الفَصل الثَالت: أثَر الفَراشّة..

92 28 32
                                    


أذكر الله ♥

٢٣/٠٦/٢٠٢٣

مُلاحظة : الفصل يحتَوي على مقاطِع من الحاضِر فقط..

__________________

-" التَعلق يُذهب العقل و يفني جُل ما بالجَوفِ"

يُرِدد ديكابرِيو الكلِمات و هُو على يقينٍ أنه لن يفعل مِثل حماقة الحُب ، كُلما تذكر تِلك الشريدّة كَايت شعر بالغثيان ، اليَوم و قد قرّر الذّهاب إلى المسرحِ مع مِيلينا ..

-" يجتاحُني شعور بغيض ، يُشعرُني بالإختناق .!"

أردف بوهنٍ و رعشةٍ في صوتِه الرزين الى القابعة التي تُرتب الجَرائد و الكُتب المُبعثرة ، أعتقد أن جُل الحب الذي يقبع داخِله ترجمه على شكل هوس بالكُتب و الجرائِد ، هوسه التثقيفِي كما يُطلق عليه و يتفاخر بِه أمام مِيلينا..

عَلى المسرح المُظلم ترتجِل بخوفٍ و غبطةٍ في آن واحِد ، وقفةٍ ممشوقة و جمال لطيف بِهدوئها، تُلقي بالكلمات دون النّظر الى الجُمهور ،نَظراتُها غير ثابِتة بها بعض الخجل و الإتزان حيناً ، صوتُها فيهِ بعض الإرتِباكِ و الرجفَه ، خَجولة ، رقيقة ، نَقيض لما رآه ديكَابريو..

مُدّعية للدّماثة أو البجاحة ، يُناظرها القابع في الظلام بدهشة ، تعرّف عليها بعد ان أجزم أن لا تكون نفس الشخص ، شتمَها في داخل نفسه ؛ حانِقا مُرددا مَريضة، مُبتذلة..

انسَحبت مِن المسرح و طلائِع الإنهِزام و الفَشل بادِية عليهاَ ، عَلى يقينٍ تام ان حُلمُها ضاع ، تذَكرت يوم رؤيَتِها لديكَابريو فتبسّمت ، كَانت على يقين أن لا شَيء يبقى كما اعتاد ان يكُون ، ففراشات المَعدة في البِداية الدّالة على البهجَة و الحماس ستتقيؤها في نِهاية المطاف رهبةً من الذِكريات ..

-"هذا الذي يعجبك وأنت لا تعرفه، استمر في عدم معرفته.!"

عَلى رصيف الأمنيات تمشي بلا وِجهة مُطأطَأة الرأس بخيبة و حيرة ، يعتقِد الإنسان ان مُعظم حياته سيقضيها في جَو من الراحة و المسّرة ، على نقيض ذلك تجِده يُصارع من أجل حُلمه الذي لن يُحققه و في الأخير يُحاوِل جاهِداً حانِقاً أن يتأقلَم مع كُل حُلم يضعَه في طريقه بعد كُل مرة يتهاوَى فيها حُلمه المُستجّد..

يُصاب الإنسان بالإرهاق ليصبح سجيناً لذاته و مُعتقداتِه أن لا يستحق ان يشعُر بالسعادة و بعد كُل شعورٍ بأنّه سَويّ ، يندَم..

يُرهَق من المشي بلا وجهة ، بلا سبب ولا قوة ، لا يعلَم كيف بقى صامداً الى هذا الحد ، على مرفأ التعاسة يغوص و يغرق..

-" أرى التشمّت في أعيُن الأحبابِ سابقاً لا الآن ، أرى الإنتصار في أنظار الأقران في ضُعفي و قلة حيلتي ، أرى انعِكاسك في أدمُعي.."

اتساءل كيف ستكُون النهاية السعيدة لإنسان مِثلي ، تعوّد على الرفض و الخيبة ، على أن يخذلَه الطريق دائماً! ، أن يكُون نائماً دون تفكيراً مُفرطاً لأربع ساعاتٍ أو دهراً كاملاً من الأرقِ ، كيف هو الثبات دون رعشةِ يدٍ او تمتمةٍ و كلامٍ مغلوطٍ ذي نبرةٍ راجِفة..

كَيف ستكون العِلاقات الآمنة بالنسبة لكِ يا كايت و أنتِ المُتعودة على أن تكُونين مُرتجِفة رافضة الفِكرة ، رغم رغبتك المُميتة أن تعيشينَها..

كَيف ستكون الحَياة مُختلفة في نَظر إنسان لم تمنحه الحياة فُرصةً ليحيا ، فقط كان يتظاهر أنّه على قيدِ الحياة..

مِن زاوية أخرى خرجَ ديكابريو شِبه حانِقاً من رؤيتِها ، سألته ميلينا ما بِه فراح يصرخ بِها دون السّبب ، لا يُعقل ان انزِعاجه جُله فقط لرؤيتِه كَايت من زاوية نظرٍ أخرى..

-" مُنافقة ، مُبتذلة لا تَستهوينِي.!"

لقد رددتُ كُل عِبارات السُوء تُجاهكِ ، كُنت أرغب بمحوٓ تفاصيلك و كُل شيء يخصّك ، ليتنِي كُنت اعلم انه لن تنفع مَسبة و لا خشونةٍ على نقيض ذلك ليتَني احببتُك أولاً و قضيت معكِ دهراً و عُمرا أحِبك ، ألملِمُك أعوِضك عن شقاء السنين المُضنية..

تأخرت حتى وقعت لك ، في غرورك و برودتك ، في انتظارك حتى ذبلت ، في لامبالاتك حتى اصبحت مثلك..

معكِ فقط!
تمنيتُ ان نُنهي سوياً كومة َ الكتب المتكدسة دُفعة واحدة في مكانٍ واحد رغم مَعرفتي لِكرهك بالإستمرارية في فِعل شيء مُعين بشكلٍ رتّيب، و هوسِك الشّديد بالحركة..

مَعكِ فقط
تمنيتُ ان نتشارك أقداح القهوة التي نحبها سوياً ؛ فقط القهوة من كُنا نُحبه كِلانا،
ان نتشَارك السجائر التي تليقُ بيديكِ بشفتيكِ ، بمزاجكِ ، رغم اشمئزازي من منظركِ بها أول مرّة رأيتكِ..

كُنت أتمنى أن نتشارك الليل أيضاً أن لا ننام لأنني كَثير الأرق و التفكير ، أن نتأمل السماء في الدُجَى حتى يخرج الليل كُله منِي ، لأنني أدركتُ متأخِراً أن دّيجور اللّيلِ في قلبِي لا فِي عتمة الأُفُق..

_______________

• أثر الفراشة: استعارة لفظية عن ان الأشياء الصغيرة تؤثر بشكل متفاوت على شيء معقد
• دماثة: ليّن و سهل
• بجاحة: تكبّر و تباهِي
• شريدة: من التشّرد أي الطريد بلا مأوى
• الديجور: الظلام الحالك

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 16 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

كَابغرَاس.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن