༺1༻
«اليوم الواحد والثلاثون من شهر ديسمبر بلغت ما يناهز السادس والعشرين على هذه الأرض»
(سينثيا/KYNTHIA)
يناهز اليوم عيد ميلادى مجدداً.. يوم ممل بكل المقاييس لا يخلو من تيبس وجهى باسم لا يليق بى بتاتاً.. سينثيا لربما كان اسماً يونانياً لطيفاً عن القمر ولكنه لم يفى حقه بالتعبير عنى، فلربما لست بقمر وإنما ليلة كئيبة خلت من ضوء القمر فحسب..
أسمع أمى تنادينى لأنهض بينما أكون مستيقظة تماماً بالفعل، لطالما تظاهرت بالنعاس حينما تيقظنى فليس لى بإقلاق قلبها الرقيق، أشعر بأنها تعلم بالفعل مابى ولكننى فضلت التظاهر على الإعتراف بأننى مريضة، مريضة من الماضى والحاضر ولربما من المستقبل أيضاً
أعدت أمى كعكة كبيرة بمناسبة هذا اليوم المضجر
أكره الكعك..قد لا أكره مذاقه ولكننى أكره ما يأتى لأجله، فى كل مرة أتت إلى كعكة لم يكن أبداً يوماً جيداً بل نوبات متكررة من الأحداث السيئة تفسد يومى بأكمله..لا أبدو كذلك ولكننى طبيبة، أجل طبيبة تعانى من آثار الماضى ولم لا؟
.
.
.
«فى مكان ما على هذه الأرض»«يجلس بهدوء قرب إحدى نوافذ غرفته الباردة ويحمل بيديه كتاباً بدا صغيراً لكبر يديه يقلب صفحاته بتركيز»
(هيليوس/Ἥλιος)
يمر يوم ممل آخر أسهر كما العادة وكما لا يناسب اسمى تماماً، "الشمس"كما يعنى باليونانية أقرأ كتابى وحيداً فى غرفتى الباردة ككل إجازة.
أبلغ من العمر الثامن والعشرين ولازلت أعزب مامن نية لإدخال مسكينة إلى حياتى.
رغم إجازتى استمر هاتفى بالرنين بسبب أطباء متدربين يبدو بأن إجازتى لن تستمر طويلاً..تستيقظ على إثر صوت مشاجرة تحدث فى إحدى نوافذها المقابلة كالعادة.. وثقت به فخانها وخانها وقسى قلبه إلى أن نفذ صبرها.
تطلب الطلاق لأول مرة بعد شجارات مجهدة دامت لسنوات بينما ينظر هو غير مصدق لما يراه.. لربما ظنها خاتماً فى إصبعه لأنها أنجبت فحسب، ولكن ما تبقى من نفسها حطام عجز عن لملمته بعد أن كسرها لألاف المرات الدموع بعينيها بمظهر مثير للشفقة من كثرة أعمال المنزل وشقاوة أطفالها التوأم بينما يقف غير مصدق ببذلته الأنيقة وساعته الغالية ناظراً إليها كما لو أنها آفة..
- حتى متى؟ تظل تقتلنى حتى متى؟ لقد تعبت منك خيانة تلتها الآخرى حتى متى بحق الله؟ هل أحضرتنى عبدة من منزل أبى؟ أم أننى خنتك؟ حتى متى أيها الوغد الأحمق
- تأكلين وتشربين جيداً ولم أضربك قط ماذا تعنين بحتى متى؟
- آكل وأشرب جيداً؟ ماذا عنك أنت؟ أين أنت عندما أبكى؟ أتتحسر على ما تنفقه على؟ هل هم أبنائى وحدى؟! أين كنت عندما سهرت للعناية بأولادى؟ كنت ف حضن أحد العاهرات أليس كذلك؟ أتتسائل ما الخطب؟ أنا متعبة.. لقد مرضت منك أنت بسببك أنت بينما كل ما أسمعه كلماتك القاسية
أريد الطلاق، لن أرضى بسواه وأولادك لك أنت!!
صمت هو بعد أن ذاق القليل وليته ذاق الكثير، فما قالته لم يوفه حقه من العتاب.. التعب.. البكاء.
ترتشف قهوتها بنظرات خاوية بينما تستمع إلى شجارهما الأخير بينما يختبئ طفليها ف الغرفة خشية مواجهة الواقع.. واقع أنهما هُجرا فى هذه اللحظة الأليمة.
بعد حمامها الصباحى لملمت ثيابها معلنة مغادرة منزل والدتها بعد إجازة دامت أسبوعين، تنتطلق للمطار للحاق بطائرتها والذهاب إلى ألمانيا للعمل كطبيبة هناك بعد أن عملت فى مشفى فى سان فراسيسكو..
(سينثيا/KYNTHIA)
أجلس فى الطائرة بينما تجلس امرأة فى السبعينات إلى جانبى متيبسة الملامح مرهقة من الحياة وعلى ما يبدو قد أطلت إليها النظر فإذا بى أجدها تبادلنى النظرات
- أمتعبة أنتِ أيضاً يا صغيرتى؟ لم يحن وقتكِ بعد، لازلت ف العشرينات يصغيرة
- كان لجيلكم طعم مختلف سيدتى، فالآن يمشى الشباب بأوجه عشرينية بينما شابت قلوبهم وعقولهم من كثرة المسير.
