-سيبي بقا الموبايل اللي في إيدك ده! مش كفايه رافضه دكتور أد الدنيا أي واحده تتمناه...

-يعني ايه دكتور يعني! أنا أصلًا مش بحب الدكاتره أنا عايزه أتجوز مكانيكي أو نجار أو سباك أو حداد...

نهضتُ واقفة وأضفتُ بحـ ـماس:
-راجل يكون عنده عضلات كده عشان يـ...

-عشان يصبحك بعلقه ويمسيكِ بعلقه.
قالتها أمي بسخرية وتبدلت نظراتها للحدة وهي تكرر كلمة حداد بصوتٍ خافت، فخشيت أن تزوجني لإبن عمي، قلت بتلعثم:
-بصي أنا مش عايزه أتجوز خالص يا ماما!

قلبتُ نظراتي بغرفتي الواسعه التي تضم شرفة ينبعث منها هواء عليل يداعب أنفاسي ويلامس إحساسي وقلت:
-حد يسيب الأوضه الفخمه دي عشان يتجوز حتة دكتور!

وقفت والدتي ورشقتني بنظرةٍ ثاقبة اخترقتني وقالت:
-هتقعدي مع العريس يا ايمان رغم أنفك...
قالتها وهي تمسك بأنفي، فتحسسته فور تركته...
لا أعلم لمَ يُضايقها أنفي! دائمًا تُذكرني به، رغم أنني أحاول تناسيه، قد يكون عريض قليلًا لكنه ليس طويل، أضافت أمي:
-أنا معرفش العريس ده معجب بيكِ ازاي بالمناخير دي!

قلت بسخرية:
-ما هي دي غلطتك لو كنتِ نقيتِ مناخير جوزك اللي هو بابا مكنتش أنا هعاني دلوقتي...

تنهدت بعمق وأردفت بحسرة:
-كم أن روحي تُعاني!

لكزتني أمي بذراعي ورمقتني شزرًا ثم خرجت من الغرفة وهي تسخر مني ومن أنفي، نظرت بالمرآة وأنا أتحسس أنفي وقلت:
-ما به أنفي؟ والله إنه لجميل!

فتحت هاتفي لأكتب خاطرة غزل بهذا الأنف الأنيق، لكني أجفلت وهربت الكلمات من رأسي فور دخول أمي المباغت وسحبها للهاتف من يدي، وقولها:
-الموبايل دا لحس دماغك... مش هتاخديه إلا لما توافقي على حاتم... الدكتور حاتم...

قالت أخر جملة وهي تضغط على أحرفها، فقلت بتحدي، وبنبرة مرتفعة:
-مش هيحصل.

جلست مكاني أحملق بالفراغ شاردة، فقد ساقت أمي تراب الأرض ليقنعني بهذا الحاتم! خالتي وعمتي وجدتي، وجيراني، وصديقتي، ووالدي وصديقه حتى
أصبحت أسير في شارعنا فيوقفني صاحب البقالة بقوله:
-إيه يا إيمان لسه محيره أمك ومش موافقه على العريس! يا بنتي دا دكتور...

جذبني من أفكاري دلوف أخي صاحب الإحدى عشر عام ويصغرني بتسعة أعوام، سحب المقعد وجلس قبالتي، نظرت ليده اليمني التي امتدت وربتت على كتفي، وسمعت صوت تنهيدته العالية ثم قوله بنبرة رجولية:
-إيه يا قلب أخوكي! مش موافقه على الدكتور ليه! فضفضي... قوليلي مين الشاب اللي ضاحك عليكِ وأنا أروح أتكلم معاه... هااا... مين النجار السباك الحداد اللي بتحبيه؟!

خلعت حذائي فقفز واقفًا، وقال بنبرة مرتفعة:
-يا ماما! أكيد حد ضاحك على بنتك... تلاقيها بتحب حداد ولا نجار.

(لتطيب نفسي) الحكاية الرابعه من سلسلة روحي تعانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن