ليل سرمدي..

66 4 14
                                    

الليل جامح عكس ما يبديه من سكون..هكذا هو يتميز بالجنوح..
تحت ستار السماء السوداء كل شيء مباح..
كل الآثام المحترقة بشمس الظهيرة تفر إلى ظلمة المساء لتنتعش..فإن قويت شوكتها أظهرت نفسها بتجبر في النهار..

كلهم في الليل عالقون..يوسف عالق في جرائم الليل و يحاول التطهر بالبقاء تحت الأشعة الذهبية..فإنا تفنى ذنوبه أولا أو يسقط هو صريعا جزاء لما فعل..

أما زين فنصفه في النور و نصفه في الظلال..لا يستطيع أن ينفذ حكمه على حبه..لا يقدر على دفن زهرته العاصية في ظلمة كاملة و لا أن يخرج فيتحدى بحبها حرارة الأيام و الأنفس..

و بالنسبة ل إيران فهو رجل الجدران و النوافذ..يبقى مسافته بما يخول له الحصول على مقادير محسوبة مما يريد..أبنيته لا تزال تحت الإنشاء تماما كمشاعره..
حجر من غضب و آخر من قوة و ثالث من جموح و عنفوان يشبهان الجنون..

و أمير..أمير رجل المشرط، الخيط و الإبرة..مسكين..ليله طويل يقدر لعشر سنوات كاملة أو يزيد..يفر من جرح إلى جرح..و من بدن إلى بدن و من مشرط إلى مشرط..يحصد التصفيق متناسيا أن أصل المأساة في روحه..
أصل الدماء المتناثرة على ملابسه من جسده و ليس من شق في أديم الآخرين..

بيان..بيان الفارس..خيال الأيام و الليالي..
صاحب النبل، الجموح، القسوة، اللهفة، الرحمة..
صاحب المشاعر المتأججة خلف جبال الجليد في قلبه..
صاحب العدالة..صاحب سديم..
صاحب لكل شيء و النقيض..

سديم صاحبة الليل في حد ذاته..تسامره و يسامرها..تحكي له و يحكي لها..يغادر جسدها كل صباح إلى شؤون الدنيا و تبقى روحها تؤنس الليل في وحدته..
سديم هي حقيقة الليل..و الليل هو أكبر جزء من حقيقة سديم..
تستطيع أن تكون نفسها فقط إن حل المساء..و المساء في حضورها له طعم مختلف..
###

-" ماذا تفعلين؟! "

سأل بيان إذ لاحظ أنها شغلت غلاية المياه الكهربائية..

-" إن كنت لا تمانع فإنني أود مشاهدة شروق الشمس معك..الوقت قد تأخر على أي حال و إن نمنا الآن لا نستطيع أن نقوم للصلاة..
ما رأيك؟! نتسامر قليلا..أشتاق إلى صحبتك وسط كل هذا العبث.."

أتسأله؟! هل يملك هو قدرة على الاعتراض؟! أي مجنون يرفض مقاسمة رداء الليل مع حبيبه سمرا، عشقا و حديثا؟!
أي بشر لا يزداد جوعا و ظمئا إلى معشوقه..إلى حبيبه؟!

أومأ هو برأسه إيجابيا..يحاول أن يجمع الأحاديث في عقله..بقدر ما يود أن يستمتع باللحظة معها دون هموم إلا أن علامات الاستفهام في عقله لا تنفك تضايقه و تعكر عليه صفوه..

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن