..اقترب منتصر بتوجس ناحية بوابة الشركة الحديدية واخذ ينظر حوله وكانه ينتظر من سيقبض عليه وبالفعل انتفض عندما وجد من يضع يده فوق كتفه ويهدر بصوت قوي ..
.."..واقف هنا ليه ..وبتتلفت حواليك زي الحرامية ..بتدور على حد ..انطق.."..
..ارتعد منتصر ورفع يديه الاثنتين عاليا باستسلام وخوف و قال بصوت مرتعش وهو ينظر لوجه ضابط الامن ..
.."..انا ..انا ..جاي عشان....."..
..اشتدت قبضة ضابط أمن الشركة فوق كتف منتصر حتى كاد ان يمزق قميصه المهترئ وقال ..
.."..انت مين ياض و اسمك ايه .."..
..اسرع منتصر بقوله ..
.."..انا اسمي منتصر عبدالله والست قالتلي اجي هنا وهتشغلوني ..بالامارة في واحدة مستنياني اسمها عزة المليجي.."..
..امسك ضابط الامن بذراع منتصر وسحبه داخل بهو الشركة وهو يقول بتعجب ساخرا ..
.."..هو انت بقى منتصر ..دا صاحب الشركة مستنيك على نار ..حكمتك يارب ..ابراهيم باشا بجلالة قدره قاعد مستني واحد زيك انت.."..
..حاول منتصر ان يفك اسر ذراعه من قبضة الضابط القوية لكي يهرب سريعا ولكن ضاعت محاولته هباءا فهتف بصوت مرتعب ..
.."..ياعم انت سيبني.. ابراهيم بيه مين بس اللي مستنيني ..بقولك واحدة اسمها عزة ..سيبني ابوس ايدك ووالله ماهعتب الشركة دي تاني .."..
..لم يعر الضابط اهمية لما سمعه من منتصر وصعد به للطابق الذي يقبع به غرفة مكتب ابراهيم ..وما أن دلفا الاثنان للمكتب ليجدا ابراهيم الذي نظر لهيئة منتصر الرثة فهب واقفا متجها اليه بسرعة وهو يقول ..
.."..انت منتصر ..ايمان فين ..شوفتها فين وقالتلك ايه ..تعرفها منين اساسا ..انطق يابني ادم .."..
..بلع منتصر ريقه بصعوبة وحاول ان ينطق ولكنه لم يستطع ..فما كان الا والضابط يهز جسده بقوة ويضربه فوق راسه ويقول ..
.."..رد ياض ع البيه .."..
..شحب وجه منتصر وهو يحاول عبثا الفرار من قبضة الضابط فاشار ابراهيم للضابط بان يتركه ويخرج ..انصاع ضابط الامن للأمر تاركا وراءه شاب مسكين يرتجف خوفا مما قد يحصل له ..اقترب ابراهيم من منتصر الذي رفع يده امام وجهه بحركة تلقائية للدفاع عن نفسه..فتراجع ابراهيم وهو يقول بصوت هادئ..
.."..متخافش ..متخافش..انا مش هعملك حاجة .. اهدى وتعال اقعد عشان نتكلم بهدوء.."..
..جلس ابراهيم واشار لمنتصر بان يأتي ويجلس بقبالته ..اقترب منتصر بخطوات مترددة حتى جلس امام ابراهيم الذي قال ..
.."..ايمان فين .."..
..رمش منتصر وقال بصوت خافت ..
.."..ايمان مين يابيه ..والله معرف حد اسمه ايمان.."..
..ضرب ابراهيم بيده سطح المنضدة التي تتوسطهما بقوة وهو يهتف بعصبية ..
.."..ايمان اللي اتصلت بالشركة وقالت انك جاي عشان نشغلك.."..
..هز منتصر رأسه بعد ان رجع للوراء بظهره مرتعبا من ثورة ابراهيم.. واسرع بقوله..
.."..هي الأنسة اللي كنت قاعد معاها من شوية وكلمتكوا عشان تشغلوني اسمها ايمان .."..
..اصطكت اسنان ابراهيم من هول غضبه فقال وهو يكبح لجام ثورته ..
.."..ايوة هي ..انطق هي فين دلوقتي.."..
..رفع منتصر كتفيه بتلقائية وهو يقول فاردا راحتي كفيه..
.."..والله يابيه ماعرف ..هي وصفتلي المكان وقالتلي امشي ..فمشيت وسيبتها هي بمكانها .."..
..صاح به ابراهيم بقوة وهو يهب واقفا مائلا بجذعه ناحيته ..
.."..ايوة ..مكانها دا اللي هو فييين.."..
..انكمش منتصر بمكانه وهو يقول بصوت ضعيف ..
.."..ع الكورنيش يابيه مطرح ما لقيتها .."..
..جلس ابراهيم واخذ ينظم أنفاسه المتسارعة رافعا يديه امام ذاك المذعور ثم قال..
.."..واحدة واحدة كدة وتحكي حصل ايه من اول ماشوفتها..و ايه علاقتك بيها بالظبط.."..
..اعتدل منتصر بجلسته فوق كرسيه بترقب ثم قال بصوت هادئ..
.."..يابيه انا معرفهاش ..انا اول مرة اشوفها من ساعة ..وكانت قاعدة بتعيط..وشكلها يصعب ع الكافر.."..
..ارتج صدر ابراهيم وشعر بضربة قوية تضرب قلبه..ودماءه تفور برأسه التي صورت مشهد بكائها ..فسب بصوت غير مسموع زوجة عمه ..ثم فقال بصوت خافت..
.."..ها ..كمل .."..
..ابتلع منتصر ريقه وبداخله تردد ..هل يقول انه كان ينتوي سرقتها بعد تهديدها بمديته الصدئة ..أم ماذا ..فخطرت برأسه فكرة فقال..
.."..انا لما لقيتها شكلها بنت ناس كدة واوبهة..فقلت لنفسي اهي دي الناس اللي لما نيجي نشحت ..نشحت منها.. فقربت وطلبت منها اي حاجة لله.."..
..ضاق مابين حاجبي ابراهيم وهو ينظر لمنتصر وكانه غير مقتنع ثم قال..
.."..ها ..كمل على طول.."..
..تلكأ منتصر بكلماته وهو يقول..
.."..ولا حاجة يابيه ..انا صعبت عليها فطلبت مني اقولها انا ليه بشحت ..ولما حكيتلها عن حالتي الهباب ..قمت صوعبت عليها. وبعدين طلبتكوا..وبس ..وصفتلي اجي ازاي وسيبتها وجيت على هنا على طول.."..
..تنهد ابراهيم بيأس ورجع بظهره للوراء ..فمال منتصر بجذعه للأمام وقال متسائلا بلهفة وترقب ..
.."..ايه يابيه ..هتشغلوني ولا امشي ولا ايه..والنبي يابيه شغلوني عندكو اي حاجة .."..
..هب ابراهيم واقفا وقال وهو يضع هاتفه بجيب سترته ..
.."..تعال معايا واوصفلي كانت قاعدة فين بالظبط. "..
..وقف منتصر وقال بصوت حزين ..
.."..يعني مش هشتغل عندكو .."..
..امسك ابراهيم بذراع منتصر وسحبه ناحية الباب وقال مغتاظا ..
.."..متخافش ..اعتبر نفسك اشتغلت خلاص..ماهو طالما ايمان هانم قالت تشتغل يبقى تشتغل ..بس وريني مكانها الاول.."..
..نزل منتصر من سيارة ابراهيم ..وأشار للمقعد الرخامي العريض وقال..
.."..كانت قاعدة هنا يابيه وبتعيط.."..
..اتجه ابراهيم للمقعد وجلس فوقه وكأنه يريد ان يشعر بوجودها حوله ..اخذ بعينيه يبحث عنها بكل الارجاء من حوله ولكن بدون فائدة ..اخفض رأسه وهو ينظر لكفيه الذي يفركهما سويا بقوة من شدة غضبه وغيظه من تلك المجنونة التي هربت دون ان تقف أمامه لتتشاجر معه كعادتها ..وصل لاذنه صوت منتصر وهو يقول..
..".. يابيه .. امشي ولا ايه .."..
..رفع ابراهيم رأسه لينظر لمنتصر وقال..
.."..معاك فلوس.."..
..ظهرت معالم الصدمة بملامح وجه منتصر واسرع بقوله دون تفكير..
.."..هو جرى ايه يا بيه ..هو مين اللي يدي مين ..انت هتعمل زي ست ايمان هانم ..سالتني معايا فلوس ولا لا..وخدت الاتنين جنيه اللي حيلتي و......."..
..تنبه منتصر لما تفوه به من تراهات فكتم فاهه بكف يده ..
..التوت شفتي ابراهيم بابتسامة شاحبة وأخرج حافظته من جيب سترته واخرج منها ورقة مالية ومد ذراعه بها لمنتصر وهو يقول بصوت هادئ..
.."..شكرا بالنيابة عن مراتي .. خد ..وبكرة الصبح تيجي عشان تستلم شغلك ..متتأخرش.."..
..اتسعت عيني منتصر واقترب من ابراهيم ليأخذ الورقة المالية وهو يردد بتلقائية..
.."..سبحانك يارب ..بقدرة قادر ..الاتنين جنيه اللي كانوا حيلتي بقوا 200 جنيه ..ربنا يخليك يابيه ويخلي الست بتاعتك ..ربنا يعترك فيها يارب.."..
..تنهد ابراهيم وهو يقول ..
.."..يارب.."..
..ظل ابراهيم لبعض الوقت يتأمل صفحة نهر النيل المفترش بأشعة الشمس الذهبية وبين اصابع يديه هاتف زوجته يقلبه يمينا ويسارا ..نظر لشاشته وعاود الضغط فوقها للاتصال بعزة التي اجابته متلهفة قائلة ..
.."..ايوة ..ايمان ..حبيبتي انتي فين ..في الفيلا.."..
..تغضنت ملامح ابراهيم وهو يقول ..
.."..انا ابراهيم ياانسة عزة ..انا بتصل بيكي عشان اطمن اذا كانت ايمان وصلت عندكو في البيت ولا لا .."..
..تهدلت اكتاف عزة وقالت بنبرة صوت حزينة ..
.."..لا ياابراهيم بيه مجاتش ..انا لسة في المواصلات بس اتصلت بأمي اسأل عليها قالتلي مشفتهاش .. انا هتجنن ..دي عمرها معملتها ..واصلا مافيش مكان تروحه ......هنعمل ايه ياباشا هنسيبها كدة منعرفش هي فين.."..
..تنهد ابراهيم بضيق وقال ..
..".. اول ما توصلي البيت اسألي عنها خالها صلاح هو اكيد هيعرف هي فين.."..
..اجابته مسرعة..
.."..سي صلاح سافر ..رجع اسكندرية ومعرفش اذا كان يعرف بالحكاية دي ولا لا .."..
..زفر بضيق ثم قال...
.."..ماشي ياانسة عزة ..اقفلي دلوقتي ولو عرفتي اي حاجة كلميني..."..
..اسرع ابراهيم بالبحث عن اسم صلاح بهاتفها لتلتوي شفتيه بغيظ وهو يقرأ اسمه المكتوب بالقائمة..الباشا المز ..بداخله اخذ يسب غبائها وتسرعها ..نفض عن عقله ذاك الحوار عندما وجد إسم صلاح بقائمة اسماء جهات الاتصال..
..ضغط فوق الاسم ووضع الهاتف فوق اذنه منتظرا الاجابة على احر من الجمر ..تأفف بضيق عندما وجد هاتفه مغلقا ..استقام بوقفته واتجه ناحية سيارته ثم عاود الاتصال بالسكرتيرة ليلى التي اجابته ..
.."..افندم ابراهيم بيه.."..
..وبصوت قوي قال ابراهيم ..
.."..بكرة الصبح يكون على مكتبي ملف كامل عن لاعب العاب قوى اسمه صلاح ..مصري من اسكندرية ..كسب ميدالية ذهبية في اخر دورة العاب قوى دولية..اهم حاجة عندي عنوانه في اسكندرية ..مفهوم ياليلى .."..
..اسرعت ليلى بقولها..
.."..تحت امرك ابراهيم بيه ..مفهوم..بكرة الصبح الملف هيكون على مكتبك.."..
..سار بسيارته بسرعة اصدرت عنها صور صرير عال جعل المارة من حوله ينظرون بغضب وضيق لذاك السائق المتهور...وبنفس العصبية دلف داخل بهو الفيلا ورمى بمفاتيحه فوق سطح الطاولة ..تبادلا الجد والعمة زهرة النظرات بترقب ثم ارتكزا بعينيهما على هذا الذي رمى بجسده فوق كرسيه ..مال الجد برأسه للأمام وهو يتساءل ..
.."..مالك يابني داخل كدة ..وفين ايمان مجتش معاك ليه...انتو اتخانقتوا .."..
..ظل ابراهيم صامتا حتى صاح الجد مجددا..
.."..ماتنطق ياابراهيم ..حصل ايه وفين ايمان.."..
..رجع ابراهيم بظهره للوراء وقال بصوت هادئ قوي..
.."..اللي حصل ياجدي ان مرات عمي المصون هي والتشين.. رتبوا مع بعض خطة محكمة عشان يوقعوا بيني وبين مراتي ..و عشان انا مراتي مخها طاقق نجحوا وخلوها تمشي وتسيبني من غير ماتسمعني..عرفت ياجدي ايه اللي حصل.."..
..هبت زهرة من مكانها واخذت تلوح بيدها تهتف بخوف..
.."..يعني ايه..ايمان فين ياابراهيم..راحت فين.."..
..هب ابراهيم هو الاخر واخذ يغدو بخطواته الواسعة يمينا ويسارا وهو يشرح ماحدث ثم وقف مكانه يمسح رأسه بقوة حتى كاد ان يقتلع شعره من جذوره..وهو يقول..
.."..اللي مجنني ان مافيش مكان ممكن تروحه غير بيتها في الحارة او هنا في الفيلا ..انا ماسيبتش مكان مدورتش فيه ..تبقى راحت فين بس.."..
..ظهر الوجوم بوجه الجد وهو يشبك اصابع يديه ببعضهما..أما زهرة فقد انتفخت اوداجها وشعرت ببركان غضب يفور بصدرها.. وبصوت غاضب قالت ..
.."..للدرجاتي يااصلي وصلت بيكي الدناءة والطمع انك تعملي كدة ..حبيبتي ياايمان ياترى انتي فين.."..
..قال الجد وهو ينظر للفراغ أمامه ..
.."..دور على مراتك ياابراهيم ومترجعش من غيرها..أما عمك ومراته فسيبهم ليا انا ..ان الاوان يقفوا عند حدهم ..كفاية عليهم لغاية كدة .."..
..خرج ابراهيم باتجاه غرفته وامسك بهاتفه يعاود الاتصال بصلاح ولكنه سب بصوت عال عندما اجابه الصوت الالكتروني بان الهاتف من الجائز ان يكون مغلقا او خارج نطاق الخدمة ..دلف لغرفته وصفق الباب بقوة وهو يهمس بداخله .."..انتي فين ياايمان ..الاقيكي بس وساعتها هاعلمك ازاي تهربي تاني.."..
********
..كانت ايمان تجلس بالاتوبيس الذي ركبته متجهة للحي الذي تقطن به ..مسحت دموعها بسرعة وهي تسب نفسها عندما تذكرت ماحدث للمرة الالف ..شعرت بمن يربت فوق كتفها فنظرت لتجد يد امراة عجوز والتي كانت تجلس بجانبها وبوجهها الباسم قالت..
.."..هونيها على نفسك يابنتي وقولي يارب من قلبك...وهو مش هيسيبك ابدا .."..
..نظرت ايمان للسيدة وحاولت ان ترسم على شفتيها ولو ابتسامة شاحبة ولكنها لم تستطع غير ان تردد بصوت خافت..
.."..ياارب.."
..وبعد برهة من الوقت وعند محطة نزولها ..نزلت من الاتوبيس وما ان اقتربت بخطوات بطيئة من حارتها وجدت صلاح حاملا حقيبة ملابسه متجها اليها بعد خروجه من الحارة وهو يشير لها باستفهام...
.."..ايمان.. ايه مالك ..جاية لوحدك ليه .."..
..وقفت ايمان بمكانها وودت لو انها ترتمي بحضنه لتبكي وتشكو اليه ولكنها قالت بلهفة ..
.."..خالي لو مسافر خدني معاك ..الله يخليك يا خالي .."..
..وقف صلاح بقبالتها ورمى بحقيبته ارضا ثم قال وهو يمسك بكلتا ذراعيها ..
.."..يابنتي انطقي مالك ..جوزك الجلف دا مزعلك ..تعالي معايا نروحله وانا هكسرلك دماغه قصادك .."..
..هزت راسها بالنفي وقالت وهي تحاول بصعوبة ان لا تبكي أمامه..
.."..هحكيلك على كل حاجة ..بس خدني من هنا ..انا مش عايزة حد يعرف مكاني عشان مش عايزة اشوف حد..بالله عليك ياخالي.."..
..هز صلاح رأسه باستسلام وقال..
.."..ماشي ..ماشي..هاخدك معايا .."..
..امسك بحقيبته وحاوط كتفها بذراعه العضلي الضخم وقال وهو يسير بها بجانبه..
.."..عايزك ماتفكريش في أي حاجة تزعلك..وحطي في راسك ان خالك موجود ومش هيخلي حد يقربلك ولا يمسك بسوء.."..
..وبابتسامة باهتة فوق شفتيها رددت ايمان ..
.."..ربنا يخليك ليا يا خالي .."..
..وبسيارة السفر الذي استأجرها صلاح جلست ايمان بجانب خالها واستندت براسها على زجاج نافذتها تنظر للطريق بعيون دامعة حتى شعرت بألم يضرب قلبها وهي تسمع الاغنية التي تصدح نغماتها عبر مسجل السيارة وهي تقول..
..*..سلااام ..
.. وانا همشي من سكات وبودع أملي فيك..
..ياحلم بسرعة فات لما اتعشمت فيك..
..جاية بسلم عليك ..ودعني بإهتمام..
..سلام انا تقريبا مشيت ..اشوف وشك بخير..
..انا تقريبا نسيت ..ومفارقك من كتير..
..بعد لقانا الاخير..مش بستطعم كتير..
..سلااااااام...*.........
..وبعد انتهاء الرحلة واقترابهما من الشارع الذي يقطن فيه منزل صلاح..
..امسك صلاح بكف ايمان التي كانت تسير بجانبه مغمضة العينين لتأخذ نفسا عميقا معبأ برائحة البحر لتقول بصوت هادئ يشوبه الكثير من الحزن..
.."..البحر ريحته حلوة اوي ياخالي ..مينفعش نروح نقعد قصاده شوية .."..
..اجابها صلاح بعد ان التوت شفتيه بابتسامة طفيفة ..
.."..الوقت اتأخر واحنا جايين من سفر ..بكرة تقعدي قدامه لغاية ماتشبعي .."..
..اقترب صلاح من بيته فلمحه صديقيه الذي همس احدهما للأخر ..
.."..آيوووه..شوف كابتن صلاح راجع من السفر وفي ايده صاروخ ..هو اتجوز ولا ايه .."..
..ليجيبه صديقه وهو يتمعن بتلك الفتاة الغريبة ويقول ..
.."..باين كدة ..بس معقولة يتجوز من غير مانعرف .."..
..لوح احدهما بذراعه عاليا يشير لصلاح وهو يصيح بصوت عال..
.."..حمدالله ع السلامة يابطل .."..
..توقف صلاح ليرى من القادم ناحيته فابتسم قائلا عندما توقف صديقيه بقبالته هو وايمان..
.."..الله يسلمك ياعمرو ..عامل ايه ياض منك ليه..."..
..تبادل المصافحة بينهما ليقول عمرو بعد ان اختلس نظرة جانبية لايمان التي لم تحاول حتى النظر اليهما..
.."..ايه يابطل نقول مبروك ..شكلك عملتها من ورانا كلنا واتجوزت.."..
..ضحك صلاح وقال وهو يحاوط كتفي ايمان ..