"ابتسمت إلى بعطف غريب ظننتها لوهلة جدتى ربما"
- بنيتى لربما الحياة مرهقة ولكن هذا ما يكون عليه الأمر، فلتعيشى وتتأقلمى وتذكرى أن ليس كل العالم بالأبيض والأسود فكما تعلمين بينهما الرمادى وإذا به فى بعض الأوقات يتحول للوردى تارة وللأحمر تارة فلا تبتأسى كثيراً."نظرت إليها كثيراً بينما عادت هى إلى كتابها الصغير محاولة القراءة بنظارة عتيقة"
"أرهقها الزمن ولكنها تظل شغوفة هى الأخرى"
"أغلقت عيناى للاستعداد لارهاق قسم الطوارئ مجدداً فلن يكون الأمر بالهين أبداً"مرت اثنتا عشر ساعة على جلوسى على الطائرة أنام قليلاً وأراقب النوافذ قليلاً وها أنا ذا أرتجل إلى شوارع برلين بما فيها من أناس فاترة..
مررت بشقتى التى أجرتها صديقتى باتى لي، كانت شقة متوسطة الحجم بشكل كاف، الأثاث متناسق جيداً بينما يتشبع بالبنفسج ولمحة من الذهبى ولا ننسى الأبيض والأسود أيضاً
أفرغت حقيبتى بدولاب وجد بغرفتى ودخلت للاستحمام مجدداً..
أرتدى ثياباً تحمل ثناياها البساطة مع معطفى الأبيض بينما تطرق قدمى أول خطوة فى المشفى لأرى ما فيها من نظام وترتيب مجهزة بشكل جيد حقاً، دلفت إلى مكتبى بعد أن أرشدتنى إليه فتاة وجدت فى الاستقبال، ما إن جلست على كرسى لأسمع صوت جرس نجدة المريض والذى ليس بغريب على أذنى بتاتاً
- يرجى من الطبيبة سينثيا لوسيل الحضور إلى غرفة العمليات رقم 5 فى الحال.توجهت نحوها بسرعة كالبرق لأدخل بينما تلبسنى إحدى الممرضات ثوبى الأخضر بينما أنظر أنا إلى ملفات المريض قبل دخولى..
«بعد العملية و بضع أعمال أخرى»
"انتهى يومى اللعين أخيراً لم أكذب عند قولى بأن الأمر سيكون مرهقاً"
توجهت سينثيا إلى إحدى النوادى الخاصة بالسلاح لتستمر بإطلاق رصاصاتها بعنف على الدمية المسكينة بينما بجانبها رجل قد كان يطلق النار هو الآخر فإذا به يلتفت إلى من يطلق النار ليرى سينثيا بلا تعابير واقفة قد حكمت بالإعدام على الدمية.
- لو كانت الدمية تتحدث لكانت اشتكت عليكِ الآن
- حقاً؟ هل أخبرتك دمية بهذا؟
- ربما؟ أتظنين ذلك؟
- رجل غريب
- لربما الأغرب امرأة تطلق النار على دمية لتفريغ استيائها فى منتصف الليل
غادر هيليوس دون انتظار ردٍ منها بينما ناظرته هى من الخلف بتعابير أقرب إلى الإستمتاع ربما(هيليوس/ Ἥλιος)
انتهت إجازتى باكراً واضطررت للذهاب إلى العمل، أنهيت يومى المعتاد.. شربت قهوتى ولم أكد أنظر إلى هاتفى من كثرة العمل.
على أية حال، ذهبت إلى نادى السلاح كعادتى لأفرغ عقلى من أحاديثه المعتادة، مرت علي فتاة برائحة إكليل الجبل بخفة استغربتها ووقفت بجانبى لتطلق هى الأخرى.
إنها ماهرة بحق لم أرى يوماً امرأة هنا قادرة على التصويب بهذه الدقة فحادثتها.. كانت تعابيرها صامتة حزينة تفتقر إلى أى عاطفة أو جهد إضافى لهذا اليوم ولربما لكل يوم أيضاً بعد سماع جملتى الأخيرة ظهرت عليها بعض أثار الدهشة استغربتها أنا، فلم أظن أنها قد تتفاعل بأى حال من الأحوال
تركتها مع أفكارها بعد جملتى التى افتقرت إلى ترك شؤون الأخرين على حالها، لا أدرى لم قلت جملتى فلم يكن من عادتى أن أتدخل بغيرى بتاتاً
ذهبت إلى منزلى مجدداً ولكننى لم أحضر سيارتى اليوم ففضلت التمشى فى أركان الليل قليلاً إلى أن بلغت منزلى بعد الكثير والكثير من السير ومراقبة السيارات تمر علي
ما إن دخلت حتى وجدت العجوز تثرثر حول وجود جارة جديدة بالمنزل المجاور لى༺ To be continued ༻
أنت تقرأ
ما بين الثرى
Romanceقصة حب بين اثنين جمعهما الاكتئاب.. . . «أُحِبُكِ كَمَا لَمْ أُحُبِبْ أَحَدَاً مِنْ قَبْل,وكَيفَ وجَمَالُكِ آسِرٌ اتْفَقَ قَلْبِى وعَقْلِى عَلَيهِ دُونًا عَنْ كُلِ السَائِرينَ عَلَى هَذهِ الدُنْيا الفَانِية.» . . غلف الاكتئاب قلوبهم فإذا بثنايا الحب...