لعنة التناقض

قتال من طرف واحد

تنهد مورن مجدداً في استياء ممزوج بالسخرية ثم قال:

"يارجل هل ظننت أنك قلبت الدنيا بتحرير نفسك من الحبال أنظر حولك كل من تراهم حولك  هم رجالي وأنت ليس لديك حتى فأراً تحتمي به  لذا مت بسرعة ولا تتعبنا . "

ثم أعطى ظهره لميدو بعدما ضمن النصر وراح يفكر بعمق كيف سيقنع السيد أركون بما حصل ، بدأ ميدو يتراجع للخلف شيئاً فشيئاً على أرض المنزل الخشبية ويصدر مع كل خطوة صريراً مزعجاً وهو يتجه نحو الباب لعله يجد مخرجاً له أو فرصة تعينه على الهرب من هذا المأزق فقد أيقن أنه لن يستطيع هزيمتهم لوحده إلا أن تعثرت قدمه بشيء على الأرض فسقط و اندثر الغبار وتبعثر في المكان، فنظر ليرى جثتين هامدتين قد طعنتا حتى الموت في صدريهماوقد بدا من ملابسهما التي غطتها الدماء أنهم من أهل الريف أحدهما لرجل وآخر لطفل وبجانبهما قطعتين من الخبز وصحن من اللبن فصرخ ميدو مذعوراً من هذا المنظر فهو لم يعتد بعد على مناظر الجثث خصوصاً بأنها تذكره بجثة أخيه المتوفي ثم قال :

"ماهذا . "

أزاح مورن نظره على صراخ ميدو لينظر ماذا حدث فعندما رأى الجثتين أشار بيده وقال باحتقار وتهكم :

"آااه هذا رجل فقير مع ابنه كانو يقطنون هذا البيت لا داعي للخوف إنهم أموات "

" وهل وهل أنت من قتلهم "

" بالطبع لقد خلصتهم من حياة الفقر والهوان عليهم أن يشكروني على ذلك "

"وهل وهل أزهقت روحهم هكذا دون سبب يذكر . "
قال ميدو بعدما بدا عليه الخوف الشديد .

"وهل يجب أن أنتظر سبباً كي أقوم بقتلهم هذه مشكلتهم أنهم كانو هنا ، رأوني ، خافوا ، هربوا ليستنجدوا ، قتلتهم ، أأحتاج سبباً أكبر من هذا لكن لا تخف ستنام بجانبهم بعد قليل فأنت وهم (يقصد أهل الريف ) لستم سوى فئراناً متطفلة لا حاجة لنا بكم .

وضع ميدو كفيه على وجهه وهو يزيح نظره ويتلفت حول الجنودوقد بدا عليه ملامح الذعر  وهو يقول :

"وهل كلكم فعل ذلك أيضاً ألا تدركون ثمن الروح التي تزهقونها ."

لكن آذان الأعداء المشبعة بالطغيان والفساد لم تفهم معنى تلك الكلمات واتخذوها سخرية وضحك ظناً منهم أنه يهلوس .

"لا لا لا يمكن حدوث ذلك أنتم أنتم ...... "

بدأت بعض أفكار الماضي تتناطح في رأس ميدو ثم اصطفت واستقرت عند مشهد لرجل ببدلة بيضاء ناصعة كبدلة الأطباء يربت على رأسه حينما كان طفلاً وهو يقول :

"العالم قائم على المقاضاة يا ميدو فعندما تأخذ شيئاً ما يجب أن تقاضيه بنفس ثمن ذلك الشيء والروح هي جوهر النفس الحية ولا يمكن أن تقدر  لها ثمن سوى روح نفس أخرى . "

ثم مالت الذكريات نحو ذكرى أخرى لميدو وهو يمسك رأس أفعى ضخمة سوداء قاتمة اللون وعينه اليمنى قد نقشت فيها علامة ذلك الوحش بلون أحمر يميل إلى القرمزي وهو يضربها بحجر كبير أكبر من كف يده يحمله بلؤم وقسوة وهي تصيح وتتمايل محاولة تحرير نفسها وهو يقول بنبرة فارغة كأنه غائب عن الوعي :