في طي الكتمان
الفصل السادس
جنون حقيقي
لم استطع ان اتحرك تجمدت اطرافي قرب جثة ولدي تجمد الفك واللسان والتصقت بالارض ووجهي على يد ولدي التي امسكها بيدي
كنت اريد ان اصرخ بل اني تمنيت ان اصرخ لكني لم استطع كان الفك كأنه تم خياطته على بعضه
حاولت ولمدة طويلة احاول ان ارفع جسدي ولا استطيع اشرقت الشمس وانا ملتصقة بالارض قرب ولدي رأيت زوجي يمشي متجها الي وهو ينادي ويسب
_انهضي مابكي هي هي هي
لكني كنت اراه وانا متجمدة لا استطيع الحراك
رايته يصعد درجات الدكة ويتجه لي ودفرني برجله هنا فقط بدأت اشعر اني استطيع الحركة ولو لشيء يسير حين شعر اني محطمة متجمدة مد يده لي ولمس يدي كانت يدي باردة اكثر من برودة يد ولدي التي كنت امسكها
صرخ بي مابك يا امرأة اشرت بيدي لولدي وانا اووووون ونين مطعون بين اضلعه
فرفع عن وجه ولدي الغطاء وصرخ مرعوبا وتراجع للخلف وهو يصرخ الله اكبر الله اكبر الله اكبر
وخلال لحظات كانت القرية كلها قد حشرت في بيتنا
ومضت ايام العزاء مسرعة
لكني كنت في عالم ثاني ليس لي اي علاقة بالواقع حولي كل مايدور في ذهني شيء واحد فقط هو قتل سهيل وابادة اسرته جميعا
نعم قررت في داخل نفسي قتلهم لكن كيف ومتى هذا ما لا اعرفه ولا اعرف كيف انفذه
لكني في ثالث ايام العزاء سمعت من الناس ان سهيل يتصرف تصرفات غريبة
والناس بدات تتكلم عن تصرفاته الغريبة
مثلا
يتحدثون وهم يكتمون ضحكاتهم ان سهيل ينزع ثيابة ويجلس في الطرقات كانه في التواليت
وانه يحمل عصا ويركبها كحصان كتصرفات طفل صغير
خفق قلبي بعنف وخفت ان يكون هذا صحيح فعلا فلو كان صحيحا اذاً لاقيمة لاي انتقام منه
وبعد ايام تأكدت فعلا ان سهيل فقد عقله فعلا بعد ان راقبته لأشهر
اين مايذهب اذهب خلفه واسمع كلماته
واسال نفسي لماذا فقد عقله
لماذا وكيف وما السبب لا ادري
سهيل مجرم حقير ليس له ايه علاقة بضمير او باخلاق تجعله يندم فيجن بسبب الندم اذن لماذا فقد عقله
هذا مالم اعرفه ولم اقتنع بهبعد مقتل نافع باشهر ومع بداية الشتاء توفي زوجي وهو يلعنني
و لا اعرف سر كره زوجي لي
ربما ان القلوب مرايا تعكس على بعضها كل ماعليها
ربما ان قلبع كان يخبره كم انا احتقره واكرهه
ربما لان المجتمع يفرض على الرجل ان يدعي كره المرأة والانتقاص منها في مجتمعي الذي لا اعرف كيف اصفه
لدرجة ان هناك صورة نمطية للرجل وهو ينادي زوجته ب يولي
ذلك المجتمع الذي يعتبر ان متعة الزواج هي من حق الزوج فقط وان الزوجة اذا شاركته تكون وقحة دنيئة النفس عديمة الحياء ورغم كل العذابات التي عشتها مع زوجي لاكثر من عشرين عاما فقد مات اخيرا وانطوت صفحته مثل الكثير من البشر حين يعيش حياته كلها وهو عبارة عن شيء قذر يؤذي كل من حوله وهو غافل تماما عن لحظة
لحظة واحدة تحيله الى مجرد جيفة مقبورة في حفرة عميقة بعيدة عن العيون ليتفسخ ويفنى كاي قذارة في هذه الحياة وحيدا في تجويف بعيد عن الاعين
لم اشفق عليه ولم احزن لفراقه رغم ذلك الفراغ الكبير الذي حصل لي
فبعد ان كان لي ولد وزوج اطبخ لهم
واجالسهم وخصوصا ولدي الذي كان يمليء حياتي
حركة ونشاط
اصبحت وحيدة تماما ليس لي هدف الا مراقبة سهيل
وعشت بعد موت زوجي سنة وانا امشي خلف سهيل اراقبه وأمتع عيني برؤيته وهو يتصرف بجنون ثم اكتشفت ان التشفي لايشفي الجروح واني خسرت ولدي ورؤيته عريسا ورؤية اولاده يلعبون حولي
لكني رغم كل شيء كنت اشعر بروحي تصبح خفيفة حين ارى سهيل وهو ياكل من الاوساخ ويمشي حافيا رغم ان زوجته واولاده كانوا في بداية الامر يركضون خلفه ويأخذونه معهم للبيت لكنه سرعان ما يهرب منهم لينطلق حافي القدمين عاري الراس وعينيه شاردتين وانا في شك وريبة من كل هذا
الى تلك الامسية من ايام تموز بعد اكثر من سنة من مقتل نافع
حين لمحت سهيل ينزل للنهر فخرجت مسرعة خلفه لاراه كعادتي
رايته نزل للشاطيء وجلست انا خلفه بين البردي اراقبه كان جالسا وقد وضع قدميه في الماء وهو يتصرف كطفل صغير
يلعب بالماء ثم رايته فجأتا نظر الى الماء وقرب راسه من الماء وكانه يرى شيء داخل الماء ثم صرخ وارتعب ورجع للخلف وهو يعض اصابعه ويصرخ اتركيني اتركيني ولشدة خوفه ورعبه انا نفسي ارتعبت لكن رعبي كله تلاشى حين سمعته يحدث طيفا لا اراه ويتوسل به ان يسامحه
ويقول لها فهومة سامحيني اقسم اني لن افعلها ثانيا فهومة انا نادم كثيرا اتركيني ارجوكي ثم يروي كيف قتل فهمومة ومن هي فهومة يومها فقط عرفت ان سهيل قتل امي ايضا لماذا لم اكن اعلم الا بعد مراقبتي له عد اشهر حين اكتشفت انه كان يطارد امي رغم ان امي اكبر منه بكثير لكنه كان انسان فاسد لاكبيرة تقف بعينه ولا متزوجة وليس لديه اي مقدس
رغم ان مجتمع الموصل بصورة عامة ليس له اي علاقة بامرأة متزوجة ويعتبرها محرمة كالاخت والام
لكن حقا حقا في كل مدينة مزبلة وكان سهيل مزبلة الموصل
كنت اجلس خلفه وهو يحدث طيف امي ويصف كيف قتلها وكيف دفنها في قبر ضحل يومها عرفت اين ذهبت امي وكيف اختفت وعرفت ايضا انه اعتدى عليها بعد قتلها
تذكرت كل الويلات التي حطت على رؤسنا بسبب موت امي كنت اجلس خلفه بين الاحراش وابكي بمرار واسال نفسي لماذا تسلط هذا المخلوق علينا في قريتي سريهان و حكيمة لماذا نحن دون الناس جميعا لكني بعد مدة اكتشفت ان سهيل كان قد اعتدى على كل القرى المحيطة بسريهان وحكيمة من سرقة واغتصاب وقتل وكل ما لا يخطر ببال وان السر وراء عدم افتضاح امره انه كان يفعل كل شيء بنفسه لوحده دون مساعدة اي احد
بعد ذلك بثلاث سنوات
حين ماتت زوجة ابي قررت الرجوع للسكن قرب اخوتي لكني بدأت فعلا بفقدان البصر
الذي بدأ كأن غشاوة تغشى العين ثم انطفأت عيناي مرة واحدة واصبت بالعمى الرمادي
فارسلت الى اخوتي وجائوا وارجعوني الى سريهان وها انا ذا انتظر موعد موتي بفارغ الصبرعلى الطرف الاخر
بدأ ابناء سهيل يسالون ويبحثون عن رضوان وذات مساء امسكوا به قرب البستان وساله ابناء نذير ماذا تريد منا ولما تسال عن جدنا اعتذر رضوان منهم ليس خوفا بقدر ما هو خوف ان يعلم والده ويقول له ها قد اوقعتنا في ورطة
قال لهم
_كل يوم ياتي جدكم الى دكاني وانا اعتني به جيدا اطعمه واسقيه واحيانا
يجلس ويحدثني احاديث مختلف فاحببت ان اتاكد من
بعض ماحدثني عنه هل هو حقيقة ام كلمات مجنون
لهذا سالت كبار السن عن بعض مايقوله
قبل الشباب اعتذار رضوان وانصرفوا يهدوء وظن رضوان
ان الامر مر وانتهى
لكن الامر ابدا لم ولن ينتهي بهذه البساطةفمن سأل عما لايعنيه وقع فيما لايرضيه