.."..لا ياسيدي متجوزتش ..دي ايمان بنت اختي اللي عايشة في القاهرة ..جيبتها معايا تقعدلها يومين .."..
..نظر صلاح لايمان واستطرد قوله ..
.."..اعرفك ياستي ..عمرو وطارق اصحابي وابطال بردو .."..
..نظرت ايمان لهما نظرات جامدة وهزت راسها وهي تردد بصوت هادئ..
.."..اهلا .."..
..التمعت عيني عمرو عندنا سمع صوتها واخذ يتمعن بملامحها الحزينة ليردد قائلا..
.."..اهلا بيكي ياأنسة ايمان..اسكندرية نورت .."..
..مد صلاح ذراعه ليزيح عمرو من امامه وهو يقول بنزق ..
.."..دا نورك ياخفيف ..سلام عشان جايين من السفر وتعبانين .."..
..فرك عمرو رقبته وهو ينظر لهما بعدما تخطاه وصاح مبتسما كالأبله وبصوت عال..
.."..سلام يابطل ..اشوفك بكرة.. "..
..فتح صلاح باب شقته واشار لايمان بالدخول وهو ورائها ثم قال بعد اغلاقه لباب الشقة ..
.."..كان نفسي اعرفك على امي ..بس زمانها نايمة دلوقتي.."..
..وضع صلاح حقيبته ارضا واستطرد قوله لايمان..
.."..انا هسيبك ربع ساعة بس اروح اجيبلك اكلة سمك جاهزة وهاجي على طول ..خدي راحتك ..بيت خالك هو بيتك ياايمان .."..
..اسرعت ايمان بمسك ذراع صلاح وهي تقول بصوت مرتعش..
.."..انا مش جعانة ياخالي والله ..وكمان سمك ايه اللي هناكله بالليل كدة..احنا لسة جايين من مشوار سخن وانت هتخرج تاني ..خليك ياخالي .."..
..تعجب صلاح من حالتها وامسك بذراعها متجها بها ناحية الاريكة وبعد ان جلسا قال وهو يربت فوق وجنتها ..
.."..عندك استعداد تحكيلي ايه اللي حصل واللي خلاكي تيجي معايا ومش عايزة حد يعرف انتي فين.. ولا لأ.."..
..اخفضت رأسها لاسفل وتهدلت اكتافها ثم بدات دموعها تنهمر فوق وجنتها دون ان تنبث بكلمة واحدة..
..تنهد صلاح ببعض الضيق وقال وهو يهز كتفها بهوادة ..
.."..متعيطيش واتكلمي ..عياطك دا بيخليني اتجنن زيادة وممكن دلوقتي ارجع القاهرة اكسر رقبة جوزك وارجعلك بيها.."..
..حاولت ان تبتسم ولكنها لم تستطع سوى ان تمسح دموعها وتبدأ قولها ..
.."..هاحكيلك على كل حاجة..من اول ماشوفته في الطيارة لغاية مانا قاعدة معاك دلوقتي .."..
..جلس صلاح وشبك ذراعيه وهو يستند بظهره على الاريكة ويقول ..
.."..وانا سامعك يابنت اختي .."..
..بدأت ايمان تحكي له منذ بداية معرفتها بعائلتها الثرية بعد وفاة والديها بثلاث سنوات ثم اضطرارها لقبول الزواج من ابن عمها تنفيذا لرغبة الجد خوفا على صحته اذا رفضت ..ثم التصادم بينها وبين افراد عائلتها الجديدة والمشاكل الجمة التي اوقعت فيها زوجها دون قصد منها.. تعلقها الشديد بجدها وعمتها حتى بكل من يعيش بالقصر كالسائق إمام والسيدة فاطمة وابنتها عائشة وكل العاملين هناك ..حتى تعلقها بالمناوشات التي تحدث مع مراد ..الى صدمتها الكبرى وكسر قلبها بما عرفته وشاهدته بمكتب زوجها التي وقعت بحبه دون ان تدري وتألمها الشديد عندما شاهدت حبيبته التركية تقبله وهي تخبره بأنها سوف تنجب منه قريبا..
..تقطب جبين صلاح وقال وهو ينظر لها بقوة..
.."..يعني انتي سيبتي جوزك وعيلتك والبيت والدنيا كلها.. ومشيتي كدة.. من غير حتى ماتسمعي من الطرف التاني.."..
..قطبت جبينها وضاق مابين عينيها وهي تقول..
.."..ايه الطرف التاني دا .."..
..زفر صلاح بضيق وهو يقول ..
.."..جوزك ..اللي مجرد انك شوفتي البت التركية معاه وبتكلمه ..سيبتيهم ومشيتي كدة.."..
..هبت ايمان لتقف وتقول بعصبية ..
.."..كنت عايزني استنى واسمع منه ايه تاني ياخالي اكتر من اللي شوفته بعيني.."..
..اخذت تغدو بأرجاء الصالة ذهابا وايابا وهي تلوح بيدها وتقول بحسرة ..
.."..ابن عمي المحترم ..ساب حبيبته وابنه اللي في بطنها عشان طمعان في الثروة اللي جدي كتبها باسمي..وانا اللي كنت بتعجب وبقول ..ايه اللي يخلي واحد اوبهة زيه يتجوز واحدة زيي ..اتاريه ضحك عليا بكلامه الحلو...بس انا اللي غبية وصدقته .."..
..هب صلاح بدوره ووقف وهو يهدر بها ..
.."..انتي فعلا غبية .."..
..تسمرت ايمان بمكانها بعد مااجفلها هدر صلاح بها واستطراد قوله بصوت غاضب..
.."..بصي ياايمان ..انا صحيح بستغلس جوزك ومش طايقه..بس بردو انا ليا نظرة في الراجل اللي قدامي واتعاملت معاه...الحكاية دي انا مش مستريحلها..في حاجة غلط..وانتي مغفلة انك مسمعتيش من ابراهيم .."..
..انهمرت دموعها وهي تقول بلا وعي وكانها لم تعي ماقاله صلاح..
.."..حامل ..طلعت حامل منه ياخالي .."..
..اقترب منها والغيظ يرتسم بوضوح فوق ملامح وجهه وقبل ان ينطق صدح صوت والدته وهي تقول بتوجس..
.."..مين اللي برة ...انت جيت ياصلاح يابني.."..
..صاح صلاح بصوت عال ..
.."..ايوة ياأمي ..دقيقة وجايلك .."..
..امسك صلاح بكتفي ايمان وهو يقول لها بصوت هادئ..
.."..نقفل دلوقتي ع الموضوع دا ..وتعالي اعرفك على امي ..الست هنية ..ست كبيرة وطيبة اوي ..بس خلي بالك انها بتنسى كتير ..يعني لو سألتك كذا مرة عن حاجة واحدة متستعجبيش ولا تضايقي .."..
..هزت ايمان رأسها بالايجاب وهي تمسح وجهها وتقول ..
.."..لا ياخالي متقولش كدة ..اضايق دا ايه...ربنا يخليها ويديها الصحة ويشفيهالك .."..
..نظر اليها صلاح بوجه باسم وربت فوق وجنتها ثم حاوط كتفها بذراعه وتمتم بصوت خافت وهو يتجه لغرفة والدته..
.."..طب تعالي معايا ..واستلقي وعدك.."..
..التفتت ايمان برأسها وهي تقول بتعجب ..
.."..نعم ياخالي ..بتقول حاجة.."..
..اجابها صلاح مسرعا ..
.."..لا ولا حاجة ..تعالي ..تعالي.."..
..دلف صلاح داخل الغرفة اولا متجها لفراش والدته ..التي كانت تجلس مرتدية جلبابها القطني وبيدها مسبحتها ذات الحبات اللؤلؤية باللون الازرق ..ابتسمت والدته وبوجهه بشوش قالت ..
.."..حمدالله ع السلامة ياقلب امك ..طولت الغيبة ياصلاح ..امك مش بتوحشك ياواد.."..
..جلس صلاح بجانبها وامسك بكف يدها وطبع قبلة قوية فوق ظهره وهو يقول ..
.."..مقدرش استغنى عنك ياست الحبايب ..بس انتي عارفة ..البطولات والسفر والتحضير للمشروع الجديد بتاعي في مصر.."..
..ربتت العجوز فوق وجنته بحب ولكنها لمحت تلك الفتاة الغريبة التي تقف متسمرة عند الباب تنظر اليهما بترقب ..فقالت العجوز وهي تمسك بأذن صلاح بقوة ..
.."..بتضحك عليا يابن بطني وتقول سفر وشغل ..وانت اتجوزت من ورايا وجايب عروستك معاك واقفة متنحة هناك اهي .."..
..ضحك صلاح وهو يمسك بيد والدته وقال ..
.."..عروستي ايه بس ياما ..دي ايمان بنت اختي منى الله يرحمها.."..
..نظرت العجوز هنية للفتاة التي لوحت لها بكفها وهي تقول ..
.."..ازيك ياحجة .."..
..افلتت العجوز اذن ولدها واشارت للفتاة بأن تتقدم ناحيتها ..
..تقدمت ايمان ناحية الفراش ليقف صلاح ويفسح لها مكانه لكي تجلس بجانب والدته ..ثم قال..
.."..اقعدي ياايمان وسلمي على ستك هنية .."..
..لم تحد عيني العجوز عن وجه ايمان وقالت ..
.."..انتي اسمك ايمان وتبقي بنت منى .."..
..هزت ايمان راسها بالايجاب وهي تقول .."..ايوة ياستي.."..
..عاودت العجوز اسئلتها وهي تميل بوجهها قبالة وجه ايمان وقالت بترقب..
.."..ستك أم أمك كانت حلوة يابت ولا كانت وحشة..اكيد كانت وحشة ..الله يرحمها بقى ..".
..ضاق مابين حاجبي ايمان التي صاحت وهي تعتدل بجلستها فوق الفراش..
.."..لا ياستي ..ستي ام امي الله يرحمهم هما الاتنين .. كانت زي القمر.."..
..امسكت العجوز بأذن ايمان واخذت تدفع برأسها يمينا ويسارا وهي تقول بغيظ ..
.."..هي مين دي اللي كانت قمر يابت انتي ..لو كانت قمر ياختي ..مكانش جدك سابها وطفش وجيه على هنا واتجوزني ..انتي مين يابت انتي.. وامك اسمها ايه .."..
..حاولت ايمان ان تتخلص من قبضة العجوز المتشبثة بأذنها وهي تقول ..
.."..ياستي خلاص ..حقك عليا ..ابوس ايدك سيبي ودني ..هتنخلع في ايدك.. انا ايمان بنت منى ..انتي نسيتي ولا ايه..انا مش عارفة ليه كل اللي عايز ينقرزني يمسكني من ودني..الحقني ياخالي.."..
..كتم صلاح ضحكاته بصعوبة.. فامسك بكتفي ايمان لتقف بقبالته بعد ان خلصها من قبضة والدته وقال ..
.."..تعالي معايا اوريكي الاوضة اللي هتنامي فيها.."..
..وعند باب غرفة ايمان بشقة صلاح صدح رنين هاتفه ..نظر صلاح لهاتفه وقال وهو يمط شفتيه بتعجب..
.."..رقم غريب.."..استطرد قوله وهو يضع الهاتف فوق اذنه ..
.."..الو ..مين معايا .."..
..وبصوت اجش قوي يخفي بين طياته لهفة واضحة قال ابراهيم ..
.."..انا ابراهيم سالم .."..
..نظر صلاح لعيني ايمان وهو يقول ..
.."..ابراهيم .."..
..كتمت ايمان شهقتها وظلت تقفز بمكانها وهي تلوح له بيدها بالنفي ..
..فحدق بها صلاح بنظرة قاتلة لكي تصمت ثم قال ..
.."..خير يااستاذ ابراهيم ..في حاجة.."..
..تقف ابراهيم بضيق وهو يقول ..
.."..ايمان يا استاذ صلاح ..بسأل على مراتي ..واللي اكيد هي معاك دلوقتي بعد ما مشيت من الشركة لوحدها من غير ماتقول لجوزها كلمة واحدة .."..
..اجابه صلاح دون وهو يحاول ان ينفض تلك التي تعلقت بذراعه وتحاول ان تقفز لتصل للهاتف وتسمع مايجري من حديث ..
.."..انا معرفش انت بتتكلم عن ايه..ومراتك معرفش هي فين ..اتفضل روح دور عليها ..سلام .."..
..اغلق صلاح الهاتف لينظر لتلك التي ارتسم بملامحها علامات حزن واضحة وقال ..
.."..ارتاحتي كدة .."..
..كان صدرها يعلو ويهبط بقوة وقالت بصوت يشوبه الكثير من العناد والغيظ..
.."..ايوة ارتحت ..انا ...انا مش عارفة هو بيسال عليا ليه من اصله.."..
..اجابها صلاح ساخرا وهو يدفع بها داخل الغرفة ..
.."..عشان واحد غبي ..زيك بالظبط .."..
..وأمام سرير صغير يقبع داخل غرفة تحوي القليل من الاثاث البسيط قال صلاح ..
.."..هجبلك حاجة من هدوم امي تلبسيها ...وبكرة ان شاء الله نروح نشتريلك كل لوزامك ..ارتاحي ومتشيليش هم حاجة ..مفهوم .."..
..التمعت عيني ايمان وقالت بصوت يشوبه الكثير من الحزن..
.."..ربنا يخليك ليا ياخالي.."..
واثناء ذلك نظر ابراهيم لشاشة هاتفه عندما قطع صلاح الاتصال بوجهه ..فزفر بارتياح وهو يقول ..
.."..الحمد لله .."..
..فقد فهم رسالة صلاح المستترة و ان كانت فظة بمحتواها ..
..نظر ابراهيم للباب عندما سمع بالطرقات فوق سطحه فبصوت عال قال..
.."..اتفضل.."..
..دلف مراد لغرفة ابراهيم والخزي يملأ عينيه وقال بصوت خافت ..
.."..انا اسف ياابراهيم ..اسف ليك ولايمان بالنيابة عن بابا وماما .."..
..ربت ابراهيم فوق كتف مراد ثم حاوطه وهو يقول..
.."..هي عمتي لحقت تحكيلك.."..
..رمى مراد بجسده فوق الكرسي وهو يقول بحزن..
.."..عمتي محكتليش حاجة ..انا سمعت من اصحاب الشان نفسهم .."..
..قطب ابراهيم جبينه وهو يجلس بقبالة مراد وقال ..
.."..ازاي يعني ..مش فاهم.."..
..تنهد مراد واخذ يروي لابراهيم ماحدث عندما ترك المكان الذي تعيش فيه الطبيبة اسيا ..الطبيبة التي ملكت قلبه منذ الحقنة الاولى والتي غرزتها بذراعه ..ولذلك قرر ان يفاتح ابويه حتى وان كان على خلاف معهما ولكن هذا قرار مصيري ويجب اشراكهما به فقرر الذهاب اليهما ..
..كان يضع كلتا كفيه بجيلي بنطاله ويصدر لحنا سعيدا من خلال شفتيه المضمومة عندما دلف داخل فيلا والده ..وجد الخادم يرحب به ترحيبا كبيرا ويقول..
.."..ياأهلا يامراد بيه ..البيت نور ..حمدالله ع السلامة.."..
..كان مراد يتعجب من نفسه ومن حالته التي وصل اليها من مجرد رؤيته للطبيبة اسيا وحديثه معها ولو لمجرد كلمات قليلة ..ابتسم وهو يقول للخادم ..
.."..الله يسلمك ..هو بابا في اوضته ولا في المكتب.."..
..اشار الخادم ناحية المكتب وقال ..
.."..في المكتب مع اصلي هانم .."..
..اسرع مراد ناحية المكتب عاقد العزم على فتح موضوع اسيا والتصميم على الارتباط بها مهما واجهته من صعوبات ..وعند اقترابه من باب المكتب الموارب استمع لابيه وهو يسأل والدته..
.."..انتي متاكدة انك خلصتي من البنت دي تماما .."..
..تأففت اصلي وهي تضع ساقها فوق الاخرى قائلة ..
.."..البنت مشيت من الشركة وحسب معلوماتي لحد دلوقتي .. انه مش لاقيها ..وحتى لو لاقاها البنت شافت بعينيها دليل خيانته ..واعتقد ان بنت بالعقلية دي مستحيل ترجعله بدافع الكرامة على الاقل .."..
..اشعل سمير سيجارته ثم قال وهو يشير لها باصبعه ..
.."..المهم عندي انها تفضل مختفية لحد معاد القضية ..وبعدها بقى ترجعله او هو يلاقيها ميهمنيش .."..
..استقام بوقفته وبوجه باسم اتجه الى زوجته وامسك بكفها ليطبع قبلة قوية فوق ظهر كفها وهو يقول ..
.."..بس برافو عليكي حبيبتي ..عرفتي تظبطيها صح وتطفشي البت البيئة دي من البيت والشركة .."..
..اتسعت عيني مراد واسرع بفتح الباب ليصيح بصوت عال غاضب ..
.."..ايه اللي انا سمعته دا ..دبرتي ايه يا اصلي هانم لبنت عمي .."..
..انتفضت اصلي بمكانها وهي تردد بإسم ابنها ..
.."..مراد.."..
..ليصيح سمير وهو يقف بقبالة ابنه..
.."..انت ايه اللي جابك هنا ..و ازاي تدخل كدة ومن غير ماتخبط او تستأذن ..قعدتك مع البنت الشوارعية خلاك تشرب وتتصرف زيها .."..
..تخطى مراد ابيه وقال عندما جثى فوق عقبيه أمام والدته التي تجلس بصمت ..
.."..سالتك ياماما ..عملتي ايه في ايمان خلاها تسيب البيت زي مقولتي واعترفتي من شوية.."..
..امسك سمير بكتف سترة مراد ليقف بقبالته وهدر بصوت غاضب أمام وجهه..
.."..انت مالك انت ..وازاي تجرؤ من الاساس وتسال والدتك سؤال سخيف زي دا ..انت مش كنت سايب البيت واخترت تكون مع جدك ضدي ..ايه اللي رجعك تاني..امشي اطلع برة.."..
..كان ينظر لوحه ابيه نظرات الم وخزي مما سمع منهما فقال.
.."..عارف يابابا انا لاخر لحظة حتى و انا في بيت جدي كنت معتبرك انت وماما نمبر وان في حياتي وان مهما كان ومهما حصل هرجعلكوا بالنهاية ..والدليل على كدة ان اول ماحسيت ان في حاجة جديدة في حياتي ظهرت وان الحاجة دي هي اللي هتسعدني ..جيتلكم عشان ابلغكم واخد رايكم ..لكن للاسف لقيت اتنين عماهم الطمع والجشع لدرجة انك ترفع قضية على جدي وكمان ماما تدبر مؤامرة تطفش بيها بنت عمي من بيتها وعيلتها .."..
..كز سمير اسنانه بقوة من شدة الغضب مما سمعه فدفع بإبنه ليصطدم ظهر مراد بالباب ..هبت اصلي وهي تقول بوجه ترتسم عليه ابتسامة مزيفة ..
.."..مراد حبيبي انت فهمت غلط ..لا انا و لا باباك لينا دخل باي حاجة حصلت للبنت دي .. "..
..اعتدل مراد بوقفته وقال ساخرا وهو يهندم سترته..
.."..اصلي هانم ..انا سمعت كل حاجة ..ومافيش داعي لادعاء البراءة المزيفة ..".
..صرخ به سمير وهو يتجه ناحيته ..
.."..اخرس ياكلب ..وامشي اطلع برة ..مش عايز اشوف وشك هنا تاني ..".
..هدرت اصلي بصوت باكي وهي تمسك بذراع زوجها ..
.."..لا ياسمير ..دا ابنك ..بليز ياسمير متخلهوش يمشي .."..
..اعطاهما ظهره ولكنه التفت برأسه وهو يمسك بمقبض الباب وقال بصوت جامد كنظرات عينيه ..
.."..انا همشي يابابا ..بس لعلمكوا انتو الاتنين ..اي محاولة منكم تجاه جدي او ايمان وابراهيم ..انا اللي هقف قصادكوا فيها ..وبكدة هيقولوا ماشابه اباه فما ظلم يابابا .."......