Chapter 4

969 29 6
                                    

بـيـرلا***

فتحت عيني وكان الظلام وحده من استقبلني. يا لهذا السخف، هل دانيال الوغد يقوم بمقلبٍ سخيف؟ لا، لا أظن ذلك، فهو دائمًا جاد، قليل الكلام، لا يعرف للضحك أو المزاح طريقًا. إذًا، هو جاد!
لكنني لم أُسئ له! هل لهذا علاقة بوالدي؟ تبًا، إن كانت لديه مشكلة معه، فليذهب إليه! لماذا أنا؟ بحق الجحيم!

اعتدلت واقفة، محاوِلة الاستناد إلى الجدار. ذلك الأحمق، هل يظن أنني فتاة ضعيفة قد يخيفها الظلام؟
هو حقًا لا يعرفني. أنا أجد في الظلام سكونًا وسلامًا. لو ترك لي سريرًا هنا، فلن أهتم بشيء! سأنام، ثم آكل، ثم أعود للنوم. لا أحد يثرثر فوق رأسي، ولا حاجة لي بإغواء بعض أشباه الرجال.
بل، سيكون الأمر أفضل لو كانت هناك نافذة كبيرة تسمح لضوء القمر بالمرور، مع النجوم... يا له من منظر رائع سيكون.

خرجت من شرودي على صوت احتكاك الحديد بالأرض وخطوات هادئة تقترب، يتبعها عطر مألوف اخترق أنفي.
عرفت من صاحبه، وقف أمامي، وضربت أنفاسه جبيني، ثم تمتم بكلمات ذات معنى ساخر:

"ماذا ظنّت الأميرة؟ كل شيء سيكون كما ترغب؟ كم أنتِ ساذجة، بيرلا."

رفعت يدي، وصعدت بها فوق منحنى صدره، ثم بحركة سريعة، سحبت ربطة عنقه ليقترب وجهه من وجهي، وهمست:

"أنا أستطيع الفهم، خاصة مع هذه النبرة. أنت تحمل كراهية، وربما عداوة مع والدي، أليس كذلك يا سيد دانيال؟ بل ربما حتى اسمك مزيف."

اندفعت فجأة، فاصطدمت بالجدار. شعرت بكفه يضغط على فكي، وردف ببرود ممزوج ببعض الغضب، محاولًا يائسًا إخفاءه:

"أنتِ ذكية إذن، لكن اعلمي... الذكاء وحده لا يكفي. هنا، أنتِ الأسيرة... وأنا آسركِ."

أومأت له، ثم تمتمت بسخرية:

"حسنًا، فهمتك. يبدو أنك أيضًا من محبي قراءة الروايات، فالمشهد مألوف جدًا. فقط لا تقع في حبي، سينكسر قلبك الصغير. آسفة، لكنك لست نوعي."

ابتعد عني، وشتم بصوت منخفض:

"تبًا للنساء."

قالها، ثم سمعت خطواته وهو يغادر. مشكلته، هو من خطفني، عليه تحمّل العواقب.
لن أبكي أو أترجاه لإطلاق سراحي. لا بأس، طالما أنه لا يعذبني أو يقتلني، فأخيرًا سأعيش حياة الكسالى.
ما أجمل ألّا أفعل شيئًا... ولا أشعر بشيء. حياة الكسالى مريحة، مملة... لكنها المفضلة لدي.

أفضلها على أن أكون تحت الأضواء، محط الأنظار، وتحت المراقبة. أو أن تُختلق عني إشاعات تافهة، ليقوم والدي بسجني وحرماني من الطعام اللذيذ.
تنهدت وأنا أراقب غروب الشمس من النافذة الصغيرة.
هل يظن أنني لن أخرج من خلالها؟ يا له من أحمق، لا يعلم أنني أمتلك جسدًا مرنًا.
سأبقى الآن هنا، وأتخيل ما سيحدث لعائلتي اللطيفة، فهم سيخسرون كثيرًا بعد اختفائي، خصوصًا أنني أنا من كنت أدير الشركة، لا والدي العزيز.

رفـايـيـل***

لكمت الجدران بغضب... ليس منها، بل من نفسي.
إنها ابنة القاتل الذي كنت أتوق كل يوم للانتقام منه.
لكن... لماذا لا أشعر بالنصر؟
أستطيع فعل ما أشاء بها، لكنها... لا، لا أريد فعل شيء.
مجرد مشاعر إنسانية لا يجب أن أسمح لها بالسيطرة علي.

تحول لون عيناي إلى الأحمر، ثم قفزت فوق السياج، نزلت ببطء مع حركة الرياح، حتى هبطت بهدوء.
راقبت المشهد أمامي، حيث تتصارع الوحوش.
مكانٌ مثالي للتخلص من الأفكار التافهة.
بحركة سريعة، وجدت نفسي بينهم، فتوقفوا، ونظروا لي باستهزاء:

"ماذا لدينا هنا؟ نصف بشري؟ أوه، لا تقل إنك جئت للمصارعة! لن تخرج منها بأطراف كاملة."

ضحكوا ساخرين... كم هم سخفاء، لا يدرون أي دماء تجري في عروقي.
حسنًا... القليل من المرح لن يضر.

خنقت أحدهم، سحبت يديه بسرعة، تطايرت الدماء، ثم كسرت عنقه وأخرجت لسانه.
رفز وحاول الهرب، فقطعت لسانه، وقفت فوقه ورفعت لسانه للجميع.

"أنظروا... هذا ما فعله نصف بشري. القوة ليست في الكمال، بل في من يكون الأسرع."

رميت اللسان، وابتسمت بشدة، ثم اختفيت.
نظرت للمكان من حولي... تبًا، ما الذي أفعله هنا؟ لم أخطئ وجهتي من قبل.
زفرت بضيق، وقبل أن أغادر... شعرت بشيء يقفز فوق ظهري.
شعري سُحب للخلف، وغريزتي خرجت عن السيطرة.
أنيابي برزت، رفعت يدي، سحبتها سريعًا، وضربت الأرض بحذر.

ثم صعدت فوقها... وجهها تحوّل للأصفر، أوه، إنها متفاجئة.
لعقت أنيابي، ورغبة قوية تحفزني لقضم ذلك العنق... لأشعر بطراوته بين أسناني.
اقتربت أكثر، فصرخت بفزع، ولكمت صدري.

سحبت يديها، وثبّتهما فوق رأسها، ورددت:

"كان عليكِ البقاء في الزاوية. لماذا رميتِ نفسكِ علي؟ أم أنكِ تطلبين أن أكلكِ؟"

ارتفعت دقات قلبها... كانت كأنها لحنٌ يشعرني بالراحة.

"م... ما هذا؟ أنت... لست بشريًا!"

همهمت، وسرت بأصابعي على رقبتها:

"دعيني أصحّح لكِ، أيتها الأميرة... أنا لم أعد بشريًا. فكّري بهذه الطريقة، سيكون أسهل."

بلعت ريقها، وتحرك عنقها بطريقة تجعلني أكثر جوعًا.

"أنت... ماذا تكون؟"

اقتربت أكثر، وهمست لها:

"تسألينني ماذا أكون؟... ألا تعلمين حقًا؟"

عبست وتمتمت:

"وكيف لي أن أعرف، إذا لم تخبرني؟"

يا لبطء استيعابها...
أخرجت من جيبي ولاعة، أشعلتها، فبرزت عيناي الحمراوان وأنيايي.

فتحت فمها بدهشة، لم تصرخ... بدلًا من ذلك، رفعت يدها ولمست وجهي، ثم أنيابي.
فتحت فمي، وجعلتها تلمسهم، ثم ضغطت على إصبعها وتذوقت دمها.
صرخت بخفة وسحبت يدها.

"أنت... أنت لا تفكر بأكلي، صحيح؟!"

صمت، أراقب كل ردة فعل تظهرها...

"سيد مصاص الدماء الوسيم... أنا لست لذيذة على الإطلاق، لذا، من فضلك، لا أريد أن أكون جثة ناشفة!

سِّيمفونِية الجَحِيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن