(٩)

2K 103 2
                                    

(٩)
#روحي_تعاني٤
#لتطيب_نفسي
بقلم آيه شاكر
مددت يدي لأفتح المرحاض تزامنًا مع فتح أحدهم للباب فأجفلت، وعدت خطوتين للخلف، وما أن ظهرت هوية ذلك الشخص تصنمت مكاني وجحظت عيناي بصدمة...

تلاقت نظراتنا لبرهة، نظراته المشدوهة التي ما أن التقطت ملامحي حتى غض بصره عني، قال وهو ينظر أرضًا:
-إنتِ دخلتِ هنا ازاي يا إيمان؟

قالها حاتم بنبرةٍ مضطربة لكنه لم يكن أشد ارتباك مني، قلت وأنا تحت تأثير الصدمة:
-مكنتش عايزه أنام... زميلتي والله... آآ... أنا مكنتش...
صمتت حين شعرت بتدفق العبرات من عيني فأطبقت يدي على فمي، وطأطأت رأسي...

رمقني حاتم بنظرةٍ أسقطها سريعًا لأنني لم أرتدي نقابي بعدُ، قال بتوتر:
-بتعيطي ليه؟ اهدي و... وأنا خارج خلاص.

هرول يأخذ حقيبته التي لم أرها على الأرض إلا الآن، قلت بحشرجة:
-آآ... آسفه والله...

ودون أن يرفع بصره بي، قال:
-محصلش حاجه وكويس إن أنا اللي هنا... ولما تدخلي أوضه افتحي حمامها وبصي في أركانها كويس قبل ما تقفلي بابها عليكِ.

أومأتُ وقلت بطاعة:
-حاضر...

اتجه صوب الباب، وقال:
-أنا هخرج وإنتِ اقفلي على نفسك وخدي راحتك.

أطعته أيضًا بقولي:
-حاضر.
-وبطلي عياط لو سمحتِ.
-حاضر.
مازالت تحت تأثير المفاجأة فلم أحرك ساكنًا، أمسك هو مقبض الباب وهو يوليني ظهره، وأرسل تنهيدة ثم نطق:
-تعبتيني أوي يا إيمان.

قلت بدموع:
-أنا آسفه والله...
استدار إليّ لكنه لم يرفع بصره، قال:
-بطلي عياط...

وليته ظهري وارتشفت دموعي ثم قلت:
-حاضر.

وبعدما سمعت إغلاق الباب وبوثبةٍ واحدة قفزت لأوصده خلفه، ومن ثم شهقت شقةً باكية دوت بأرجاء الغرفة علها تُهدأ إختلاج قلبي، واضطراب نفسي...

جلست على الفراش أفكر في حوارنا وكيف كنت أطيعه من هول صدمتي، وأخذت أبتسم وأنا أبكي...

ثم تسائلت إلى متى سأظل أجهل مُبتغاي فأنا تائهةٌ، حائرةٌ بين قلب تعلق وحن ورق، وعقلٍ مصارع يأبى الخضوع فآرهقني...

لم أظهر من الغرفة حتى إشراقة الصباح رغم أنني لم أنم...
وفي السابعة صباحًا دخلت للقسم وأعطيت المريضة الدواء ثم وقعت إسمي بدفتر الإنصراف وقبل أن أغادر رمقني غيث بنظرةٍ سريعة ثم قال بنبرة جامدة ومترددة:
-بصي يا مس آ... أنا بعتذر لو غلطت فيكِ امبارح.
-حصل خير.
قلتها باقتضاب، فقال بنبرة تختلف عن الأمس:
-تمام يا آنسه... مش حضرتك أنسه برده؟

أومأت عدة مرات دون كلام، ورمقته فرأيت وميض ابتسامة خافت ارتعش على شفتيه...

بدلت نظري بين الواقفات، يرهفن السمع ويتابعن كلامنا بابتسامة واسعة، ثم توجهت لغرفة التمريض لأبدل ملابسي وأنا أتسائل ما به؟ بل ما بهن؟ ولمَ خلع هو رداء الغطرسة على حين غرة، وظهر عليه اللطف هل خاف من حاتم؟! بالطبع خاف منه!

(لتطيب نفسي) الحكاية الرابعه من سلسلة روحي تعانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن