أن ترسم لنفسكَ طريقًا محددًا، تسير بين حدوده دون إنحرافٍ رغم العسرات المتتالية والعقبات الوعرة المتعاقبة عليك فيه، ممسكًا بحبل من اليقين والثقة بأن الله هو المعين لك على المُضيِ قُدمًا نحو غايةٍ تسعى لتحقيقها، دون سقوطٍ وانحراف، دون تثبيط للعزيمة والهمة، تصرُّ على الوصول نحو هدفك وهو تركُ أثرٍ طيبٍ من خلفك وقدوةٌ صالحةٌ لمن يأتِ بعدك، هنا يكون الكفاح فى أسمى معانيه وافضل سبله وأبهى حُلة.
بدأت اول معالم القصة حينما كنت جالسا بإحدى المنتزهات العامة، أقلب بين صفحات هاتفي، اتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، دون الوقوف على أمرٍ هام، دون بلوغ منفعة، ودون أدنى نفعٍ يعودُ عليَّ أحدٍ غيري، مايعودُ منها سوى ضياع الوقت وتشتيتُ الهمة.
بل إنني لم يكن فى عقلي ولا تفكيري ولا خاطر نفسي ونيتي، أن أُقبلَ في يوم من الأيام على ترك أثرٍ نافعٍ بحقٍ من بعدي، ماكان القصد من المتابعة ومواصلة التصفح في هذه المواقع إلا محض تسليةٍ وإضاعة لوقت فراغٍ نملكه، لم أكن اعلم قدر أهمية الوقت أبدًا.أقرأ بضع أحرفٍ لشخصٍ يمزح مزحةً بلهاء، واخر يبكي حال نفسه إذا ضاقت عليه مشاعره فتضيق به الدنيا صراخا ونحيبا، وأخرى تندب حال حظها العسر، وأخر ينشر مشاعره الزائفة على حبال الغسيل على مرأى الناس ومسمعهم وكأنه يرمي شباكه ليسترأف قلوب فئة معينة من العابرين عليها والمؤلفة قلوبهم لمثل هذا.
حالةٌ فارغةٌ من أدنى مسؤلية او إهتمام بشأن ما يشغل رأي الناس عامةً أو يهتم له فئة من الناس خاصه، رفاق العمر ممن هم فى نفس مرحلتي العمرية.
كل ما يهمُّنا فى تلك الفترة المتضاربة من العمر، هي المشاعر المتوهجة لهيبا والمنطفئة سريعا من شدة وهجها كالبرق الخاطف او كشهابٍ يظهر متوهجا فى جو السماء ليلا ثم يختفي.أغلقت هاتفي ثم مضيت مترجلا اسير هائما على وجهي دون وجهة معينة أصل إليها.
أتابع ضياع وقتي دون قصد فيما لا يعرف ولا يحمد.
ثم كانت البداية، إشعارٌ... الهاتف يصدرُ صوتا معلنا وصول رسالة على تطبيق الواتساب من صديق، أعلم أنها من صديقٍ مقربٌ إليَّ، فتلك النغمة المخصصة قد وضعتها لمجموعة الأصدقاء، خاصةً المقربين.
أمسكتُ الهاتف، وما أن الغيت قفل الشاشة وسحبت بإصبعي نحو الإشعار حتي كانت الفزعة والصدمه.توفي صديقنا حامد منذ ساعتين تقريبا، والجنازة غدًا بعد صلاة الظهر وانا لله وانا اليه راجعون
إهتزت أركاني وارتعدت أطرافي واغرورقت عيناي دمعا، وانتفضت مشاعري اضطرابا وخوفا.
كيف للموت أن يأتِ هكذا دون سابق إنذار دون ميعادٍ مسبق؟
وكيف له الموت وهو شابًا صغيرًا لم يكمل الخامسة والعشرين من عمره، وكيف يأتيه الموت وهو السليمُ المعافي من الأسقام؟
ألم يكن الموت للكبارِ من الشيوخ والكهَّال!
ألم يكن الموت مقيدًا بأسباب المرض!
أليس الموت واقعا بعد كل حادثةٍ ونكبه!
لكنَّ صديقي شابٌ صغير، سليم معافى، لم يصيبه نكبةً أو حادثة، ولم تأتية عارضةٌ من عوارض الموت، أهكذا يأتيه الموت فجأة.
أنت تقرأ
أحاديث المساء(قصص،خواطر،مقالات، قصائد)
عشوائيحرفٌ يكتبما تحدثه به الظنون، وحرفٌ يكتب من خيالات الشجون، وحرفٌ يرسمُ الحركات قصصا وحكايات، وحرف ثار على ما لايُريد فمات. هنا بيت القصيد، وبستان يفوح من عطر حروفه، هنا المعاني والسحر والدلال، هنا الشجن ودموع الحنين.